٦١ روى يزيد بن زريع عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم؛ لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة. ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم؛ لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم؛ فلما اجتمعا على أن يحكما كاهنا في جهينة؛ فأنزل اللّه تعالى في ذلك: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك} يعني المنافق. {وما أنزل من قبلك} يعني اليهودي. {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى قوله: {ويسلموا تسليما} وقال الضحاك: دعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف وهو {الطاغوت} ورواه أبو صالح عن ابن عباس قال: كان بين رجل من المنافقين يقال له بشر وبين يهودي خصومة؛ فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: بل إلى كعب بن الأشرف وهو الذي سماه اللّه {الطاغوت} أي ذو الطغيان فأبى اليهودي أن يخاصمه إلا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ فلما رأى ذلك المنافق أتى معه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقضى لليهودي. فلما خرجا قال المنافق: لا أرضى، انطلق بنا إلى أبي بكر؛ فحكم لليهودي فلم يرض ذكره الزجاج وقال: انطلق بنا إلى عمر فأقبلا على عمر فقال اليهودي: إنا صرنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم إلى أبي بكر فلم يرض؛ فقال عمر للمنافق: أكذلك هو ؟ قال: نعم. قال: رويدكما حتى أخرج إليكما. فدخل وأخذ السيف ثم ضرب به المنافق حتى برد، وقال: هكذا أقضي على من لم يرض بقضاء اللّه وقضاء رسوله؛ وهرب اليهودي، ونزلت الآية، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أنت الفاروق ). ونزل جبريل وقال: إن عمر فرق بين الحق والباطل؛ فسمي الفاروق. وفي ذلك نزلت الآيات كلها إلى قوله: {ويسلموا تسليما} [النساء: ٦٥] وانتصب: {ضلالا} على المعنى، أي فيضلون ضلالا؛ ومثله قوله تعالى: {واللّه أنبتكم من الأرض نباتا} [نوح: ١٧]. وقد تقدم هذا المعنى مستوفى. و{صدودا} اسم للمصدر عند الخليل، والمصدر الصد. والكوفيون يقولون: هما مصدران. |
﴿ ٦١ ﴾