١٦ثم قال تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} قال صاحب "الكشاف" وقرىء نبطش بضم الطاء وقرأ: الحسن نبطش بضم النون كأنه تعالى يأمر الملائكة بأن يبطشوا بهم والبطش الأخذ بشدة، وأكثر ما يكون بوقع الضرب المتابع ثم صار بحيث يستعمل في إيصال الآلام المتتابعة، وفي المراد بهذا اليوم قولان: القول الأول: أنه يوم بدر وهو قول ابن سمعود وابن عباس ومجاهد ومقاتل وأبي لعالية رضي اللّه تعلى عنهم، قالوا إن كفار مكة لما أزال اللّه تعالى عنهم القحط والجوع عادوا إلى لتكذيب فانتقم اللّه منهم يوم بدر. والقول الثاني: أنه يوم القيامة روى عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما أنه قال: قال ابن معسود: البطشة الكبرى يوم بدر، وأنا أقول هي يوم القيامة، وهذا لقول أصح لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف بهذا الوصف العظيم، ولأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة لقوله تعالى: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} (غفر: ١٧) ولأن هذه البطشة لما وصفت بكونها كبرى على الإطلاق وجب أن تكون أعظم أنواع البطش وذلك ليس إلا في القيامة ولفظ الانتقام في حق اللّه تعالى من المتشابهات كالغضب والحياء ولتعجب، والمعنى معلوم واللّه أعلم. |
﴿ ١٦ ﴾