٣

فذلك قوله: ويرزقه من حيث لا يحتسب ويجوز أنه إن اتقى اللّه وآثر الحلال والصبر على أهله فتح اللّه عليه إن كان ذا ضيق {ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال في "الكشاف": {ومن يتق اللّه} جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة كما مر.

وقوله تعالى: {ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه} أي من وثق به فيما ناله كفاه اللّه ما أهمه، ولذلك قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على اللّه" وقرىء: {إن اللّه بالغ أمره} بالإضافة {ما أمره} أي نافذ أمره، وقرأ: المفضل {ما أمره}، على أن قوله {قد جعل} خبر {ءان}، و {مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه إن اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكل شىء قدرا} أي تقديرا وتوقيتا وهذا بيان لوجوب التوكل على اللّه تعالى وتفويض الأمر إليه، قال الكلبي ومقاتل: لكل شيء من الشدة والرخاء أجل ينتهي إليه قدر اللّه تعالى ذلك كله لا يقدم ولا يؤخر.

وقال ابن عباس: يريد قدرت ما خلقت بمشيئتي،

وقوله: {فإذا بلغن أجلهن} إلى قوله: {مخرجا} آية ومنه إلى قوله: {قدرا} آية أخرى عند الأكثر، وعند الكوفي والمدني المجموع آية واحدة

ثم في هذه الآية لطيفة: وهي أن التقوي في رعاية أحوال النساء مفتقرة إلى المال، فقال تعالى: {ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا} وقريب من هذا قوله: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} (النور: ٣٢)

فإن قيل: {ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه} يدل على عدم الاحتياج للكسب في طلب الرزق،

وقوله تعالى:

{فإذا قضيت الصلواة فانتشروا فى الارض وابتغوا من فضل اللّه} (الجمعة: ١٠) يدل على الاحتياج فكيف هو؟

نقول: لا يدل على الاحتياج، لأن قوله: {فانتشروا فى الارض وابتغوا من فضل اللّه} للإباحة كما مر والإباحة مما ينافي الاحتياج إلى الكسب لما أن الاحتياج مناف للتخيير.  بم ثم قال تعالى:

﴿ ٣