٢

قوله سبحانه وتعالى: {الحمد للّه} روى أبو محمد عبدالغني بن سعيد الحافظ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال:

(إذا قال العبد الحمد للّه قال صدق عبدي الحمد لي).

وروى مسلم عن أنس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(إن اللّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها). وقال الحسن: ما من نعمة إلا والحمد للّه أفضل منها.

وروى ابن ماجة عن أنس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(ما أنعم اللّه على عبد نعمة فقال الحمد للّه إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ).

وفي نوادر الأصول عن أنس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(لو أن الدنيا كلها بحذافيرها بيد رجل من أمتي ثم قال الحمد للّه لكانت الحمد للّه أفضل من ذلك). قال أبو عبداللّه: معناه عندنا أنه قد أعطي الدنيا ثم أعطي على أثرها هذه الكلمة حتى نطق بها، فكانت هذه الكلمة أفضل من الدنيا كلها لأن الدنيا فانية والكلمة باقية، هي من الباقيات الصالحات قال اللّه تعالى: {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} [مريم: ٧٦].

وقيل في بعض الروايات: لكان ما أعطى أكثر مما أخذ. فصير الكلمة إعطاء من العبد، والدنيا أخذا من اللّه فهذا في التدبير. كذاك يجري في الكلام أن هذه الكلمة من العبد والدنيا من اللّه وكلاهما من اللّه في الأصل الدنيا منه والكلمة منه أعطاه الدنيا فأغناه وأعطاه الكلمة فشرفه بها في الآخرة.

وروى ابن ماجة عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حدثهم:

(أن عبدا من عباد اللّه قال يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك فعَضَلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى السماء وقالا يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها، قال اللّه عز وجل وهو أعلم بما قال عبده، ماذا قال عبدي؟ قالا يا رب إنه قد قال يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فقال اللّه لهما اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها).

قال أهل اللغة: أعضل الأمر: اشتد واستغلق، والمعضّلات [بتشديد الضاد): الشدائد. وعضّلت المرأة والشاة: إذا نشِب ولدها فلم يسهل مخرجه، بتشديد الضاد أيضا فعلى هذا يكون: أعضلت الملكين أو عضلت الملكين بغير باء. واللّه أعلم.

وروي عن مسلم عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(الطهور شطر الإيمان والحمد للّه تملأ الميزان وسبحان اللّه والحمد للّه تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض) وذكر الحديث..

اختلف العلماء أيما أفضل قول العبد: الحمد للّه رب العالمين، أو قول لا إله إلا اللّه؟ فقالت طائفة: قوله الحمد للّه رب العالمين أفضل لأن في ضمنه التوحيد الذي هو لا إله إلا اللّه، ففي قوله توحيد وحمد، وفي قوله لا إله إلا اللّه توحيد فقط. وقالت طائفة: لا إله إلا اللّه أفضل لأنها تدفع الكفر والإشراك وعليها يقاتل الخلق، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه).

واختار هذا القول ابن عطية قال: والحاكم بذلك قول النبي صلى اللّه عليه وسلم:

(أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له).. أجمع المسلمون على أن اللّه محمود على سائر نعمه وأن مما أنعم اللّه به الإيمان فدل على أن الإيمان فعله وخلقه والدليل على ذلك قوله: {رب العالمين}. والعالمون جملة المخلوقات ومن جملتها الإيمان لا كما قال القدرية: إنه خلق لهم على ما يأتي بيانه. الحمد في كلام العرب معناه الثناء الكامل، والألف واللام لاستغراق الجنس من المحامد فهو سبحانه يستحق الحمد بأجمعه إذ له الأسماء الحسنى والصفات العلا وقد جمع لفظ الحمد جمع القلة في قول الشاعر:

وأبلج محمود الثناء خصصته بأفضل أقوالي وأفضل أحمدي

فالحمد نقيض الذم، تقول: حمدت الرجل أحمده حمدا فهو حميد ومحمود والتحميد أبلغ من الحمد. والحد أعم من الشكر والحمد: الذي كثرت خصال المحمودة. قال الشاعر:

إلى الماجد القرم الجواد المحمد

وبذلك سمي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وقال الشاعر:

