ÓõæÑóÉõ ÇáúÛóÇÔöíóÉö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÓöÊøñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð تفسير الفخر الرازي (التفسير الكبير) مفاتيح الغيب - الإمام العلامة فخر الدين الرازى أبو عبد اللّه محمد بن عمر بن الحسين الشافعي (ت ٦٠٦ هـ ١٢٠٩ م) _________________________________ سورة الغاشيةوهي عشرون وست آيات مكية _________________________________ ١اعلم أن في قوله: {هل أتاك حديث الغاشية} مسألتين: المسألة الأولى: ذكروا في الغاشية وجوها أحدها: أنها القيامة من قوله: {يوم يغشاهم العذاب} (العنكبوت: ٥٥) إنما سميت القيامة بهذا الاسم، لأن ما أحاط بالشيء من جميع جهاته فهو غاش له، والقيامة كذلك من وجوه الأول: أنها ترد على الخلق بغتة وهو كقوله تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب اللّه} (يوسف: ١٠٧)، والثاني: أنها تغشى الناس جميعا من الأولين والآخرين. والثالث: أنها تغشى الناس بإلهوال والشدائد القول الثاني: الغاشية هي النار أي تغشى وجوه الكفرة وأهل النار قال تعالى: {وتغشى وجوههم النار} (إبراهيم: ٥٠) ومن فوقهم غواش} (الأعراف: ٤١) وهو قول سعيد بن جبير ومقاتل القول الثالث: الغاشية أهل النار يغشونها ويقعون فيها والأول أقرب، لأن على هذا التقدير يصير المعنى أن يوم القيامة يكون بعض الناس في الشقاوة، وبعضهم في السعادة. المسألة الثانية: إنما قال: {*} (الأعراف: ٤١) وهو قول سعيد بن جبير ومقاتل القول الثالث: الغاشية أهل النار يغشونها ويقعون فيها والأول أقرب، لأن على هذا التقدير يصير المعنى أن يوم القيامة يكون بعض الناس في الشقاوة، وبعضهم في السعادة. المسألة الثانية: إنما قال: {هل أتاك} وذلك لأنه تعالى عرف رسول اللّه من حالها، وحال الناس فيها ما لم يكن هو ولا قومه عارفا به على التفصيل، لأن العقل إن دل فإنه لا يدل إلا على أن حال العصاة مخالفة لحال المطيعين. فأما كيفية تلك التفاصيل فلا سبيل للعقل إليها، فلما عرفه اللّه تفصيل تلك الأحوال، لا جرم قال: {هل أتاك حديث الغاشية}. ٢انظر تفسير الآية:٣ ٣أما قوله تعالى: {وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة} فاعلم أنه وصف لأهل الشقاوة، وفيه مسألتان: المسألة الأولى: المراد بالوجوه أصحاب الوجوه وهم الكفار، بدليل أنه تعالى وصف الوجوه بأنها خاشعة عاملة ناصبة، وذلك من صفات المكلف، لكن الخشوع يظهر في الوجه فعلقه بالوجه لذلك، وهو كقوله: {وجوه يومئذ ناضرة} (القيامة: ٢٢) وقوله: {خاشعة} أي ذليلة قد عراهم الخزي والهوان، كما قال: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا * رؤوسهم} (السجدة: ١٢) وقال: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفى} (الشورى: ٤١) وإنما يظهر الذل في الوجه، لأنه ضد الكبر الذي محله الرأس والدماغ. وأما العاملة فهي التي تعمل الأعمال، ومعنى النصب الدؤوب في العمل مع التعب. المسألة الثانية: الوجوه الممكنة في هذه الصفات الثلاثة لا تزيد على ثلاثة، لأنه أما أن يقال: هذه الصفات بأسرها حاصلة في الآخرة، أو هي بأسرها حاصلة في الدنيا، أو بعضها في الآخرة وبعضها في الدنيا أما الوجه الأول: وهو أنها بأسرها حاصلة في الآخرة فهو أن الكفار يكونون يوم القيامة خاشعين أي ذليلين، وذلك لأنها في الدنيا تكبرت عن عبادة اللّه، وعاملين لأنها تعمل في النار عملا تتعب فيه وهو جرها السلاسل والأغلال الثقيلة، على ما قال: {فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا} (الحاقة: ٣٢) وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل