٨٩ قوله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا} تقدم معناه. ومعنى {أو لتعودن في ملتنا} أي لتصيرن إلى ملتنا وقيل: كان أتباع شعيب قبل الإيمان به على الكفر أي لتعودن إلينا كما كنتم من قبل. قال الزجاج: يجوز أن يكون العود بمعنى الابتداء؛ يقال: عاد إلي من فلان مكروه، أي صار، وإن لم يكن سبقه مكروه قبل ذلك، أي لحقني ذلك منه. فقال لهم شعيب: {أولو كنا كارهين} أي ولو كنا كارهين تجبروننا عليه، أي على الخروج من الوطن أو العود في ملتكم. أي إن فعلتم هذا أتيتم عظيما. قوله تعالى: {قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا اللّه منها} إياس من العود إلى ملتهم. {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء اللّه ربنا} قال أبو إسحاق الزجاج: أي إلا بمشيئة اللّه عز وجل، قال: وهذا قول أهل السنة؛ أي وما يقع منا العود إلى الكفر إلا أن يشاء اللّه ذلك. فالاستثناء منقطع. وقيل: الاستثناء هنا على جهة التسليم للّه عز وجل؛ كما قال: {وما توفيقي إلا باللّه} [هود: ٨٨]. والدليل على هذا أن بعده {وسع ربنا كل شيء علما على اللّه توكلنا}. وقيل: هو كقولك ألا أكلمك حتى يبيض الغراب، وحتى يلج الجمل في سم الخياط. والغراب لا يبيض أبدا، والجمل لا يلج في سم الخياط. قوله تعالى: {وسع ربنا كل شيء علما} أي علم ما كان وما يكون. {علما} نصب على التمييز. {وما يكون لنا أن نعود فيها} أي في القرية بعد أن كرهتم مجاورتنا، بل نخرج من قريتكم مهاجرين إلى غيرها. {إلا أن يشاء اللّه} ردنا إليها. وفيه بعد؛ لأنه يقال: عاد للقرية ولا يقال عاد في القرية. قوله تعالى: {على اللّه توكلنا} أي اعتمدنا. وقد تقدم. {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} قال قتادة: بعثه اللّه إلى أمتين: أهل مدين، وأصحاب الأيكة. قال ابن عباس: وكان شعيب كثير الصلاة، فلما طال تمادي قومه في كفرهم وغيهم، ويئس من صلاحهم، دعا عليهم فقال: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} فاستجاب اللّه دعاءه فأهلكهم بالرجفة. |
﴿ ٨٩ ﴾