١٨٩{يسألونك عن الأهلة} جمع هلال سمى به لرفع الناس أصواتهم عند رؤيته {قل هي مواقيت للناس والحج} أى معالم يوقت بها الناس مزارعهم ومتاجرهم ومحال ديونهم وصومهم وفطرهم وعدة نسائهم وأيام حيضهن ومدة حملهن وغير ذلك ومعالم للحج يعرف بها وقته كان ناس من الأنصار اذا أحرموا لم يدخل أحد منهم حائطا ولا دار ولا فسطاطا من باب فان كان من أهل الدر نقب نقبا في ظهر بيته منه يدخل ويخرج وان كان من أهل الوبر خرج من خلف الخباء فنزل {ه} أى ليس البر بتحرجكم من دخول الباب ولا خلاف فى رفع البر هنا لأن الآية ثمة تحتمل الوجهين كما بينا فجاز الرفع والنصب ثمة وهذه لا تحتمل إلا وجها واحدا وهو الرفع إذ الباء لا تدخل إلا على خبر ليس {ولكن البر} بر {من اتقى} ما حرم اللّه البيوت وبابه مدنى وبصرى وحفص وهو الأصل مثل كعب وكعوب ومن كسر الباء فلمكان الياء بعدها ولكن هىتوجب الخروج من كسر إلى ضم وكأنه قيل لهم عند سؤالهم عن الأهلة وعن الحكمة فى نقصانها وتمامها معلوم أن كل ما يفعله اللّه تعالى لا يكون إلا حكمة فدعوا السؤال عنه وانظروا فى خصلة واحدة تفعلونها مما ليس من البر فى شيء وانتم تحسبونها برا فهذا وجه اتصاله بما قبله ويحتمل أن يكون ذلك على طريق الاستطراد لما ذكر أنها مواقيت الحج لأنه كان من أفعالهم فى الحج ويحتمل أن يكون هذا تمثيلا لتعكيسهم فى سؤالهم و أن مثلهم فيه كمثل من يترك باب البيت ويدخل من ظهره والمعنى ليس البر وما ينبغى أن تكونوا عليه بأن تعكسوا فى مسائلكم ولكن البر بر من اتقى ذلك وتجنبه ولم يجسر على مثله {ه} أى وباشروا الأمور من وجوهها التى يجب أن تباشر عليها ولا تعكسوا أو المراحد وجوب الاعتقاد بأن جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب من غير اختلاج شبهة ولا اعتراض شك فى ذلك متى لا يسأل عنه لما فى السؤال من الاتهام بمقارفة الشك لا يسأل عما يفعل وهم يسألون {واتقوا اللّه} فيما أمركم به ونهاكم عنه {لعلكم تفلحون} لتفوزوا بالنعيم السرمدى |
﴿ ١٨٩ ﴾