بحيث ترتقي عنه تارة وتغوص فيه أخرى والتقحم في حر جهنم والوقوف عراة حفاة جياعا عطاشا في العرصات قبل دخول النار في يوم كان مقداره ألف سنةوناصبين لأنهم دائما يكونون في ذلك العمل قال الحسن: هذه الصفات كان يجب أن تكون حاصلة في الدنيا لأجل اللّه تعالى، فلما لم تكن كذلك سلطها اللّه عليهم يوم القيامة على سبيل العقاب وأما الوجه الثاني: وهو أنها بأسرها حاصلة في الدنيا، فقيل: هم أصحاب الصوامع من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان والمجوس، والمعنى أنها خشعت للّه وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب والتهجد الواصب، وذلك لأنهم لما اعتقدوا في اللّه ما لا يليق به، فكأنهم أطاعوا ذاتا موصوفة بالصفات التي تخيلوها فهم في الحقيقة ما عبدوا اللّه وإنما عبدوا ذلك المتخيل الذي لا وجود له، فلا جرم لا تنفعهم تلك العبادة أصلا وأما الوجه الثالث: وهو أن بعض تلك الصفات حاصل في الآخرة وبعضها في الدنيا ففيه وجوه أحدها: أنها خاشعة في الآخرة، مع أنها كانت في الدنيا عاملة ناصبة، والمعنى أنها لم تنتفع بعملها ونصبها في الدنيا، ولا يمتنع وصفهم ببعض أوصاف الآخرة، ثم يذكر بعض أوصاف الدنيا ثم يعاد ذكر الآخرة، إذا كان المعنى في ذلك مفهوما فكأنه تعالى قال: وجوه يوم القيامة خاشعة، لأنها كانت في الدنيا عاملة ناصبة في غير طاعة اللّه، فهي إذن تصلى نارا حامية في الآخرة ثانيها: أنها خاشعة عاملة في الدنيا، ولكنها ناصبة في الآخرة، فخشوعها في الدنيا خوفها الداعي لها إلى الإعراض عن لذائذ الدنيا وطيباتها، وعملها هو صلاتها وصومها ونصبها في الآخرة هو مقاساة العذاب على ما قال تعالى: {وبدا لهم من اللّه لم يكونوا يحتسبون} (الزمر: ٤٧) وقرىء عاملة ناصبة على الشتم، واعلم أنه تعالى بعد أن وصفهم بهذه الصفات الثلاثة شرح بعد ذلك كيفية مكانهم ومشربهم ومطعمهم نعوذ باللّه منها. ٤أما مكانهم فقوله تعالى: {تصلى نارا حامية} يقال: صلى بالنار يصلى أي لزمها واحترق بها وقرىء بنصب التاء وحجته قوله: {إلا من هو صال الجحيم} (الصافات: ١٦٣) وقرأ: أبو عمرو وعاصم برفع التاء من أصيلته النار لقوله: {ثم الجحيم صلوه} (الحاقة: ٣١) وقوله: {لخزنة جهنم} وصلوه مثل أصلوه، وقرأ: قوم تصلى بالتشديد، وقيل: المصلى عند العرب، أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا، ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلاة أو في التنور، فلا يسمى مصلى. وقوله: {حامية} أي قد أوقدت، وأحميت المدة الطويلة، فلا حر يعدل حرها، قال ابن عباس: قد حميت فهي تتلظى على أعداء اللّه. ٥وأما مشروبهم فقوله تعالى: {تسقى من عين ءانية} الآني الذي قد انتهى حره من الإيناء بمعنى التأخير. وفي الحديث: "أن رجلا آخر حضور الجمعة ثم تخطى رقاب الناس، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : آنيت وآذيت" ونظير هذه الآية قوله: {يطوفون بينها وبين حميم ءان} (الرحمن: ٤٤) قال المفسرون: إن حرها بلغ إلى حيث لو وقعت منها قطرة على جبال الدنيا لذابت. ٦وأما مطعومهم فقوله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} واختلفوا في أن الضريع. ما هو على وجوه أحدها: قال الحسن: لا أدري ما الضريع ولم أسمع فيه من الصحابة شيئا وثانيها: روى عن الحسن أيضا أنه قال: الضريع بمعنى المضرع كالأليم والسميع والبديع بمعنى المؤلم والمسمع والمبدع، ومعناه إلا من طعام يحملهم على أن يضرعوا ويذلوا عند تناوله لما فيه من الخشونة والمرارة والحرار وثالثها: أن الضريع ما يبس من الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا، فإذا يبس تحامته وهو سم قاتل، قال أبو ذويب: ( رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعا عاد عنه النحائص ) جمع نحوص وهي الحائل من الإبل، وهذا قول أكثر المفسرين وأكثر أهل اللغة ورابعها: قال الخليل في كتابه: ويقال للجلدة التي على العظم تحت اللحم هي الضريع، فكأنه تعالى وصفه بالقلة، فلا جرم لا يسمن ولا يغني من جوع وخامسها: قال أبو الجوزاء: الضريع السلا، ويقرب منه ما روي عن سعيد بن جبير أنه شجرة ذات شوك، ثم قال أبو الجوزاء: وكيف يسمن من كان يأكل الشوكا وفي الخبر الضريع شيء يكون في النار شبيه الشوك أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار، قال القفال: والمقصد من ذكر هذا الشراب وهذا الطعام، بيان نهاية ذلهم وذلك لأن القوم لما أقاموا في تلك السلاسل والأغلال تلك المدة الطويلة عطاشا جياعا، ثم ألقوا في النار فرأوا فيها ماء وشيئا من النبات، فأحب أولئك القوم تسكين ما بهم من العطش والجوع فوجدوا الماء حميما لا يروي بل يشوي، ووجدوا النبات مما لا يشبع ولا يغني من جوع، فأيسوا وانقطعت أطماعهم في إزالة ما بهم من الجوع والعطش، كما قال: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل} (الكهف: ٢٩) وبين أن هذه الحالة لا تزول ولا تنقطع، نعوذ باللّه منها وههنا سؤالات: السؤال الأول: قال تعالى في سورة الحاقة: {فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين} (الحاقة: ٣٦,٣٥) وقال ههنا: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} والضريع غير الغسلين والجواب: من وجهين الأول: أن النار دركات فمن أهل النار من طعامه الزقوم، ومنهم من طعامه الغسلين،ومنهم من طعامه الضريع، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم من شرابه الصديد، لكل باب منهم جزء مقسوم الثاني: يحتمل أن يكون الغسلين من الضريع ويكون ذلك كقوله: مالي طعام إلا من الشاه، ثم يقول: مالي طعام إلا من اللبن، ولا تناقض لأن اللبن من الشاة. السؤال الثاني: كيف يوجد النبت في النار؟ الجواب: من وجهين: الأول: ليس المراد أن الضريع نبت في النار يأكلونه، ولكنه ضرب مثله، أي إنهم يقتاتون بما لا يشبعهم أو يعذبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع الثاني: لم لا يجوز أن يقال: إن النبت يوجد في النار؟ فإنه لما لم يستبعد بقاء بدن الإنسان مع كونه لحما ودما في النار أبد الآباد، فكذا ههنا وكذا القول في سلاسل النار وأغلالها وعقاربها وحياتها. أما قوله تعالى: {لا يسمن ولا يغنى من جوع}. فهو مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع، وأما المعنى ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن طعامهم ليس من جنس مطاعم الإنس، وذلك لأن هذا نوع من أنواع الشوك والشوك مما يرعاه الإبل، وهذا النوع مما ينفر عنه الإبل، فإذن منفعتا الغذاء منتفيتان عنه، وهما إماطة الجوع وإفادة القوة والسمن في البدن وثانيها: أن يكون المعنى لا طعام لهم أصلا لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس لأن الطعام ما أشبع وأسمن وهو منهما بمعزل، كما تقول: ليس لفلان ظل إلا الشمس تريد نفي الظل على التوكيد وثالثها: روي أن كفار قريش قالت: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا، فنزلت: ٧{لا يسمن ولا يغنى من جوع} فلا يخلو أما أن يتعنتوا بذلك الكلام كذبا فيرد قولهم بنفي السمن والشبع، وأما أن يصدقوا فيكون المعنى أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع، قال القاضي: يجب في كل طعامهم أن لا