٣

الصفة الثانية: قوله: {وإن لك لاجرا غير ممنون}

وفي الممنون قولان:

أحدهما: وهو قول الأكثرين، أن المعنى غير منقوص ولا مقطوع يقال: منه السير أي أضعفه، والمنين الضعيف ومن الشيء إذا قطعه، ومنه قول لبيد:

( غبش كواسب ما يمن طعامها)

يصف كلابا ضارية، ونظيره قوله تعالى: {عطاء غير مجذوذ} (هود: ١٠٨).

والقول الثاني: وهو قول مجاهد ومقاتل والكلبي، إنه غير مقدر عليك بسبب المنة، قالت المعتزلة في تقرير هذا الوجه: إنه غير ممنون عليك لأنه ثواب تستوجبه على عملك، وليس بتفضل ابتداء،

والقول الأول أشبه لأن وصفه بأنه أجر يفيد أنه لا منة فيه فالحمل على هذا الوجه يكون كالتكرير، ثم اختلفوا في أن هذا الأجر على أي شيء حصل؟ قال قوم معناه: إن لك على احتمال هذا الطعن والقول القبيح أجرا عظيما دائما

وقال آخرون: المراد إن لك في إظهار النبوة والمعجزات، في دعاء الخلق إلى اللّه، وفي بيان الشرع لهم هذا الأجر الخالص الدائم، فلا تمنعك نسبتها إياك إلى الجنون عن الاشتغال بهذا المهم العظيم، فإن لك بسببه المنزلة العالية عند اللّه.

﴿ ٣