١٢٧

قوله تعالى: {وما جعله اللّه إلا بشرى لكم} الهاء للمدد، وهو الملائكة أو الوعد أو الإمداد، ويدل عليه {يمددكم} أو للتسويم أو للإنزال أو العدد على المعنى؛ لأن خمسة آلاف عدد.

{ولتطمئن قلوبكم به} اللام لام كي، أي ولتطمئن قلوبكم به جعله؛ كقوله: {وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا} [فصلت: ١٢] أي وحفظا لها جعل ذلك.

{وما النصر إلا من عند اللّه} يعني نصر المؤمنين، ولا يدخل في ذلك نصر الكافرين؛ لأن ما وقع لهم من غلبة إنما هو إملاء محفوف بخذلان وسوء عاقبة وخسران.

{ ليقطع طرفا من الذين كفروا} أي بالقتل. ونظم الآية: ولقد نصركم اللّه ببدر ليقطع.

وقيل: المعنى وما النصر إلا من عند اللّه ليقطع. ويجوز أن يكون متعلقا بـ {يمددكم}، أي يمددكم ليقطع. والمعنى: من قتل من المشركين يوم بدر، عن الحسن وغيره. السدي: يعني به من قتل من المشركين يوم أحد وكانوا ثمانية عشر رجلا.

ومعنى {يكبتهم} يحزنهم؛ والمكبوت المحزون. وروى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم جاء إلى أبي طلحة فرأى ابنه مكبوتا فقال: (ما شأنه) ؟. فقيل: مات بعيره. وأصله فيما ذكر بعض أهل اللغة {يكبدهم} أي يصيبهم بالحزن والغيظ في أكبادهم، فأبدلت الدال تاء، كما قلبت في سَبَتَ رأسه وسبده أي حلقه. كبت اللّه العدو كبتا إذا صرفه وأذله، كبده، أصابه في كبده؛ يقال: قد أحرق الحزن كبده، وأحرقت العداوة كبده. وتقول العرب للعدو: أسود الكبد؛ قال الأعشى:

فما أجشمت من إتيان قوم  هم الأعداء والأكباد سود

كأن الأكباد لما احترقت بشدة العداوة اسودت.

وقرأ أبو مجلز {أو يكبدهم} بالدال. والخائب: المنقطع الأمل. خاب يخيب إذا لم ينل ما طلب. والخياب: القَدْح لا يوري.

﴿ ١٢٧