١٥١

قوله تعالى: {كما أرسلنا} الكاف في موضع نصب على النعت لمصدر محذوف، المعنى: ولأتم نعمتي عليكم إتماما مثل ما أرسلنا، قاله الفراء.

قال ابن عطية: وهذا أحسن الأقوال، أي ولأتم نعمتي عليكم في بيان سنة إبراهيم عليه السلام مثل ما أرسلنا.

وقيل: المعنى ولعلكم تهتدون اهتداء مثل ما أرسلنا.

وقيل: هي في موضع نصب على الحال، والمعنى: ولأتم نعمتي عليكم في هذه الحال. والتشبيه واقع على أن النعمة في القبلة كالنعمة في الرسالة، وأن الذكر المأمور به في عظمه كعظم النعمة.

وقيل: معنى الكلام على التقديم والتأخير، أي فاذكروني كما أرسلنا روي عن علي رضي اللّه عنه واختاره الزجاج. أي كما أرسلنا فيكم رسولا تعرفونه بالصدق فاذكروني بالتوحيد والتصديق به. والوقف على {تهتدون} على هذا القول جائز.

قلت: وهذا اختيار الترمذي الحكيم في كتابه، أي كما فعلت بكم هذا من المنن التي عددتها عليكم فاذكروني بالشكر أذكركم بالمزيد، لأن في ذكركم ذلك شكرا لي، وقد وعدتكم بالمزيد على الشكر، وهو قوله: {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم: ٧]، فالكاف في قوله {كما} هنا، وفي الأنفال {كما أخرجك ربك} [الأنفال: ٥] وفي آخر الحجر {كما أنزلنا على المقتسمين} [الحجر: ٩] متعلقة بما بعده، على ما يأتي بيانه.

﴿ ١٥١