٢واعلم أنه تعالى ذكر ما فعل بهم. فقال: {ألم يجعل كيدهم فى تضليل} وفيه مسائل: المسألة الأولى: اعلم أن الكيد هو إرادة مضرة بالغير على الخفية، إن قيل: فلم سماه كيدا وأمره كان ظاهرا، فإنه كان يصرح أنه يهدم البيت؟ قلنا: نعم، لكن الذي كان في قلبه شر مما أظهر، لأنه كان يضمر الحسد للعرب، وكان يريد صرف الشرف الحاصل لهم بسبب الكعبة منهم ومن بلدهم إلى نفسه وإلى بلدته. المسألة الثانية: قالت المعتزلة: إضافة الكيد إليهم دليل على أنه تعالى لا يرضى بالقبيح، إذ لو رضي لأضافه إلى ذاته، كقوله: {يأذن لى} والجواب: أنه ثبت في علم النحو أنه يكفي في حسن الإضافة أدنى سبب، فلم لا يكفي في حسن هذه الإضافة وقوعه مطابقا لإرادتهم واختيارهم؟. المسألة الثالثة: {فى تضليل} أي في تضييع وإبطال يقال: ضلل كيده إذا جعله ضالا ضائعا ونظيره قوله تعالى: {وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال} وقيل لامرىء القيس: الملك الضليل، لأنه ضلل ملك أبيه أي ضيعه. بمعنى أنهم كادوا البيت أولا ببناء القليس وأرادوا أن يفتتحوا أمره بصرف وجوه الحاج إليه، فضلل كيدهم بإيقاع الحريق فيه، ثم كادوه ثانيا بإرادة هدمه فضلل بإرسال الطير عليهم، ومعنى حرف الظرف كما يقال: سعى فلان في ضلال، أي سعيهم كان قد ظهر لكل عاقل أنه كان ضلال وخطأ. |
﴿ ٢ ﴾