فشقّ له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

والمحمدة: خلاف المذمة. وأحمد الرجلُ: صار أمره إلى الحمد. وأحمدته: وجدته محمودا، تقول: أتيت موضع كذا فأحمدته، أي صادفته محمودا موافقا، وذلك إذا رضيت سكناه أو مرعاه. ورجل حُمَدَة - مثل هُمَزة - يكثر حمد الأشياء ويقول فيها أكثر مما فيها. وحَمَدة النار - بالتحريك -: صوت التهابها.. ذهب أبو جعفر الطبري وأبو العباس المبرد إلى أن الحمد والشكر بمعنى واحد سواء وليس بمرضي. وحكاه أبو عبدالرحمن السلمي في كتاب الحقائق له عن جعفر الصادق وابن عطاء. قال ابن عطاء: معناه الشكر للّه إذ كان منه الامتنان على تعليمنا إياه حتى حمدناه. واستدل الطبري على أنهما بمعنى بصحة قولك: الحمد للّه شكرا. قال ابن عطية: وهو في الحقيقة دليل على خلاف ما ذهب إليه لأن قولك شكرا إنما خصصت به الحمد لأنه على نعمة من النعم.

وقال بعض العلماء: إن الشكر أعم من الحمد لأنه باللسان وبالجوارح والقلب والحمد إنما يكون باللسان خاصة.

وقيل: الحمد أعم لأن فيه معنى الشكر ومعنى المدح، وهو أعم من الشكر لأن الحمد يوضع موضع الشكر ولا يوضع الشكر موضع الحمد.

وروي عن ابن عباس أنه قال: الحمد للّه كلمة كل شاكر، وإن آدم عليه السلام قال حين عطس: الحمد للّه. وقال اللّه لنوح عليه السلام:

(فقل الحمد للّه الذي نجانا من القوم الظالمين) [المؤمنون: ٢٨] وقال إبراهيم عليه السلام:

(الحمد للّه الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق) [إبراهيم: ٣]. وقال في قصة داود وسليمان:

{وقالا الحمد للّه الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} [النمل: ١٥]. وقال لنبيه صلى اللّه عليه وسلم:

{وقل الحمد للّه الذي لم يتخذ ولدا} [الإسراء: ١١١]. وقال أهل الجنة:

{الحمد للّه الذي أذهب عنا الحزن} [فاطر: ٣٤].

{وآخر دعواهم أن الحمد للّه رب العالمين} [يونس: ١]. فهي كلمة كل شاكر.قلت: الصحيح أن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سبق إحسان، والشكر ثناء على المشكور بما أولى من الإحسان. وعلى هذا الحد قال علماؤنا: الحمد أعم من الشكر، لأن الحمد يقع على الثناء وعلى التحميد وعلى الشكر، والجزاء مخصوص إنما يكون مكافأة لمن أولاك معروفا فصار الحمد أعم في الآية لأنه يزيد على الشكر. ويذكر الحمد بمعنى الرضا يقال: بلوته فحمدته، أي رضيته. ومنه قوله تعالى: {مقاما محمودا} [الإسراء: ٧٩].

وقال عليه السلام: (أحمد إليكم غسل الإحليل) أي أرضاه لكم. ويذكر عن جعفر الصادق في قوله {الحمد للّه}: من حمده بصفاته كما وصف نفسه فقد حمد، لأن الحمد حاء وميم ودال، فالحاء من الوحدانية، والميم من الملك، والدال من الديمومية، فمن عرفه بالوحدانية والديمومية والملك فقد عرفه، وهذا هو حقيقة الحمد للّه. وقال شقيق بن إبراهيم في تفسير {الحمد للّه} قال: هو على ثلاثة أوجه: أولها إذا أعطاك اللّه شيئا تعرف من أعطاك. والثاني أن ترضى بما أعطاك. والثالث ما دامت قوته في جسدك ألا تعصيه، فهذه شرائط الحمد.. أثنى اللّه سبحانه بالحمد على نفسه وافتتح كتابه بحمده، ولم يأذن في ذلك لغيره بل نهاهم عن ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه عليه السلام فقال: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} [النجم: ٣٢]. وقال عليه السلام: (احثوا في وجوه المداحين التراب) رواه المقداد. وسيأتي القول فيه في [النساء] إن شاء اللّه تعالى.

فمعنى {الحمد للّه رب العالمين} أي سبق الحمد مني لنفسي أن يحمد نفسه أحد من العالمين، وحمدي نفسي لنفسي في الأزل لم يكن بعلة، وحمدي الخلق مشوب بالعلل. قال علماؤنا: فيستقبح من المخلوق الذي لم يعط الكمال أن يحمد نفسه ليستجلب لها المنافع ويدفع عنها المضار.

