٢٠١قوله تعالى: {ومنهم} أي من الناس، وهم المسلمون يطلبون خير الدنيا والآخرة. واختلف في تأويل الحسنتين على أقوال عديدة، فروي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الحسناء، وفي الآخرة الحور العين. {وقنا عذاب النار}: المرأة السوء. قلت: وهذا فيه بعد، ولا يصح عن علي، لأن النار حقيقة في النار المحرقة، وعبارة المرأة عن النار تجوز. وقال قتادة: حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال. وقال الحسن: حسنة الدنيا العلم والعبادة. وقيل غير هذا. والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدنيا والآخرة. وهذا هو الصحيح، فإن اللفظ يقتضي هذا كله، فإن {حسنة} نكرة في سياق الدعاء، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل. وحسنة الآخرة: الجنة بإجماع. وقيل: لم يرد حسنة واحدة، بل أراد: أعطنا في الدنيا عطية حسنة، فحذف الاسم. قوله تعالى: {وقنا عذاب النار} أصل {قنا} أو قنا حذفت الواو كما حذفت في يقي ويشي، لأنها بين ياء وكسرة، مثل يعد، هذا قول البصريين. وقال الكوفيون: حذفت فرقا بين اللازم والمتعدي. قال محمد بن يزيد: هذا خطأ، لأن العرب تقول. ورم يرم، فيحذفون الواو. والمراد بالآية الدعاء في ألا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه الشفاعة. ويحتمل أن يكون دعاء مؤكدا لطلب دخول الجنة، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز من الطرفين، كما قال أحد الصحابة للنبي صلى اللّه عليه وسلم أنا إنما أقول في دعائي: اللّهم أدخلني الجنة وعافني من النار، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (حولها ندندن) خرجه أبو داود في سننه وابن ماجة أيضا. هذه الآية من جوامع الدعاء التي عمت الدنيا والآخرة. قيل لأنس: ادع اللّه لنا، فقال: اللّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قالوا: زدنا. قال: ما تريدون قد سألت الدنيا والآخرة وفي الصحيحين عن أنس قال: كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: (اللّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). قال: فكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه. وفي حديث عمر أنه كان يطوف بالبيت وهو يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ما له هجيرى غيرها، ذكره أبو عبيد. وقال ابن جريج: بلغني أنه كان يأمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في الموقف هذه الآية: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}. وقال ابن عباس: إن عند الركن ملكا قائما منذ خلق اللّه السموات والأرض يقول آمين، فقولوا: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} وسئل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (وكل به سبعون ملكا فمن قال اللّهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين...) الحديث. خرجه ابن ماجة في السنن، وسيأتي بكماله مسندا في {الحج] إن شاء اللّه. |
﴿ ٢٠١ ﴾