٢٧٧

قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} تقدم القول فيه وخص الصلاة والزكاة بالذكر وقد تضمنها عمل الصالحات تشريفا لهما وتنبيها على قدرهما إذ هما رأس الأعمال الصلاة في أعمال البدن والزكاة في أعمال المال.

قوله تعالى: {لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} الخوف هو الذعر ولا يكون إلا في المستقبل وخاوفني فلان فخفته أي كنت أشد خوفا منه والتخوف التنقص ومنه قوله تعالى {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: ٤٧]

وقرأ الزهري والحسن وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق ويعقوب {فلا خوف} بفتح الفاء على التبرمة والاختيار عند النحويين الرفع والتنوين على الابتداء لأن الثاني معرفة لا يكون فيه إلا الرفع لأن {لا} لا تعمل في معرفة فاختاروا في الأول الرفع أيضا ليكون الكلام من وجه واحد ويجوز أن تكون {لا} في قوله فلا خوف بمعنى ليس والحزن والحزن ضد السرور ولا يكون إلا على ماض وحزن الرجل - بالكسر - فهو حزن وحزين وأحزنه غيره وحزنه أيضا مثل أسلكه وسلكه ومحزون بنى عليه قال اليزيدي حزنه لغة قريش وأحزنه لغة تميم وقد قرئ بهما واحتزن وتحزن بمعنى

والمعنى في الآية فلا خوف عليهم فيما بين أيديهم من الآخرة ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدني

وقيل ليس فيه دليل على نفي أهوال يوم القيامة وخوفها على المطيعين لما وصفه اللّه تعالى ورسوله من شدائد القيامة إلا أنه يخففه عن المطيعين وإذا صاروا إلى رحمته فكأنهم لم يخافوا واللّه أعلم.

﴿ ٢٧٧