٨١

قوله تعالى: {بلى} أي ليس الأمر كما ذكرتم. قال سيبويه: ليس {بلى} و{نعم} اسمين. وإنما هما حرفان مثل {بل} وغيره، وهي رد لقولهم: إن تمسنا النار. وقال الكوفيون: أصلها بل التي للإضراب عن الأول، زيدت عليها الياء ليحسن الوقف، وضمنت الياء معنى الإيجاب والإنعام. فـ {بل} تدل على رد الجحد، والياء تدل على الإيجاب لما بعد. قالوا: ولو قال قائل: ألم تأخذ دينارا؟ فقلت: نعم، لكان المعنى لا، لم آخذ، لأنك حققت النفي وما بعده.

فإذا قلت: بلى، صار المعنى قد أخذت. قال الفراء: إذا قال الرجل لصاحبه: ما لك علي شيء، فقال الآخر: نعم، كان ذلك تصديقا، لأن لا شيء له عليه، ولو قال: بلى، كان ردا لقوله، وتقديره: بلى لي عليك. وفي التنزيل {ألست بربكم قالوا بلى} [الأعراف: ١٧٢] ولو قالوا نعم لكفروا.

قوله تعالى: {سيئة} السيئة الشرك. قال ابن جريج قلت لعطاء: {من كسب سيئة} ؟ قال: الشرك، وتلا {ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار}. وكذا قال الحسن وقتادة، قالا: والخطيئة الكبيرة.

لما قال تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته} دل على أن المعلق على شرطين لا يتم بأقلهما، ومثله قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا} [فصلت: ٣]، وقوله عليه السلام لسفيان بن عبداللّه الثقفي وقد قال له: يا رسول اللّه، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك. قال: (قل آمنت باللّه ثم استقم). رواه مسلم. وقد مضى القول في هذا المعنى وما للعلماء فيه عند قوله تعالى لآدم وحواء: {ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} [البقرة: ٣٥]. وقرأ نافع {خطيئاته} بالجمع، الباقون بالإفراد، والمعنى الكثرة، مثل قوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها}.

﴿ ٨١