٣٧

قوله تعالى: {الذين يبخلون} {الذين} في موضع نصب على البدل من {من} في قوله: {من كان} ولا يكون صفة؛ لأن {من} و{ما} لا يوصفان ولا يوصف بهما. ويجوز أن يكون في موضع رفع بدلا من المضمر الذي في فخور. ويجوز أن يكون في موضع رفع فيعطف عليه. ويجوز أن يكون ابتداء والخبر محذوف، أي الذين يبخلون، لهم كذا، أو يكون الخبر {إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة} [النساء:٤٠]. ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعني، فتكون الآية في المؤمنين؛ فتجيء الآية على هذا التأويل أن الباخلين منفية عنهم محبة اللّه، فأحسنوا أيها المؤمنون إلى من سمي فإن اللّه لا يحب من فيه الخلال المانعة من الإحسان.

قوله تعالى: {يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} البخل المذموم في الشرع هو الامتناع من أداء ما أوجب اللّه تعالى عليه. وهو مثل قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله} [آل عمران: ١٨٠] الآية. وقد مضى في {آل عمران} القول في البخل وحقيقته، والفرق بينه وبين الشح مستوفى. والمراد بهذه الآية في قول ابن عباس وغيره اليهود؛ فإنهم جمعوا بين الاختيال والفخر والبخل بالمال وكتمان ما أنزل اللّه من التوراة من نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم.

وقيل: المراد المنافقون الذي كان إنفاقهم وإيمانهم تقية، والمعنى إن اللّه لا يحب كل مختال فخور، ولا الذين يبخلون؛ على ما ذكرنا من إعرابه.

قوله تعالى: {وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} فصل تعالى توعد المؤمنين الباخلين من توعد الكافرين بأن جعل الأول عدم المحبة والثاني عذابا مهينا.

﴿ ٣٧