١٠٤

{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} قد مضى القول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه السورة.

و{من} في قوله {منكم} للتبعيض، ومعناه أن الآمرين يجب أن يكونوا علماء وليس كل الناس علماء.

وقيل: لبيان الجنس، والمعنى لتكونوا كلكم كذلك.

قلت: القول الأول أصح؛ فإنه يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية، وقد عينهم اللّه تعالى بقوله: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة} [الحج: ٤١] الآية. وليس كل الناس مكنوا.

وقرأ ابن الزبير: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون اللّه على ما أصابهم} قال أبو بكر الأنباري: وهذه الزيادة تفسير من ابن الزبير، وكلام من كلامه غلط فيه بعض الناقلين فألحقه بألفاظ القرآن؛ يدل على صحة ما أصف الحديث الذي حدثنيه أبي حدثنا حسن بن عرفة حدثنا وكيع عن أبي عاصم عن أبي عون عن صبيح قال: سمعت عثمان بن عفان يقرأ

{ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون اللّه على ما أصابهم} فما يشك عاقل في أن عثمان لا يعتقد هذه الزيادة من القرآن؛ إذ لم يكتبها في مصحفه الذي هو إمام المسلمين، وإنما ذكرها واعظا بها ومؤكدا ما تقدمها من كلام رب العالمين جل وعلا.

﴿ ١٠٤