١٣٢

قوله تعالى: {وإن يتفرقا يغن اللّه كلا من سعته }أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما باللّه، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

وروي عن جعفر بن محمد أن رجلا شكا إليه الفقر، فأمره بالنكاح، فذهب الرجل وتزوج؛ ثم جاء إليه وشكا إليه الفقر، فأمره بالطلاق؛ فسئل عن هذه الآية فقال: أمرته بالنكاح لعله من أهل هذه الآية: {إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله} فلما لم يكن من أهل تلك الآية أمرته بالطلاق ف قلت: فلعله من أهل هذه الآية {وإن يتفرقا يغن اللّه كلا من سعته}.

قوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم }أي الأمر بالتقوى كان عاما لجميع الأمم: وقد مضى القول في التقوى.

{وإياكم} عطف على {الذين}.

{أن اتقوا اللّه} في موضع نصب؛ قال الأخفش: أي بأن اتقوا اللّه. وقال بعض العارفين: هذه الآية هي رحى أي القرآن، لأن جميعه يدور عليها.

قوله تعالى: {وإن تكفروا فإن للّه ما في السماوات وما في الأرض وكان اللّه غنيا حميدا، وللّه ما في السماوات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلا} إن قال قائل: ما فائدة هذا التكرير ؟ فعنه جوابان:

أحدهما: أنه كرر تأكيدا؛ ليتنبه العباد وينظروا ما في ملكوته وملكه وأنه غني عن العالمين.

الجواب الثاني: أنه كرر لفوائد: فأخبر في الأول أن اللّه تعالى يغني كلا من سعته؛ لأن له ما في السموات وما في الأرض فلا تنفد خزائنه. ثم قال: أوصيناكم وأهل الكتاب بالتقوى

{وإن تكفروا }أي وإن تكفروا فإنه غني عنكم؛ لأن له ما في السموات وما في الأرض. ثم أعلم في الثالث بحفظ خلقه وتدبيره إياهم بقوله: {وكفى باللّه وكيلا }لأن له ما في السموات وما في الأرض.

وقال: {ما في السموات} ولم يقل من في السموات؛ لأنه ذهب به مذهب الجنس، وفي السموات والأرض من يعقل ومن لا يعقل.

﴿ ١٣٢