تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل

أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م)

_________________________________

سورة الأعراف

سورة الأعراف مكية وهي مائتان وخمس آيات بصرى وست كوفى ومدنى بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

{المص} قال الزجاج المختار فى تفسيره ما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما أنا اللّه أعلم وافصل

٢

{كتاب} خبر مبتدأ محذوف أى هو كتاب

{أنزل إليك} صفته والمراد بالكتاب السورة

{فلا يكن في صدرك حرج منه} شك فيه وسمى الشك حرجا لأن الشاك ضيق الصدر حرجه كما أن المتيقن منشرح الصدر منفسحة أي لا شك في أنه منزل من اللّه أو حرج منه بتبليغه لأنه كان يخاف قومه وتكذيبهم له واعراضهم عنه وأذاهم فكان يضيق صدره من الأذى ولا ينشط له فأمنه اللّه ونهاه عن المبالاة بهم والنهي متوجه إلى الحرج وفيه من المبالغة ما فيه والفاء للعطف أي هذا الكتاب انزلته اليك فلا يكن بعد انزاله حرج فى صدرك واللام فى

{لتنذر به} متعلق بانزل أى أنزل اليك لا لانذارك به وبالنهي لأنه إذا لم يخفهم انذرهم وكذا إذا أيقن أنه من عند اللّه شجعه اليقين على الانذار به لأن صاحب اليقين جسور متوكل على ربه

{وذكرى للمؤمنين} فى محل النصب بإضمار فعلها أي لتنذر به وتذكر تذكيرا فالذكرى اسم بمعنى التذكير أو الرفع بالعطف على كتاب أى هو كتاب وذكرى للمؤمنين أو بانه خبر مبتدأ محذوف أو الجر بالعطف على محل لتنذر أي للإنذار وللذكرى

٣

{اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} أي القرآن والسنة عن عبادة الأوثان والأهواء والبدع

{قليلا ما تذكرون} حيث تتركون دين اللّه وتتبعون غيره وقليلا نصب يتذكرون أي تذكرون تذكرا قليلا وما مزيدة لتوكيد القلة تتذكرون شامى

٤

{وكم} مبتدأ

{من قرية} تبيين والخبر

{أهلكناها} أى أردنا هلاكها كقوله إذا قمتم إلى الصلاة

{فجاءها} جاء اهلها

{بأسنا} عذابنا

{بياتا} مصدر واقع موقع الحال بمعنى بائتين يقال بات بياتا حسنا

{أو هم قائلون} حال معطوفة على بياتا كأنه قيل فجاءهم بأسنا بائتين أو قائلين وانما قيل هم قائلون بلا واو ولا يقال جاءني زيد هو فارس بغير واو لأنه لما عطف على حال قبلها حذفت الواو استثقالا لاجتماع حرفي عطف لأن واو الحال هى واو العطف استعيرت للوصل وخص هذان الوقتان لأنهما وقتا الغفلة فيكون نزول العذاب فيهما أشد وأفظع وقوم لوط عليه السلام أهلكوا بالليل وقت السحر وقوم شعيب عليه السلام وقت القيلولة وقيل بياتا ليلا أي ليلا وهم نائمون أو نهارا وهم قائلون

٥

{فما كان دعواهم} دماؤهم وتضرعهم

{إذ جاءهم بأسنا} لما جاءهم اوائل العذاب

{إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين} اعترفوا بالظلم على أنفسهم والشرك حين لم ينفعهم ذلك ودعواهم اسم كان وان قالوا الخبر ويجوز العكس

٦

{فلنسألن الذين أرسل إليهم} أرسل مسند إلى اليهم أى فلنسألن المرسل اليهم وهم الامم عما أجابوا به رسلهم

{ولنسألن المرسلين} عما أجيبوا به

٧

{فلنقصن عليهم} على الرسل والمرسل اليهم ما كان منهم

{بعلم} عالمين بأحوالهم الظاهرة والباطنة وأقوالهم وافعالهم

{وما كنا غائبين} عنهم وعما وجد منهم ومعنى السؤال التوبيخ والتقريع والتقرير إذا فاهوا بألسنتهم وشهد عليهم أنبياؤهم

٨

{والوزن} أي وزن الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها وهو مبتدأ وخبره

{يومئذ} أي يوم يسأل اللّه الأمم ورسلهم فحذفت الجملة وعوض عنها التنوين

{الحق} أى العدل صفته ثم قيل توزن صحف الأعمال يميز أن له لسان وكفتان إظهارا للصفة وقطعا للمعذرة وقيل هو عبارة عن القضاء السوي والحكم العادل واللّه اعلم بكيفيته

{فمن ثقلت موازينه} جمع ميزان أو موزون أى فمن رجحت أعماله الموزونة التي لها وزن وقدر وهي الحسنات أو ما توزن به حسناتهم