وقيل: لما علم سبحانه عجز عباده عن حمده حمد نفسه بنفسه لنفسه في الأزل فاستفراغ طوق عباده هو محمل العجز عن حمده. ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله: لا أحصي ثناء عليك. وأنشدوا:

إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نُثني وفوق الذي نثني

وقيل: حَمِد نفسه في الأزل لما علم من كثره نعمه على عباده وعجزهم على القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم، لتكون النعمة أهنأ لديهم، حيث أسقط به ثقل المنة.. وأجمع القراء السبعة وجمهور الناس على رفع الدال من {الحمد للّه}.

وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجاج: {الحمد للّه} بنصب الدال وهذا على إضمار فعل. ويقال: {الحمد للّه} بالرفع مبتدأ وخبر وسبيل الخبر أن يفيد فما الفائدة في هذا؟ فالجواب أن سيبويه قال: إذا قال الرجل الحمد للّه بالرفع ففيه من المعنى مثل ما في قولك: حمدت اللّه حمدا، إلا أن الذي يرفع الحمد يخبر أن الحمد منه ومن جميع الخلق للّه، والذي ينصب الحمد يخبر أن الحمد منه وحده للّه. وقال غير سيبويه. إنما يتكلم بهذا تعرضا لعفو اللّه ومغفرته وتعظيما له وتمجيدا، فهو خلاف معنى الخبر وفيه معنى السؤال. وفي الحديث:

(من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).

وقيل: إن مدحه عز وجل لنفسه وثناءه عليها ليعلم ذلك عباده فالمعنى على هذا: قولوا الحمد للّه. قال الطبري: {الحمد للّه} ثناء أثنى به على نفسه وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه فكأنه قال: قولوا الحمد للّه، وعلى هذا يجيء قولوا إياك. وهذا من حذف العرب ما يدل ظاهر الكلام عليه كما قال الشاعر:

وأعلم أنني سأكون رمسا إذا سار النواعج لا يسير

فقال السائلون لمن حفرتم فقال القائلون لهم وزير

المعنى: المحفور له وزير، فحذف لدلاك ظاهر الكلام عليه وهذا كثير. وروي عن ابن أبي عبَلة: {الحمد للّه} بضم الدال واللام على إتباع الثاني الأول وليتجانس اللفظ وطلب التجانس في اللفظ كثير في كلامهم نحو: أجودك وهو منحدر من الجبل بضم الدال والجيم. قال:...

اضرب الساقينُ أُمّك هابل

بضم النون لأجل ضم الهمزة. وفي قراءة لأهل مكة مُرُدفين بضم الراء إتباعا للميم، وعلى ذلك مُقُتلين بضم القاف. وقالوا: لإمِّك، فكسروا الهمزة اتباعا للاّم، وأنشد للنعمان بن بشير:

ويلِ امِّها في هواء الجو طالبة ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب

الأصل: ويلٌ لأمها، فحذفت اللام الأولى واستثقل ضم الهمزة بعد الكسرة فنقلها للأم ثم أتبع اللام الميم.

وروي عن الحسن بن أبي الحسن وزيد بن علي: {الحمدِ للّه} بكسر الدال على اتباع الأول الثاني..

قوله تعالى: {رب العالمين} أي مالكهم، وكل من ملك شيئا فهو ربه، فالرب: المالك. وفي الصحاح: والرب اسم من أسماء اللّه تعالى ولا يقال في غيره إلا بالإضافة، وقد قالوه في الجاهلية للملك قال الحارث بن حِلِّزة:

وهو الرب والشهيد على يو م الحيارين والبلاء بلاء

والرب: السيد: ومن قوله تعالى: {اذكرني عند ربك} [يوسف: ٤٢]. وفي الحديث: (أن تلد الأمة ربتها) أي سيدتها وقد بيناه في كتاب التذكرة. والرب: المصلح والمدبر والجابر والقائم. قال الهروي وغيره: يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربه يربه فهو رب له وراب، ومنه سمي الربانيون لقيامهم بالكتب. وفي الحديث: (هل لك من نعمة تربُّها عليه) أي تقوم بها وتصلحها. والرب: المعبود ومنه قول الشاعر:

أربٌّ يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب

ويقال على التكثير: رباه ورببه وربته، حكاه النحاس. وفي الصحاح: ورب فلان ولده يربه ربا ورببه وترببه بمعنىً، أي رباه. والمربوب: المربى.. قال بعض العلماء: إن هذا الاسم هو اسم اللّه الأعظم لكثرة دعوة الداعين به، وتأمل ذلك في القرآن كما في آخر {آل عمران} وسورة {إبراهيم} وغيرهما، ولما يشعر به هذا الوصف من الصلاة بين الرب والمربوب مع ما يتضمنه من العطف والرحمة والافتقار في كل حال.

