٥

الصفة الثانية: من صفات ذلك اليوم قوله تعالى: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش} العهن الصوف ذو الألوان، وقد مر تحقيقه عند قوله: {وتكون الجبال كالعهن} والنفش فك الصوف حتى ينتفش بعضه عن بعض، وفي قراءة ابن مسعود: كالصوف المنفوش.

واعلم أن اللّه تعالى أخبر أن الجبال مختلفة الألوان على ما قال: {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود} ثم إنه سبحانه يفرق أجزاءها ويزيل التأليف والتركيب عنها فيصبر ذلك مشابها للصوف الملون بالألوان المختلفة إذا جعل منفوشا،

وههنا مسائل:

المسألة الأولى: إنما ضم بين حال الناس وبين حال الجبال، كأنه تعالى نبه على أن تأثير تلك القرعة في الجبال هو أنها صارت كالعهن المنفوش، فكيف يكون حال الإنسان عند سماعهاا فالويل ثم الويل لابن آدم إن لم تتداركه رحمة ربه، ويحتمل أن يكون المراد أن جبال النار تصير كالعهن المنفوش لشدة حمرتها.

المسألة الثانية: قد وصف اللّه تعالى تغير الأحوال على الجبال من وجوه

أولها: أن تصير قطعا، كما قال: {دكت الارض دكا}،

وثانيها: أن تصير كثيبا مهيلا، كما قال: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب} ثم تصير كالعهن المنفوشوهي أجزاء كالذر تدخل من كوة البيت لا تمسها الأيدي، ثم قال: في

الرابع تصير سرابا، كما قال: {وسيرت الجبال فكانت سرابا}.

المسألة الثالثة: لم يقل: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث والجبال كالعهن المنفوش بل قال: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش} لأن التكوير في مثل هذا المقام أبلغ في التحذير.

﴿ ٥