|
٤٩ قوله تعالى: {وكان في المدينة} أي في مدينة صالح وهي الحجر {تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} أي تسعة رجال من أبناء أشرافهم. قال الضحاك. كان هؤلاء التسعة عظماء أهل المدينة، وكانوا يفسدون في الأرض ويأمرون بالفساد، فجلسوا عند صخرة عظيمة فقلبها اللّه عليهم. وقال عطاء بن أبي رباح: بلغني أنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم، وذلك من الفساد في الأرض؛ وقاله سعيد بن المسيب. وقيل: فسادهم أنهم يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم. وقيل: غير هذا. واللازم من الآية ما قاله الضحاك وغيره أنهم كانوا من أوجه القوم وأقناهم وأغناهم، وكانوا أهل كفر ومعاص جمة؛ وجملة أمرهم أنهم يفسدون ولا يصلحون. والرهط اسم للجماعة؛ فكأنهم كانوا رؤساء يتبع كل واحد منهم رهط. والجمع أرهط وأراهط. قال: يا بؤس للحرب التي وضعت أراهط فاستراحوا وهؤلاء المذكورون كانوا أصحاب قُدَار عاقر الناقة؛ ذكره ابن عطية. قلت: واختلف في أسمائهم؛ فقال الغزنوي: وأسماؤهم قدار بن سالف ومصدع وأسلم ودسما وذهيم وذعما وذعيم وقتال وصداق. ابن إسحاق: رأسهم قدار بن سالف ومصدع بن مهرع، فاتبعهم سبعة؛ هم بلع بن ميلع ودعير بن غنم وذؤاب بن مهرج وأربعة لم تعرف أسماؤهم. وذكر الزمخشري أسماءهم عن وهب بن منبه: الهذيل بن عبد رب، غنم بن غنم، رياب بن مهرج، مصدع بن مهرج، عمير بن كردبة، عاصم بن مخرمة، سبيط بن صدقة، سمعان بن صفي، قدار بن سالف؛ وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وكانوا عتاة قوم صالح، وكانوا من أبناء أشرافهم. السهيلي: ذكر النقاش التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وسماهم بأسمائهم، وذلك لا ينضبط برواية؛ غير أني أذكره على وجه الاجتهاد والتخمين، ولكن نذكره على ما وجدناه في كتاب محمد بن حبيب، وهم: مصدع بن دهر. ويقال دهم، وقدار بن سالف، وهريم وصواب ورياب وداب ودعما وهرما ودعين بن عمير. قلت: وقد ذكر الماوردي أسماءهم عن ابن عباس فقال: هم دعما ودعيم وهرما وهريم وداب وصواب ورياب ومسطح وقدار، وكانوا بأرض الحجر وهي أرض الشام. قوله تعالى: {قالوا تقاسموا باللّه لنبيتنه وأهله} يجوز أن يكون {تقاسموا} فعلا مستقبلا وهو أمر؛ أي قال بعضهم لبعض احلفوا. ويجوز أن يكون ماضيا في معنى الحال كأنه قال: قالوا متقاسمين باللّه؛ ودليل هذا التأويل قراءة عبداللّه: {يفسدون في الأرض ولا يصلحون. تقاسموا باللّه} وليس فيها {قالوا}. {لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه} قراءة العامة بالنون فيهما واختاره أبو حاتم. وقرأ حمزة والكسائي: بالتاء فيهما، وضم التاء واللام على الخطاب أي أنهم تخاطبوا بذلك؛ واختاره أبو عبيد. وقرأ مجاهد وحميد بالياء فيهما، وضم الياء واللام على الخبر. والبيات مباغتة العدو ليلا. ومعنى {لوليه} أي لرهط صالح الذي له ولاية الدم. {ما شهدنا مهلك أهله} أي ما حضرنا، ولا ندري من قتله وقتل أهله. والمهلك بمعنى الإهلاك؛ ويجوز أن يكون الموضع. وقرأ عاصم والسلمي: (بفتح الميم واللام) أي الهلاك؛ يقال: ضرب يضرب مضربا أي ضربا. وقرأ المفضل وأبو بكر: (بفتح الميم وجر اللام) فيكون اسم المكان كالمجلس لموضع الجلوس؛ ويجوز أن يكون مصدرا؛ كقوله تعالى: {إليه مرجعكم} [يونس: ٤] أي رجوعكم. |
﴿ ٤٩ ﴾