٧٧قوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} هذا في المنافقين. أصل لقوا: لقيوا وقد تقدم. قوله تعالى: {وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح اللّه عليكم} الآية في اليهود، وذلك أن ناسا منهم أسلموا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذب به آباؤهم، فقالت لهم اليهود: {أتحدثونهم بما فتح اللّه عليكم} أي حكم اللّه عليكم من العذاب، ليقولوا نحن أكرم على اللّه منكم، عن ابن عباس والسدي. وقيل: إن عليا لما نازل قريظة يوم خيبر سمع سب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فانصرف إليه وقال: يا رسول اللّه، لا تبلغ إليهم، وعرض له، فقال: (أظنك سمعت شتمي منهم لو رأوني لكفوا عن ذلك) ونهض إليهم، فلما رأوه أمسكوا، فقال لهم: (أنقضتم العهد يا إخوة القردة والخنازير أخزاكم اللّه وأنزل بكم نقمته) فقالوا: ما كنت جاهلا يا محمد فلا تجهل علينا، من حدثك بهذا؟ ما خرج هذا الخبر إلا من عندنا! روي هذا المعنى عن مجاهد. {وإذا خلا} الأصل في {خلا} خلو، قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتقدم معنى {خلا} في أول السورة. ومعنى {فتح} حكم. والفتح عند العرب: القضاء والحكم، ومنه قوله تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} أي الحاكمين، والفتاح: القاضي بلغة اليمن، يقال: بيني وبينك الفتاح، قيل ذلك لأنه ينصر المظلوم على الظالم. والفتح: النصر، ومنه قوله: {يستفتحون على الذين كفروا}، [البقرة: ٨٩]، وقوله: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} [الأنفال: ١٩]. ويكون بمعنى الفرق بين الشيئين. قوله تعالى: {ليحاجوكم به} نصب بلام كي، وإن شئت بإضمار أن، وعلامة النصب، حذف النون. قال يونس: وناس من العرب يفتحون لام كي. قال الأخفش: لأن الفتح الأصل. قال خلف الأحمر: هي لغة بني العنبر. ومعنى {ليحاجوكم} ليعيروكم، ويقولوا نحن أكرم على اللّه منكم. وقيل: المعنى ليحتجوا عليكم بقولكم، يقولون كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقه. وقيل: إن الرجل من اليهود كان يلقى صديقه من المسلمين فيقول له: تمسك بدين محمد فإنه نبي حقا. قوله تعالى: {عند ربكم} قيل في الآخرة، كما قال: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} [الزمر: ٣١]. وقيل: عند ذكر ربكم. وقيل: {عند} بمعنى {في} أي ليحاجوكم به في ربكم، فيكونوا أحق به منكم لظهور الحجة عليكم، وروي عن الحسن. والحجة: الكلام المستقيم على الإطلاق، ومن ذلك محجة الطريق. وحاججت فلانا فحججته، أي غلبته بالحجة. ومنه الحديث: (فحج آدم موسى). قوله تعالى: {أفلا تعقلون} قيل: هو من قول الأحبار للأتباع. وقيل: هو خطاب من اللّه تعالى للمؤمنين، أي أفلا تعقلون أن بني إسرائيل لا يؤمنون وهم بهذه الأحوال، ثم وبخهم توبيخا يتلى فقال: {أولا يعلمون} الآية. فهو استفهام معناه التوبيخ والتقريع. وقرأ الجمهور {يعلمون} بالياء، وابن محيصن بالتاء، خطابا للمؤمنين. والذي أسروه كفرهم، والذي أعلنوه الجحد به. |
﴿ ٧٧ ﴾