١٩٤ قوله تعالى: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} أي على ألسنة رسلك؛ مثل {واسأل القرية}. وقرأ الأعمش والزهري {رسلك} بالتخفيف، وهو ما ذكر من استغفار الأنبياء والملائكة للمؤمنين؛ والملائكة يستغفرون لمن في الأرض. وما ذكر من دعاء نوح للمؤمنين ودعاء إبراهيم واستغفار النبي صلى اللّه عليه وسلم لأمته. {ولا تخزنا} أي لا تعذبنا ولا تهلكنا ولا تفضحنا، ولا تهنا ولا تبعدنا ولا تمقتنا يوم القيامة {إنك لا تخلف الميعاد}. إن قيل: ما وجه قولهم {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك} [آل عمران: ١٩٤] وقد علموا أنه لا يخلف الميعاد؛ فالجواب من ثلاثة أوجه: الأول: أن اللّه سبحانه وعد من آمن بالجنة، فسألوا أن يكونوا ممن وعد بذلك دون الخزي: والعقاب. الثاني: أنهم دعوا بهذا الدعاء على جهة العبادة والخضوع؛ والدعاء مخ العبادة. وهذا كقوله {قال رب احكم بالحق} [الأنبياء: ١١٢] وإن كان هو لا يقضي إلا بالحق. الثالث: سألوا أن يعطوا ما وعدوا به من النصر على عدوهم معجلا؛ لأنها حكاية عن أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، فسألوه ذلك إعزازا للدين. واللّه أعلم. وروى أنس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (من وعده اللّه عز وجل على عمل ثوابا فهو منجز له رحمة ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار). والعرب تذم بالمخالفة في الوعد وتمدح بذلك في الوعيد؛ حتى قال قائلهم: ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختفي من خشية المتهدد وإني متى أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي |
﴿ ١٩٤ ﴾