٩٤قوله تعالى: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة} لما ادعت اليهود دعاوى باطلة حكاها اللّه عز وجل عنهم في كتابه، كقوله تعالى: {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} [البقرة: ٨]، وقوله: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى} [البقرة: ١١١]، وقالوا: {نحن أبناء اللّه وأحباؤه} [المائدة: ١٨] أكذبهم اللّه عز وجل وألزمهم الحجة فقال قل لهم يا محمد: {إن كان لكم الدار الآخرة} يعني الجنة {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين}. قوله تعالى: {عند اللّه خالصة من دون الناس} نصب على خبر كان، وإن شئت كان حالا، ويكون {عند اللّه} في موضع الخبر. {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} في أقوالكم، لأن من اعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحب إليه من الحياة في الدنيا، لما يصير إليه من نعيم الجنة، ويزول عنه من أذى الدنيا، فأحجموا عن تمني ذلك فرقا من اللّه لقبح أعمالهم ومعرفتهم بكفرهم في قولهم: {نحن أبناء اللّه وأحبائه} [المائدة: ١٨]، وحرصهم على الدنيا تحقيقا لكذبهم. وأيضا لو تمنوا الموت لماتوا، كما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقامهم من النار). وقيل: إن اللّه صرفهم عن إظهار التمني، وقصرهم على الإمساك ليجعل ذلك آية لنبيه صلى اللّه عليه وسلم، فهذه ثلاثة أوجه في تركهم التمني. وحكى عكرمة عن ابن عباس في قوله: {فتمنوا الموت} أن المراد ادعوا بالموت على أكذب الفريقين منا ومنكم، فما دعوا لعلمهم بكذبهم. |
﴿ ٩٤ ﴾