٢٩

قوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا} أي هزلا ولعبا. أي ما خلقناهما إلا لأمر صحيح وهو الدلالة على قدرتنا.

{ذلك ظن الذين كفروا} أي حسبان الذين كفروا أن اللّه خلقهما باطلا.

{فويل للذين كفروا من النار} ثم وبخهم فقال: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} والميم صلة تقديره: أنجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات

{كالمفسدين في الأرض} فكان في هذا رد على المرجئة؛ لأنهم يقولون: يجوز أن يكون المفسد كالصالح أو أرفع درجة منه. وبعده أيضا:

{نجعل المتقين كالفجار} أي أنجعل أصحاب محمد عليه السلام كالكفار؛ قاله ابن عباس.

وقيل هو عام في المسلمين المتقين والفجار الكافرين وهو أحسن، وهو رد على منكري البعث الذين جعلوا مصير المطيع والعاصي إلى شيء واحد. قوله تعالى:

{كتاب} أي هذا كتاب {أنزلناه إليك مبارك} أي {أنزلناه إليك مبارك} يا محمد {ليدبروا} أي ليتدبروا فأدغمت التاء في الدال. وفي هذا دليل على، وجوب معرفة معاني القرآن، ودليل على أن الترتيل أفضل من الهذ؛ إذ لا يصح التدبر مع الهذ على ما بيناه في كتاب التذكار. وقال الحسن: تدبر آيات اللّه اتباعها. وقراءة العامة {ليدبروا }. وقرأ أبو حنيفة وشيبة: {لتدبروا} بتاء وتخفيف الدال، وهي قراءة علي رضي اللّه عنه، والأصل لتتدبروا فحذف إحدى التاءين تخفيفا

{وليتذكر أولو الألباب} أي أصحاب العقول وأحدها لب، وقد جمع على ألب، كما جمع بؤس على أبؤس، ونعم على أنعم؛ قال أبو طالب:قلبي إليه مشرف الألبوربما أظهروا التضعيف في ضرورة الشعر؛ قال الكميت:

إليكم ذوي آل النبي تطلعت نوازع من قلبي ظماء وألبب

﴿ ٢٩