١{لا أقسم بيوم القيامة}. في الآية مسائل: المسألة الأولى: المفسرون ذكروا في لفظة {لا} في قوله: {لا أقسم} ثلاثة أوجه: الأول: أنها صلة زائدة والمعنى أقسم بيوم القيامة ونظيره {لئلا يعلم أهل الكتاب} وقوله: {ما منعك أن * لا تسجدوا * فبما رحمة من اللّه} (آل عمران: ١٥٩) وهذا القول عندي ضعيف من وجوه: أولها: أن تجويز هذا يفضي إلى الطعن في القرآن، لأن على هذا التقدير يجوز جعل النفي إثباتا والإثبات نفيا وتجويزه يفضي إلى أن لا يبقى الاعتماد على إثباته ولا على نفيه وثانيها: أن هذا الحرف إنما يزاد في وسط الكلام لا في أوله، فإن قيل: (فالـ)ـكلام عليه من وجهين: الأول: لا نسلم أنها إنما تزاد في وسط الكلام، ألا ترى إلى أمرىء القيس كيف زادها في مستهل قصيدته وهي قوله: ( لا وأبيك ابنة العامري لا يدعى القوم أني أفر ) الثاني: هب أن هذا الحرف لا يزاد في أول الكلام إلا أن القرآن كله كالسورة الواحدة لاتصال بعضه ببعض، والدليل عليه أنه قد يذكر الشيء في سورة ثم يجيء جوابه في سورة أخرى كقوله تعالى: {وقالوا يأيها * أيها * الذين *نزل عليه الذكر إنك لمجنون} (الحجر: ٦) ثم جاء جوابه في سورة أخرى وهو قوله: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} وإذا كان كذلك، كان أول هذه السورة جاريا مجرى وسط الكلام والجواب عن الأول: أن قوله لا وأبيك قسم عن النفي، وقوله: {لا أقسم} نفي للقسم، فتشبيه أحدهما بالآخر غير جائز، وإنما قلنا: إن قوله لا أقسم نفي للقسم، لأنه على وزان قولنا لا أقتل لا أضرب، لا أنصر، ومعلوم أن ذلك يفيد النفي. والدليل عليه أنه لو حلف لا يقسم كان البر بترك القسم، والحنث بفعل القسم، فظهر أن البيت المذكور، ليس من هذا الباب وعن الثاني: أن القرآن كالسورة الواحدة في عدم التناقض، فإما في أن يقرن بكل آية ما قرن بالآية الأخرى فذلك غير جائز، لأنه يلزم جواز أن يقرن بكل إثبات حرف النفي في سائر الآيات، وذلك يقتضي انقلاب كل إثبات نفيا وانقلاب كل نفي إثباتا، وإنه لا يجوز وثالثها: أن المراد من قولنا: لا صلة أنه لغو باطل، يجب طرحه وإسقاطه حتى ينتظم الكلام، ومعلوم أن وصف كلام اللّه تعالى بذلك لا يجوز القول الثاني: للمفسرين في هذه الآية، ما نقل عن الحسن أنه قرأ، لأقسم على أن اللام للابتداء، وأقسم خبر مبتدأ محذوف، معناه لأنا أقسم ويعضده أنه في مصحف عثمان بغير ألف واتفقوا في قوله، ولا أقسم بالنفس اللوامة على لا أقسم، قال الحسن معنى الآية أني أقسم بيوم القيامة لشرفها، ولا أقسم بالنفس اللوامة لخساستها، وطعن أبو عبيدة في هذه القراءة وقال لو كان المراد هذا لقال: لأقسمن لأن العرب لا تقول: لأفعل كذا، وإنما يقولون: لأفعلن كذا، إلا أن الواحدي حكى جواز ذلك عن سيبويه والفراء، واعلم أن هذا الوجه أيضا ضعيف، لأن هذه القراءة شاذة، فهب أن هذا الشاذ استمر، فما الوجه في القراءة المشهورة المتواترة؟ ولا يمكن دفعها وإلا لكان ذلك قدحا فيما ثبت بالتواتر، وأيضا فلا بد من إضمار قسم آخر لتكون هذه اللام جوابا عنه، فيصير التقدير: واللّه لأقسم بيوم القيامة، فيكون ذلك قسما على قسم، وإنه ركيك ولأنه يفضي إلى التسلسل القول الثالث: أن لفظة لا وردت للنفي، ثم ههنا احتمالان الأول: أنها وردت نفيا لكلام ذكر قبل القسم، كأنهم أنكروا البعث فقيل: لا ليس الأمر على ما ذكرتم، ثم قيل أقسم بيوم القيامة، وهذا أيضا فيه إشكال، |
﴿ ١ ﴾