٨

وأما الناصرون للقول الأل فقالوا: إن قوله بعد ذلك: {وإنه لحب الخير لشديد} الضمير فيه عائد إلى الإنسان، فيجب أن يكون الضمير في الآية التي قبله عائدا إلى الإنسان ليكون النظم أحسن.

الأمر الثالث: مما أقسم اللّه عليه قوله: {وإنه لحب الخير لشديد} الخير المال من قوله تعالى: {إن ترك خيرا} وقوله: {وإذا مسه الخير منوعا} وهذالأن الناس يعدون المال فيما بينهم خيرا كما أنه تعالى سمي ما ينال المجاهد من الجراح وأذى الحرب سوءا في قوله: {لم يمسسهم سوء} والشديد البخيل الممسك، يقال: فلان شديدة ومتشدد، قال طرفة:

( أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد )

ثم في التفسيري وجوه

أحدها: أنه لأجل حب المال لبخيل ممسك

وثانيها: أن يكون المراد من الشديدة القرى، ويكون المعنى وإنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق، وهو لحب عبادة اللّه وشكر نعمه ضعيف، تقول: هو شديد لهذا الأمر وقوي له، وإذا كان مطيقا له ضابطا

وثالثها: أراد إنه لحب الخيرات غير هني منبسط ولكنه شديد منقبض

ورابعها: قال الفراء: يجوز أن يكون المعنى وإنه لحب الخير لشديد الحب يعني أنه يحب المال، ويحب كونه محبا له، إلا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني، كما قال: {اشتدت به الريح في يوم عاصف} أي في يوم عاصف الريح فاكتفى بالأولى عن الثانية

وخامسها: قال قطرب: أي إنه شديد حب الخير، كقولك إنه لزيد ضروب أي أنه ضروب زيد.

﴿ ٨