٣

قوله تعالى: {حم، والكتاب المبين} تقدم.

وقيل: {حم} قسم. {والكتاب المبين} قسم ثان؛ وللّه أن يقسم بما شاء.

والجواب {إنا جعلناه}. وقال ابن الأنباري: من جعل جواب {والكتاب} {حم} - كما تقول نزل واللّه وجب واللّه - وقف على {الكتاب المبين}. ومن جعل جواب القسم {إنا جعلناه} لم يقف على {الكتاب المبين}.

ومعنى: {جعلناه} أي سميناه ووصفناه؛ ولذلك تعدى إلى مفعولين؛ كقوله تعالى: {ما جعل اللّه من بحيرة} {المائدة: ١٠٣}. وقال السدي: أي أنزلناه قرآنا. مجاهد: قلناه الزجاج وسفيان الثوري: بيناه.

{عربيا} أي أنزلناه بلسان العرب؛ لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه؛ قال سفيان الثوري وغيره. وقال مقاتل: لأن لسان أهل السماء عربي.

وقيل: المراد بالكتاب جميع الكتب المنزلة على الأنبياء؛ لأن الكتاب اسم جنس فكأنه أقسم بجميع ما أنزل من الكتب أنه جعل القرآن عربيا.والكناية في قوله: {جعلناه} ترجع إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة؛ كقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}. {القدر: ١}.

{لعلكم تعقلون} أي تفهمون أحكامه ومعانيه. فعلى هذا القول يكون خاصا للعرب دون العجم؛ قال ابن عيسى.وقال ابن زيد: المعنى لعلكم تتفكرون؛ فعلى هذا يكون خطابا عاما للعرب والعجم. ونعت الكتاب بالمبين لأن اللّه بين فيه أحكامه وفرائضه؛ على ما تقدم في غير موضع.

﴿ ٣