٦١{وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد} هو ما رزقوا في التيه من المن والسلوى و إنما قالوا على طعام واحد وهما طعامان لأنهم أرادوا بالواحد ما لا يتبدل ولو كان على مائدة الرجل ألوان عدة يداوم عليها كل يوم لا يبدلها يقال لا يأكل فلان إلا طعاما واحدا ويراد بالوحدة نفى التبدل والاختلاف أو أرادوا أنهما ضرب واحد لأنهما معا من طعام أهل التلذد والتترف وكانوا من أهل الزراعات فأرادوا ما ألفوا من البقول والحبوب وغير ذلك {فادع لنا ربك} سله وقل له أخرج لنا {يخرج لنا} يظهر لنا ويوجد {مما تنبت الأرض من بقلها} هو ما أنبتته الأرض من الخضر والمراد به أطايب البقول كالنعناع والكرفس والكراث ونحوهما مما يأكل الناس {وقثائها} يعنى الخيار {وفومها} هو الحنطة أو الثوم لقراءة ابن مسعود وثومها {وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى} أقرب منزلة وأدون مقدارا والدنو والقرب يعبر بهما عن قلة المقدار {بالذي هو خير} ارفع وأجل {اهبطوا مصرا} من الأمصار أى انحدروا إليه من التيه وبلاد التيه ما بين بيت المقدس إلى قنسرين وهى اثنا عشر فرسخا فى ثمانية فراسخ أو مصر فرعون و إنما صرفه مع وجود السببين وهما التأنيث والتعريف لارادة البلد أو لسكون وسطه كنوح ولوط وفيهما العجمة والتعريف {فإن لكم} فيها {ما سألتم} أى فإن الذى سألتم يكون فى الأمصار لا فى التيه {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} أى الهوان والفقر يعنى جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم فهم فيها كما يكون فى القبة من ضربت عليه أو الصقت بهم حتى لزمتهم ضربة لازب كما يضرب الطين على الحائط فيلزمه فاليهود صاغرون أذلاء أهل مسكنة وفقر إما على الحقيقة و إما لتصاغرهم وتفاقرهم خيفة أن تضاعف عليهم الجزية عليهم الذلة حمزة وعلى وكذا كل ما كان قبل الهاء ياء ساكنة وبكسر الهاء والميم أبو عمرو وبكسر الهاء وضم الميم غيرهم {وباؤوا بغضب من اللّه} من قولك باء فلان بفلان إذا كان حقيقيا بأن يقتل به لمساواته له أى صاروا أحقاء بغضبه وعن الكسائي حفوا {ذلك} إشارة إلى ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة والخلاقة بالغضب {بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون النبيين} بالهمزة نافع وكذا بابه أى ذلك بسبب كفرهم وقتلهم الانبياء وقد قتلت اليهود شعياء وزكريا ويحيا صلوات اللّه عليهم والنبي من النبأ لأنه يخبر عن اللّه تعالى فعيل بمعنى مفعل أو بمعنى مفعل أو من نبأ أى ارتفع والنبوة المكان المرتفع {بغير الحق} عندهم أيضا فإنهم لو أنصفوا لم يذكورا شيئا يستحقون به القتل عندهم فى التوراة وهو فى محل النصب على الحال من الضمير فى يقتلون أى يقتلونهم مبطلين {ذلك} تكرار للاشارة {بما عصوا وكانوا يعتدون} بسبب ارتكابهم أنواع المعاصي واعتدائهم حدود اللّه فى كل شيء مع كفرهم بآيات اللّه وقتلهم الأنبياء وقيل هو اعتداؤهم في السبت ويجوز أن يشار بذلك إلى الكفر وقتل الأنبياء على معنى أن ذلك بسبب عصيانهم واعتدائهم لأنهم انهمكوا فهما وغلوا حتى قست قلوبهم فجسروا على جحود الآيات وقتلهم الأنبياء أو ذلك الكفر والقتل مع ما عصوا |
﴿ ٦١ ﴾