١١

أما قوله تعالى:{وما يغنى عنه ماله إذا تردى}.

فاعلم أن ما هنا يحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الإنكار، ويحتمل أن يكون نفيا.

وأما {تردى} ففيه وجهان

الأول: أن يكون ذلك مأخوذا من قولك: تردى من الجبل: قال اللّه تعالى: {والمتردية والنطيحة} (المائدة: ٣) فيكون المعنى: تردى في الحفرة إذا قبر، أو تردى في قعر جهنم، وتقدير الآية: إنا إذا يسرناه للعسرى، وهي النار تردى في جهنم، فماذا يغني عنه ماله الذي بخل به وتركه لوارثه، ولم يصحبه منه إلى آخرته، التي هي موضع فقره وحاجته شيء، كما قال: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} (الأنعام: ٩٤)

وقال: {ونرثه ما يقول ويأتينا فردا} (مريم: ٨٠) أخبر أن الذي ينتفع الإنسان به هو ما يقدمه الإنسان من أعمال البر وإعطاء الأموال في حقوقها، دون المال الذي يخلفه على ورثته

الثاني: أن تردى تفعل من الردى وهو الهلاك يريد الموت.

﴿ ١١