واختلف في اشتقاقه فقيل: إنه مشتق من التربية، فاللّه سبحانه وتعالى مدبر لخلقه ومربيهم ومنه قوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} [النساء: ٢٣]. فسمى بنت الزوجة ربيبة لتربية الزوج لها.فعلى أنه مدبر لخلقه ومربيهم يكون صفة فعل، وعلى أن الرب بمعنى المالك والسيد يكون صفة ذات.. متى أدخلت الألف واللام على {رب} اختص اللّه تعالى به، لأنها للعهد وإن حذفنا منه صار مشتركا بين اللّه وبين عباده، فيقال: اللّه رب العباد وزيد رب الدار فاللّه سبحانه رب الأرباب يملك المالك والمملوك، وهو خالق ذلك ورازقه وكل رب سواه غير خالق ولا رازق، وكل مملوك فمُمَلَّك بعد أن لم يكن، ومنتزع ذلك من يده وإنما يملك شيئا دون شيء وصفة اللّه تعالى مخالفة لهذه المعاني فهذا الفرق بين صفة الخالق والمخلوقين..

قوله تعالى: {العالمين} اختلف أهل التأويل في {العالمين} اختلافا كثيراً، فقال قتادة: العالمون جمع عالم وهو كل موجود سوى اللّه تعالى ولا واحد له من لفظه مثل رهط وقوم. وقيل: أهل كل زمان عالم قاله الحسين بن الفضل، لقوله تعالى: {أتأتون الذكران من العالمين} [الشعراء: ١٦٥] أي من الناس. وقال العجاج:

فخِنْدِفٌ هامة هذا العأْلَمِ

وقال جرير بن الخَطَفي:

تَنَصَّفُه البرية وهو سامٍ ويُضحي العالَمون له عيالا

وقال ابن عباس: العالمون الجن والإنس، دليله قوله تعالى: {ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان: ١] ولم يكن نذيرا للبهائم. وقال الفراء وأبو عبيدة: العالم عبارة عمن يعقل، وهم أربعة أمم: الإنس والجن والملائكة والشياطين. ولا يقال للبهائم: عالم، لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصة.قال الأعشى:

ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا

وقال زيد بن أسلم: هم المرتزقون، ونحوه قول أبي عمرو بن العلاء: هم الروحانيون. وهو معنى قول ابن عباس أيضا: كل ذي روح دب على وجه الأرض. وقال وهب بن منبه: إن للّه عز وجل ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا عالم منها. وقال أبو سعيد الخدري: إن للّه أربعين ألف عالم، الدنيا من شرقها إلى غربها عالم واحد. وقال مقاتل: العالمون ثمانون ألف عالم، أربعون ألف عالم في البر وأربعون ألف عالم في البحر.

وروى الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: الجن عالم والإنس عالم وسوى ذلك للأرض أربع زوايا في كل زاوية ألف وخمسمائة عالم خلقهم لعبادته.قلت: والقول الأول أصح هذه الأقوال، لأنه شامل لكل مخلوق وموجود دليله قوله تعالى: {قال فرعون وما رب العالمين. قال رب السماوات والأرض وما بينهما} [الشعراء: ٢٣] ثم هو مأخوذ من العلم والعلامة لأنه يدل على موجده. كذا قال الزجاج قال: العالم كل ما خلقه اللّه في الدنيا والآخرة. وقال الخليل: العلم والعلامة والمعلم: ما دل على الشيء، فالعالم دال على أن له خالقا ومدبرا وهذا واضح. وقد ذكر أن رجلا قال بين يدي الجنيد: الحمد للّه فقال له: أتمها كما قال اللّه قل رب العالمين فقال الرجل: ومن العالمين حتى تذكر مع الحق؟ قال: قل يا أخي؟ فإن المحدث إذا قرن مع القديم لا يبقى له أثر.. يجوز الرفع والنصب في {رب} فالنصب على المدح والرفع على القطع، أي هو رب العالمين.

﴿ ٢