يغني من جوع لأن ذلك نفع ورأفة، وذلك غير جائز في العقاب. ٨{وجوه يومئذ ناعمة}. اعلم أنه سبحانه لما ذكر وعيد الكفار، أتبعه بشرح أحوال المؤمنين، فذكر وصف أهل الثواب أولا، ثم وصف دار الثواب ثانيا أما وصف أهل الثواب فبأمرين أحدهما: في ظاهرهم، وهو قوله: {ناعمة} أي ذات بهجة وحسن، كقوله: {تعرف فى وجوههم نضرة النعيم} (المطففين: ٢٤) أو متنعمة. ٩والثاني: في باطنهم وهو قوله تعالى: {لسعيها راضية} وفيه تأويلان أحدهما: أنهم حمدوا سعيهم واجتهادهم في العمل للّه. لما فازوا بسببه من العاقبة الحميدة كالرجل يعمل العمل فيجزى عليه بالجميل، ويظهر له منه عاقبة محمودة فيقول، ما أحسن ما عملت، ولقد وفقت للصواب فيما صنعت فيثنى على عمل نفسه ويرضاه والثاني: المراد لثواب سعيها في الدنيا راضية إذا شاهدوا ذلك الثواب، وهذا أولى إذ المراد أن الذي يشاهدونه من الثواب العظيم يبلغ حد الرضا حتى لا يريدوا أكثر منه، وأما وصف دار الثواب، فاعلم أن اللّه تعالى وصفها بأمور سبعة: {في جنة عالية}. ١٠أحدها قوله:{فى جنة عالية} ويحتمل أن يكون المراد هو العلو في المكان، ويحتمل أن يكون المراد هو العلو في الدرجة والشرف والمنقبة، أما العلو في المكان فذاك لأن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض، قال عطاء: الدرجة مثل ما بين السماء والأرض. ١١وثانيها: قوله: {لا تسمع فيها لاغية} وفيه مسألتان: المسألة الأولى: في قوله: لا تسمع ثلاث قراآت أحدها: قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتاء على الخطاب لاغية بالنصب والمخاطب بهذا الخطاب، يحتمل أن يكون هو النبي صلى اللّه عليه وسلم وأن يكون لا تسمع يا مخاطب فيها لاغية، وهذا يفيد السماع في الخطاب كقوله: {وإذا رأيت ثم رأيت} (الإنسان: ٢٠) وقوله: {إذا رأيتهم حسبتهم} (الإنسان: ١٩) ويحتمل أن تكون هذه التاء عائدة إلى وجوه، والمعنى لا تسمع الوجوه فيها لاغية وثانيها: قرأ نافع بالتاء المنقوطة من فوق مرفوعة على التأنيث لاغية بالرفع وثالثها: قرأ ابن كثير وأبو عمرو لا يسمع بالياء المنقوطة من تحت مضمومة على التذكير لاغية بالرفع، وذلك جائز لوجهين الأول: أن هذا الضرب من المؤنث إذا تقدم فعله.وكان بين الفعل والاسم حائل حسن التذكير، قال الشاعر: ( إن امرءا غره منكن واحدة بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور ) والثاني: أن المراد باللاغية اللغو فالتأنيث على اللفظ والتذكير على المعنى. المسألة الثانية: لأهل اللغة في قوله: {لاغية} ثلاثة أوجه أحدها: أنه يقال: لغا يلغو لغوا ولاغية، فاللاغية واللغو شيء واحد، ويتأكد هذا الوجه بقوله سبحانه: {لا يسمعون فيها لغوا} (مريم: ٦٢)، وثانيها: أن يكون صفة والمعنى لا يسمع كلمة لاغية وثالثها: قال الأخفش: لاغية أي كلمة ذات لغو كما تقول: فارس ودارس لصاحب الفرس والدرع، وأما أهل التفسير فلهم وجوه أحدها: أن الجنة منزهة عن اللغو لأنها منزل جيران اللّه تعالى وإنما نالوها بالجد والحق لا باللغو والباطل، وهكذا كل مجلس في الدنيا شريف مكرم فإنه يكون مبرأ عن اللغو وكل ما كان أبلغ في هذا كان أكثر جلالة، هذا ما قرره القفال والثاني: قال الزجاج لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة والثناء على اللّه تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم والثالث: عن ابن عباس يريد لا تسمع فيها كذبا ولا بهتانا ولا كفرا باللّه ولا شتما وثالثها: قال مقاتل: لا يسمع بعضهم من بعض الحلف عند شراب كما يحلف أهل الدنيا إذا شربوا الخمر وأحسن الوجوه ما قرره القفال الخامس: قال القاضي: اللغو ما لا فائدة فيه، فاللّه تعالى نفى عنهم ذلك ويندرج فيه ما يؤذي سامعه على طريق الأولى. ١٢الصفة الثالثة للجنة: قوله تعالى: {فيها عين جارية} قال صاحب الكشاف: يريد عيونا في غاية الكثرة كقوله: {علمت نفس} (التكوير: ١٤) قال القفال: فيها عين شراب جارية على وجه الأرض في غير أخدود وتجري لهم كما أرادوا، قال الكلبي: لا أدري بماء أو غيره. ١٣الصفة الرابعة: قوله تعالى: {فيها سرر مرفوعة} أي عالية في الهواء وذلك لأجل أن يرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما أعطاه ربه في الجنة من النعيم والملك، وقال خارجة بن مصعب: بلغنا أنها بعضها فوق بعض فيرتفع ما شاء اللّه فإذا جاء ولي اللّه ليجلس عليها تطامنت له فإذا استوى عليها ارتفعت إلى حيث شاء اللّه، والأول أولى، وإن كان الثاني أيضا غير ممتنع لأن ذلك بما كان أعظم في سرور المكلف، قال ابن عباس: هي سرر ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة في السماء. ١٤الصفة الخامسة: قوله تعالى: {وأكواب موضوعة} الأكواب الكيزان التي لا عرى لها قال قتادة: فهي دون الأباريق. وفي قوله: {موضوعة} وجوه أحدها: أنها معدة لأهلها كالرجل يلتمس من الرجل شيئا فيقول هو ههنا موضوع بمعنى معد وثانيها: موضوعة على حافاة العيون الجارية كلما أرادوا الشرب وجدوها مملوءة من الشرب وثالثها: موضوعة بين أيديهم لاستحسانهم إياها بسبب كونها من ذهب أو فضة أو من جوهر، وتلذذهم بالشراب منها ورابعها: أن يكون المراد موضوعة عن حد الكبر أي هي أوساط بين الصغر والكبر كقوله: {قدروها تقديرا}. ١٥الصفة السادسة: قوله تعالى: {ونمارق مصفوفة}. النمارق هي الوسائد في قول الجميع واحدها نمرقة بضم النون، وزاد الفراء سماعا عن العرب نمرقة بكسر النون، قال الكلبي: وسائد مصفوفة بعضها إلى جانب بعض أينما أراد أن يجلس جلس على واحدة واستند إلى أخرى. ١٦الصفة السابعة: قوله تعالى: {وزرابي مبثوثة} يعني البسط والطنافس واحدها زربية وزربي بكسر الزاي في قول جميع أهل اللغة، وتفسير مبثوثة مبسوطة منشورة أو مفرقة في المجالس. ١٧{أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت}. اعلم أنه تعالى لما حكم بمجيء يوم القيامة وقسم أهل القيامة إلى قسمين الأشقياء والسعداء ووصف أحوال الفريقين وعلم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك إلا بواسطة إثبات الصانع الحكيم، لا جرم أتبع ذلك بذكر هذه الدلالة فقال: {أفلا ينظرون إلى الإبل} وجه الاستدلال بذلك على صحة المعاد أنها تدل على وجود الصانع الحكيم، ومتى ثبت ذلك فقد ثبت القول بصحة المعاد. أما الأول: فلأن الأجسام متساوية في الجسمية فاختصاص كل واحد منها بالوصف الذي لأجله امتاز على الآخر، لا بد وأن يكون لتخصيص مخصص وإيجاد قادر، ولما رأينا هذه الأجسام مخلوقة على وجه الإتقان والإحكام علمنا أن ذلك الصانع عالم، ولما علمنا أن ذلك الصانع لا بد وأن يكون مخالفا لخلقه في نعت الحاجة والحدوث والإمكان علمنا أنه غني، فهذا يدل على أن للعالم صانعا قادرا عالما غنيا فوجب أن يكون في غاية الحكمة، ثم إنا نرى الناس بعضهم محتاجا إلى البعض، فإن الإنسان الواحد لا يمكنه القيام بمهمات نفسه، بل لا بد من بلدة يكون كل واحد من أهلها مشغولا بمهم آخر حتى يتنظم من مجموعهم مصلحة كل واحد منهم، وذلكالانتظام لا يحسن إلا مع التكليف المشتمل على الوعد والوعيد، ذلك لا يحصل إلا بالبعث والقيامة وخلق الجنة والنار فثبت أن إقامة الدلالة على الصانع الحكيم توجب القول بصحة البعث والقيامة فلهذا السبب ذكر اللّه دلالة التوحيد في آخر هذه السورة، فإن قيل: فأي مجانسة بين الإبل والسماء والجبال والأرض، ثم لم بدأ بذكر الإبل؟ قلنا فيه وجهان: الأول: أن جميع المخلوقات متساوية في هذه الدلالة وذكر جميعها غير ممكن لكثرتها وأي واحد منها ذكر دون غيره كان هذا السؤال عائدا، فوجب الحكم بسقوط هذا السؤال على جميع التقادير، وأيضا فلعل الحكمة في ذكر هذه الأشياء التي هي غير متناسبة التنبيه على أن هذا الوجه من الاستدلال غير مختص بنوع دون نوع بل هو عام في الكل على ما قال: {وإن من شىء إلا يسبح بحمده} (الإسراء: ٤٤) ولو ذكر غيرها لم يكن الأمر كذلك لا جرم ذكر اللّه تعالى أمورا غير متناسبة بل متباعدة جدا، تنبيها على أن جميع الأجسام العلوية والسفلية صغيرها وكبيرها حسنها وقبيحها متساوية في الدلالة على الصانع الحكيم، فهذا وجه حسن معقول وعليه الاعتماد الوجه الثاني: وهو أن نبين ما في كل واحد من هذه الأشياء من المنافع والخواص الدالة على الحاجة إلى الصانع المدبر، ثم نبين إنه كيف يجانس بعضها بعضا. أما المقام الأول: فنقول الإبل له خواص منها أنه تعالى جعل الحيوان الذي يقتني أصنافا شتى فتارة يقتني ليؤكل لحمه وتارة ليشرب لبنه وتارة ليحمل الإنسان في الأسفار وتارة لينقل أمتعة الإنسان من بلد إلى بلد وتارة ليكون له به زينة وجمال وهذه المنافع بأسرها حاصلة في الإبل، وقد أبان اللّه عز وجل عن ذلك بقوله: {أو لم * يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} (يس: ٧٢,٧١)، قال: {والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الانفس} (النحل: ٧,٥) وإن شيئا من سائر الحيوانات لا يجتمع فيه هذه الخصال فكان اجتماع هذه الخصال فيه من العجائب وثانيها: أنه في كل واحد من هذه الخصال أفضل من الحيوان الذي لا يوجد فيه إلا تلك الخصلة لأنها إن جعلت حلوبة سقت فأروت الكثير، وإن جعلت أكولة أطعمت وأشبعت الكثير، وإن جعلت ركوبة أمكن أن يقطع بها من المسافات المديدة ما لا يمكن قطعه بحيوان آخر، وذلك لما ركب فيها من قوة احتمال المداومة على السير والصبر على العطش والاجتزاء من العلوفات بما لا يجتزىء حيوان آخر، وإن جعلت حملة استغلت بحمل الأحمال الثقيلة التي لا يستقل بها سواها، ومنها أن هذا الحيوان كان أعظم الحيوانات وقعا في قلب العرب ولذلك فإنهم جعلوا دية قتل الإنسان إبلا، وكان الواحد من ملوكهم إذا أراد المبالغة في إعطاء الشاعر الذي جاءه من المكان البعيد أعطاه مائة بعير، لأن امتلاء العين منه أشد من امتلاء العين من غيره، ولهذا قال تعالى: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} (النحل: ٦) ومنها أنى كنت مع جماعة في مفازة فضللنا الطريق فقدموا جملا وتبعوه فكان ذلك الجمل ينعطف من تل إلى تل ومن جانب إلى جانب والجميع كانوا يتبعونه حتى وصل إلى الطريق بعد زمان طويل فتعجبنا من قوة تخيل ذلك بالحيوان أنه بالمرة الواحدة كيف انحفظت في خياله صورة تلك المعاطف حتى أن الذين عجز جمع من العقلاء إلى إلهتداء إليه فإن ذلك الحيوان اهتدى إليه، ومنها أنها مع كونها في غاية القوة على العمل مباينة لغيرها في الانقياد والطاعة لأضعف الحيوانات كالصبي الصغير، ومبانية لغيرها أيضا في أنها يحمل عليها وهي باركة ثم تقوم، فهذه الصفاتالكثيرة الموجودة فيها توجب على العاقل أن ينظر في خلقتها وتركيبها ويستدل بذلك على وجود الصانع الحكيم سبحانه، ثم إن العرب من أعرف الناس بأحوال الإبل في صحتها وسقمها ومنافعها ومضارها فلهذه الأسباب حسن من الحكيم تعالى أن يأمر بالتأمل في خلقتها. ١٨ثم قال تعالى: {وإلى السمآء كيف رفعت}. أي رفعا بعيد المدى بلا إمساك