٢٨ قال ابن عباس: نهى اللّه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار فيتخذوهم أولياء؛ ومثله {لا تتخذوا بطانة من دونكم} [آل عمران ١١٨] وهناك يأتي بيان هذا المعنى. ومعنى {فليس من اللّه في شيء} أي فليس من حزب اللّه ولا من أوليائه في شيء؛ مثل {واسأل القرية} [يوسف: ٨٢]. وحكى سيبويه {هو مني فرسخين} أي من أصحابي ومعي. ثم استثنى فقال: {إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال معاذ بن جبل ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين؛ فأما اليوم فقد أعز اللّه الإسلام أن يتقوا من عدوهم. قال ابن عباس: هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا يقتل ولا يأتي مأثما. وقال الحسن: التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة، ولا تقية في القتل. وقرأ جابر بن زيد ومجاهد والضحاك: {إلا أن تتقوا منهم تقية} وقيل: إن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار فله أن يداريهم باللسان إذا كان خائفا على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم. ومن أكره على الكفر فالصحيح أن له أن يتصلب ولا يجيب إلى التلفظ بكلمة الكفر؛ بل يجوز له ذلك على ما يأتي بيانه في {النحل} إن شاء اللّه تعالى. وأمال حمزة والكسائي {تقاة}، وفخم الباقون؛ وأصل {تقاة} وُقَيَة على وزن فعلة؛ مثل تؤدة وتهمة، قلبت الواو تاء والياء ألفا. وروى الضحاك عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري وكان بدريا تقيا وكان له حلف من اليهود؛ فلما خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الأحزاب قال عبادة: يا نبي اللّه، إن معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو. فأنزل اللّه تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} الآية. وقيل: إنها نزلت في عمار بن ياسر حين تكلم ببعض ما أراد منه المشركون، على ما يأتي بيانه في [النحل]. قوله تعالى: {ويحذركم اللّه نفسه} قال الزجاج: أي ويحذركم اللّه إياه. ثم استغنوا عن ذلك بذا وصار المستعمل؛ قال تعالى: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} [المائدة: ١١٦] فمعناه تعلم ما عندي وما في حقيقتي ولا أعلم ما عندك ولا ما في حقيقتك. وقال غيره: المعنى ويحذركم اللّه عقابه؛ مثل {واسأل القرية}. وقال: {تعلم ما في نفسي} أي مغيبي، فجعلت النفس في موضع الإضمار لأنه فيها يكون. {وإلى اللّه المصير} أي وإلى جزاء اللّه المصير. وفيه إقرار بالبعث. |
﴿ ٢٨ ﴾