٩١

قوله تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا} أي صدقوا.

{بما أنزل اللّه} يعني القرآن. {قالوا نؤمن} أي نصدق.

{بما أنزل علينا} يعني التوراة.

{ويكفرون بما وراءه} أي بما سواه، عن الفراء. وقتادة: بما بعده، وهو قول أبي عبيدة، والمعنى واحد. قال الجوهري: وراء بمعنى خلف، وقد تكون بمعنى قدام. وهي من الأضداد، قال اللّه تعالى: {وكان وراءهم ملك} أي أمامهم، وتصغيرها وريئه (بالهاء) وهي شاذة. وانتصب {وراءه} على الظرف. قال الأخفش: يقال لقيته من وراء، فترفعه على الغاية إذا كان غير مضاف تجعله اسما وهو غير متمكن، كقولك: من قبل ومن بعد، وأنشد:

إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن لقاؤك إلا من وراء وراء

قلت: ومنه قول إبراهيم عليه السلام في حديث الشفاعة: (إنما كنت خليلا من وراء وراء). والوراء: ولد الولد أيضا.

قوله تعالى: {وهو الحق} ابتداء وخبر.

{مصدقا} حال مؤكدة عند سيبويه.

{لما معهم} ما في موضع خفض باللام، و{معهم} صلتها،

و{معهم} نصب بالاستقرار، ومن أسكن جعله حرفا.

قوله تعالى: {قل فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل} رد من اللّه تعالى عليهم في قولهم إنهم آمنوا بما أنزل عليهم، وتكذيب منه لهم وتوبيخ، المعنى: فكيف قتلتم وقد نهيتم عن ذلك! فالخطاب لمن حضر محمدا صلى اللّه عليه وسلم والمراد أسلافهم. وإنما توجه الخطاب لأبنائهم، لأنهم كانوا يتولون أولئك الذين قتلوا، كما قال: {ولو كانوا يؤمنون باللّه والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء} [المائدة: ٨١] فإذا تولوهم فهم بمنزلتهم. وقيل: لأنهم رضوا فعلهم فنسب ذلك إليهم. وجاء {تقتلون} بلفظ الاستقبال وهو بمعنى المضي لما ارتفع الإشكال بقوله: {من قبل}. وإذا لم يشكل فجائز أن يأتي الماضي بمعنى المستقبل، والمستقبل بمعنى الماضي، قال الحطيئة:

شهد الحطيئة يوم يلقى ربه أن الوليد أحق بالعذر

شهد بمعنى يشهد.

قوله تعالى: {إن كنتم مؤمنين} أي إن كنتم معتقدين الإيمان فلم رضيتم بقتل الأنبياء!

وقيل: {إن} بمعنى ما، وأصل {لم} لما، حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر، ولا ينبغي أن يوقف عليه، لأنه إن وقف عليه بلا هاء كان لحنا، وإن وقف عليه بالهاء زيد في السواد.

﴿ ٩١