وبغير عمد. ١٩{وإلى الجبال كيف نصبت}. نصبا ثابتا فهي راسخة لا تميل ولا تزول. ٢٠{وإلى الارض كيف سطحت}. سطحا بتمهيد وتوطئة، فهي مهاد للمتقلب عليها، ومن الناس من استدل بهذا على أن الأرض ليست بكرة وهو ضعيف، لأن الكرة إذا كانت في غاية العظمة يكون كل قطعة منها كالسطح، وقرأ: علي عليه السلام كيف خلقت ورفعت ونصبت وسطحت على البناء للفاعل وتاء الضمير، والتقدير فعلتها، فحذف المفعول. المقام الثاني: في بيان ما بين هذه الأشياء من المناسبة اعلم أن من الناس من فسر الإبل بالسحاب. قال صاحب "الكشاف": ولعله لم يرد أن الإبل من أسماء السحاب، كالغمام والمزن والرباب والغيم والغين وغير ذلك، وإنما رأى السحاب مشبها بالإبل في كثير من أشعارهم، فجوز أن يراد بها السحاب على طريق التشبيه والمجاز، وعلى هذا التقدير فالمناسبة ظاهرة. أما إذا حملنا الإبل على مفهومه المشهور، فوجه المناسبة بينها وبين السماء والجبال والأرض من وجهين الأول: أن القرآن نزل على لغة العرب وكانوا يسافرون كثيرا، لأن بلدتهم بلدة خالية من الزرع، وكانت أسفارهم في أكثر الأمر على الإبل، فكانوا كثيرا ما يسيرون عليها في المهامة والقفار مستوحشين منفردين عن الناس، ومن شأن الإنسان إذا انفرد أن يقبل على التفكر في الأشياء، لأنه ليس معه من يحادثه، وليس هناك شيء يشغل به سمعه وبصره، وإذا كان كذلك لم يكن له بد من أن يشغل باله بالفكرة، فإذا فكر في ذلك الحال وقع بصره أول الأمر على الجمل الذي ركبه، فيرى منظرا عجيبا، وإذا نظر إلى فوق لم ير غير السماء، وإذا نظر يمينا وشمالا لم ير غير الجبال، وإذا نظر إلى ما تحت لم ير غير الأرض، فكأنه تعالى أمره بالنظر وقت الخلوة والانفراد عن الغير حتى لا تحمله داعية الكبر والحسد على ترك النظر، ثم إنه في وقت الخلوة في المفازة البعيدة لا يرى شيئا سوى هذه الأشياء، فلا جرم جمع اللّه بينها في هذه الآية الوجه الثاني: أن جميع المخلوقات دالة على الصانع إلا أنها على قسمين: منها ما يكون للحكمة وللشهوة فيها نصيب معا، ومنها ما يكون للحكمة فيها نصيب، وليس للشهوة فيها نصيب. والقسم الأول: كالإنسان الحسن الوجه، والبساتين النزهة، والذهب والفضة وغيرها، فهذه الأشياء يمكن الاستدلال بها على الصانع الحكيم، إلا أنها متعلق الشهوة ومطلوبة للنفس، فلم يأمر تعالى بالنظر فيها، لأنه لم يؤمن عند النظر إليها وفيها أن تصير داعية الشهوة غالبة على داعية الحكمة فيصير ذلك مانعا عن إتمام النظر والفكر وسببا لاستغراق النفس في محبته. أما القسم الثاني: فهو كالحيوانات التي لا يكون في صورتها حسن، ولكن يكون داعية تركيبها حكم باللغة وهي مثل الإبل وغيرها، إلا أن ذكر الإبل ههنا أولى لأن إلف العرب بها أكثر وكذا السماء والجبال والأرض، فإن دلائل الحدوث والحاجة فيها ظاهرة، وليس فيها ما يكون نصيبا للشهوة، فلما كان هذا القسم بحيث يكمل نصيب الحكمة فيه مع الأمن من زحمة الشهوة لا جرم أمر اللّه بالتدبر فيها فهذا ما يحضرنا في هذا الموضع وباللّه التوفيق. ٢١{فذكر إنمآ أنت مذكر}. اعلم أنه تعالى لما بين الدلائل على صحة التوحيد والمعاد، قال لرسوله صلى اللّه عليه وسلم : {فذكر إنما أنت مذكر} وتذكير الرسول إنما يكون بذكر هذه الأدلة وأمثالها والبعث على النظر فيها والتحذير من ترك تلك، وذلك بعث منه تعالى للرسول على التذكير والصبر على كل عارض معه، وبيان أنه إنما بعث لذلك دون غيره، فلهذا قال: {إنما أنت مذكر}. ٢٢{لست عليهم بمسيطر}. قال صاحب "الكشاف": {*بمصيطر} بمسلط، كقوله: {يقولون وما أنت عليهم بجبار} (ق: ٤٥) وقوله: {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} (يونس: ٩٩) وقيل: هو في لغة تميم مفتوح الطاء على أن سيطر متعد عندهم، والمعنى أنك ما أمرت إلا بالتذكير، فأما أن تكون مسلطا عليهم حتى تقتلهم، أو تكرههم على الإيمان فلا، قالوا: ثم نسختها آية القتال، هذا قول جميع المفسرين، والكلام في تفسير هذا الحرف قد تقدم عند قوله: {أم هم} (الطور: ٣٧). ٢٣انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٤أما قوله تعالى:{إلا من تولى وكفر * فيعذبه اللّه العذاب الاكبر}. ففيه مسائل. المسألة الأولى: في الآية قولان: أحدهما: أنه استثناء حقيقي، وعلى هذا التقدير هذا الاستثناء، استثناء عماذا؟ فيه احتمالان الأول: أن يقال التقدير: فذكر إلا من تولى وكفر والثاني: أنه استثناء عن الضمير في {سواء عليهم} (الغاشية: ٢٢) والتقدير: لست عليهم بمسيطر إلا من تولى. واعترض عليه بأنه عليه السلام ما كان حينئذ مأمورا بالقتال وجوابه: لعل المراد أنك لا تصبر مسلطا إلا على من تولى القول الثاني: أنه استثناء منقطع عما قبله، كما تقول في الكلام: قعدنا نتذكر العلم، إلا أن كثيرا من الناس لا يرغب، فكذا ههنا التقدير لست بمسئول عليهم، لكن من تولى منهم فإن اللّه يعذبه العذاب الأكبر الذي هو عذاب جهنم، قالوا وعلامة كون الاستثناء منقطعا حسن دخول أن في المستثني، وإذا كان الاستثناء متصلا لم يحسن ذلك، ألا ترى أنك تقول: عندي مائتان إلا درهما، فلا تدخل عليه أن، وههنا يحسن أن، فإنك تقول: إلا أن من تولى وكفر فيعذبه اللّه. المسألة الثانية: قرىء: (ألا من تولى) على التنبيه، وفي قراءة ابن مسعود: (فإنه يعذبه). المسألة الثالثة: إنما سماه العذاب الأكبر لوجوه أحدها: أنه قد بلغ حد عذاب الكفر وهو الأكبر، لأنما عداه من عذاب الفسق دونه، ولهذا قال تعالى: {ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر} (السجدة: ٢١)، وثانيها: هو العذاب في الدرك الأسفل في النار وثالثها: أنه قد يكون العذاب الأكبر حاصلا في الدنيا، وذلك بالقتل وسبي الذرية وغنيمة الأموال، القول الأول أولى وأقرب. ٢٥انظر تفسير الآية:٢٦ ٢٦ثم قال تعالى: {إن إلينآ إيابهم * ثم إن علينا حسابهم}. وهذا كأنه من صلة قوله: {فيعذبه اللّه العذاب الاكبر} (الغاشية: ٢٤) وإنما ذكر تعالى ذلك ليزيل به عن قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم حزنه على كفرهم، فقال: طب نفسا عليهم، وإن عاندوا وكذبوا وجحدوا فإن مرجعهم إلى الموعد الذي وعدنا، فإن علينا حسابهم وفيه سؤال: وهو أن محاسبة الكفار إنما تكون لإيصال العقاب إليهم وذلك حق اللّه تعالى، ولا يجب على المالك أن يستوفي حق نفسه والجواب: أن ذلك واجب عليه أما بحكم الوعد الذي يمتنع وقوع الخلف فيه، وأما في الحكمة، فإنه لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم لكان ذلك شبيها بكونه تعالى راضيا بذلك الظلم وتعالى اللّه عنه، فلهذا السبب كانت المحاسبة واجبة وههنا مسألتان: المسألة الأولى: قرأ أبو جعفر المدني: {إيابهم} بالتشديد. قال صاحب "الكشاف": وجهه أن يكون فيعالا مصدره أيب فيعل من الإياب، أو يكون أصله أوابا فعالا من أوب، ثم قيل: إيوابا كديوان في دون، ثم فعل به ما فعل بأصل سيد. المسألة الثانية: فائدة تقديم الظرف التشديد بالوعيد، فإن {إيابهم} ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام، وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه، وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير، واللّه سبحانه وتعالى أعلم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
﴿ ٠ ﴾