٣٠{وإذ قال ربك للملائكة} إذ نصب باضمار اذكر والملائكة جمع ملاك كالشمائل جمع شمأل والحاق التاء بتأنيث الجمع {إني جاعل} أى مصير من جعل الذى له مفعولان وهما {في الأرض خليفة} وهو من يخلف غيره فعيله بمعنى فاعلة وزيدت الهاء للمبالغة والمعنى خليفة منكم لأنهم كانوا سكان الأرض فخلقهم فيها آدم وذريته ولم يقل خلاف أو خلفاء لأنه اريد بالخليفة آدم واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغنى بذكر ابى القبيلة فى قولك مضر وهاشم أو اريد من يخلفكم أو خلفا يخلفكم فوحد لذلك أو خليفة منى لأن آدم كان خليفة اللّه فى أرضه وكذلك كل نبى قال اللّه تعالى {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} و إنما أخبرهم بذلك ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته فى استخلافهم قبل كونهم أو ليعلم عباده المشاورة فى امورهم قبل أن يقدموا عليها و إن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنيا عن المشاورة {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذى لا يجهل و إنما عرفوا ذلك باخبار من اللّه تعالى أو من جهة اللوح أو قاسوا احد الثقلين على الآخر {ويسفك الدماء} أى يصب والواو فى {ونحن نسبح} للحال كما تقول أتحسن إلى فلان و أنا أحق منه بالإحسان {بحمدك} فى موضع الحال أى نسبح حامدين لك ومتلبسين بحمدك كقوله تعالى {وقد دخلوا بالكفر} أى دخلوا كافرين {ونقدس لك} ونطهر أنفسنا لك وقيل التسبيح والتقديس تبعيد اللّه من السوء من سبح فى الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها و أبعد {قال إني أعلم ما لا تعلمون} أي اعلم من الحكم فى ذلك ما هو خفى عليكم يعنى يكون فيهم الأنبساء و الأولياء والعلماء وما بمعنى الذى وهو مفعول أعلم والعائد محذوف أى مالا تعلمونه إنى حجازى و أبو عمرو |
﴿ ٣٠ ﴾