{فأولئك هم المفلحون} الفائزون

٩

{ومن خفت موازينه} هم الكفار فإنه لا إيمان لهم ليعتبر معه عمل فلا يكون فى ميزانهم خير فتخف موازينهم

{فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون} يجحدون فالآيات الحجح والظلم بها وضعها فى غير موضعها أي جحودها وترك الانقياد لها

١٠

{ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش} جمع معيشة وهي ما يعاش به من المطاعم والمشارب وغيرهما والوجه تصريح الياء لأنها أصلية بخلاف صحائف فالياء فيها زائدة وعن نافع أنه همز تشبيها بصحائف

{قليلا ما تشكرون} مثل قليلا ما تذكرون

١١

{ولقد خلقناكم ثم صورناكم} أي خلقنا أباكم آدم عليه السلام طينا غير مصور ثم صورناه بعد ذلك دليله

{ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين} ممن سجد لآدم عليه السلام

١٢

{قال ما منعك ألا تسجد} مارفع أي أي شيء منعك من السجود ولا زائدة بدليل ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ومثلها لئلا يعلم أهل الكتاب أى ليعلم

{إذ أمرتك} فيه دليل على أن الأمر للوجوب والسؤال عن المانع من السجود مع علمه به للتوبيخ وللإظهار معاندته وكفره وكبره وافتخاره بأصله وتحقيره أصل آدم عليه السلام

{قال أنا خير منه خلقتني من نار} وهى جوهر نوارني

{وخلقته من طين} وهو ظلمانى وقد أخطأ الخبيث بل الطين أفضل لرزانته ووقاره ومنه الحلم والحياء والصبر وذلك دعاه إلى التوبة والإستغفار وفي النار الطيش والحدة والترفع وذلك دعاه إلى الإستكبار والتراب عدة الممالك والنار عدة المهالك والنار مظنة الخيانة والإفناه والتراب مئنة الأمانة والإنماء والطين يطفىء النار ويتلفها والنار لاتتلفه وهذه فضائل غفل عنها ابليس حتى زل بفاسد من المقاييس وقول نافى القياس أول من قاس ابليس قياس على أن القياس عند مثبته مردود عند وجود النص وقياس إبليس عناد للأمر المنصوص وكان الجواب لما منك أن يقول معنى كذا وانما قال انا خير منه لأنه قد استأنف قصة وأخبر فيها عن نفسه بالفضل على آدم عليه السلام وبعلة فضله عليه فعلم منها الجواب كأنه قال منعني من السجود فضلي عليه وزيادة عليه وهى انكار الأمر واستبعاد أن يكون مثله مأمورا بالسجود لمثله إذ سجود الفاضل للمفضول خارج عن الصواب

١٣

{قال فاهبط منها} من الجنة أو من السماء لأنه كان فيها وهي مكان المطيعين والمتواضعين والفاء فى فإهبط جواب لقوله أنا خير منه أي أن كنت تتكبر فاهبط

{فما يكون لك} فما يصح لك

{أن تتكبر فيها} وتعصى

{فاخرج إنك من الصاغرين} من أهل الصغار والهوان على اللّه وعلى أوليائه يذمك كل انسان ويلعنك كل لسان لتكبرك وبه علم أنه الصغار لازم للإستكبار

١٤

{قال أنظرني إلى يوم يبعثون} أمهلني إلى يوم البعث وهو وقت النفخة الاخيرة

١٥

{قال إنك من المنظرين} إلى النفخة الاولى و إنما أجيب إلى ذلك لما فيه من الابتلاء وفيه تقريب لقلوب الأحباب أي هذا برى بمن يسيئني فكيف بمن يحبني وانما جسره على السؤال مع وجود الزلل منه فى الحال علمه بحلم ذى الجلال

١٦

{قال فبما أغويتني} أضللتني أي فبسسبب اغوائك اياى والباء تتعلق بعفل القسم المحذوف تقديره فبسبب اغوائك اقسم أى فاقسم باغوائك

{لأقعدن لهم صراطك المستقيم} لأعترضن لهم على طريق الإسلام متردصا للرد متعرضا للصد كما يتعرض العدو على الطريق ليقطعه على السابلة وانتصابه على الظرف كقولك ضرب زيد الظهر أي على الظهر وعن طاوس أنه كان فى المسجد الحرام فجاء رجل قدرى فقال له طاوس تقوم أوتقام فقام الرجل فقيل له أتقول هذا لرجل فقيه فقال ابليس أفقه منه قال رب بما أغويتنى وهو يقول انا أغوى نفسى

١٧

{ثم لآتينهم من بين أيديهم} أشككهم فى الآخرة

{ومن خلفهم} ارغبهم فى الدنيا

{وعن أيمانهم} من قبل الحسنات

{وعن شمائلهم} من قبل السيئات وهو جمع شمال يعني ثم لآتينهم من الجهات الأربع التى يأتى منها العدو فى الأغلب وعن شقيق ما من صباح إلا قعد لى الشيطان على أربعة مراصد من بين يدى فيقول لا تخف فإن اللّه غفور رحيم فأقرأ

{وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا} ومن خلفى فيخوفنى الضيعة على مخلفى فاقرأ

{وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها} وعن يمينى فيأتينى من قبل الثناء فاقرأ

{والعاقبة للمتقين} وعن شمالى فيأتينى من قبل الشهوات فأقرأ

{وحيل بينهم وبين ما يشتهون} ولم يقل من فوقهم ومن تحتهم لمكان الرحمة والسجدة وقال فى الأولين من لابتداء الغاية وفى الاخرين عن لأن عن تدل على الانحراف

{ولا تجد أكثرهم شاكرين} مؤمنين قاله ظنا فأصاب لقوله ولقد صدق عليهم ابليس ظنه أو سمعه من الملائكة بإخبار اللّه تعالى اياهم

١٨

{قال اخرج منها} من الجنة أومن السماء

{مذءوما} معيبا من ذأمه إذا ذمه والذام والذم العيب

{مدحورا} مطرودا مبعدا من رحمة اللّه واللام فى

{لمن تبعك منهم} موطئة للقسم وجوابه

{لأملأن جهنم} وهو ساد مسد جواب الشرط

{منكم} منك ومنهم فغلب ضمير المخاطب

{أجمعين

١٩

{ويا آدم} وقلنا يا آدم بعد إخراج ابليس من الجنة

{اسكن أنت وزوجك الجنة} اتخذها مسكنا

{فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا} فتصيرا

{من الظالمين}

٢٠

{فوسوس لهما الشيطان} وسوس إذا تكلم كلاما خفيا يكرره وهو غير متئد ورجل موسوس بكسر الواو ولا يقال موسوس بالفتح ولكن موسوس له وموسوس إليه وهو الذى يلقى إليه الوسوسة ومعنى وسوس له فعل الوسوسة لأجله ووسوس إليه ألقاها إليه

{ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما} ليكشف لهما ماستر عنهما من عوارتهما وفيه دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور و أنه لم يزل مستقبحا فى الطباع والعقول فإن قلت ما للواو همزة كراهة لإجتماع الواوين قلت لأن الثانية مدة كألف وارى فكما لم يجب همزها فى واعد لم يجب فى وورى وهذا لأن الواوين إذا تحركتا ظهر فيهما من الثقل مالا يكون فيهما إذا كانت الثانية ساكنة وهذا مدرك بالضرورة فالتزموا إبدالها فى موضع الثقل لا في غيره وقرأ عبد اللّه أورى بالقلب

{وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} إلا كراهة أن تكونا ملكين تعلمان الخير الشر وتستغنيان عن الغذاء وقرىء ملكين لقوله وملك لا يبلى

{أو تكونا من الخالدين} من الذين لا يموتون ويبقون فى الجنة ساكينن

٢١

{وقاسمهما} واقسم لهما

{إني لكما لمن الناصحين} وأخرج قسم ابليس على زنة المفاعلة لأنه لما كان منه القسم ومنهما التصديق فكانها من اثنين

٢٢

{فدلاهما} فنزلهما إلى الأكل من الشجرة

{بغرور} بما غرهما به من القسم باللّه وانما يخدع المؤمن باللّه وعن ابن عمر رضى اللّه عنهما من خدعنا باللّه انخدعنا

{فلما ذاقا الشجرة} وجدا طعمها آخذين فى الاكل منها وهي السنبلة أو الكرم

{بدت لهما سوآتهما} ظهرت لهما عوراتهما لتهافت اللباس عنهما وكانا لا يريانها من انفسهما ولا أحدهما من الآخر وقيل كان لباسهما من جنس الاظفار أى كالظفر بياضا فى غاية اللطف واللين فبقى عند الاظفار تذكيرا للنعم وتجديدا للندم

{وطفقا} وجعلا يقال طفق يفعل كذا أى جعل

{يخصفان عليهما من ورق الجنة} يجعلان على عورتهما من ورق التين أو الموز ورقة فوق ورقة ليستترا بها كما تخصف النعل

{وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} هذا عتاب من اللّه وتنبيه على الخطأ وروى أنه قال لآدم عليه السلام ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة فقال بلى ولكن ما ظننت أن أحدا يحلف بك كاذبا قال فبعزتى لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا بكد يمين وعرق جبين فاهبط وعلم صنعة الحديد و أمر بالحرث فحرث وسقى وحصد ودرس وذرى وعجن وطحن وخبر

{وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين}

٢٣

{قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} فيه دليل لنا على المعتزلة لأن الصغائر عندهم مغفورة

٢٤

{قال اهبطوا} الخطاب لآدم وحواء بلفظ الجمع لأن ابليس هبط من قبل ويحتمل أنه هبط إلى السماء ثم هبطوا جميعا إلى الأرض

{بعضكم لبعض عدو} فى موضع الحال أى متعادين يعاديهما ابليس ويعاديانه

{ولكم في الأرض مستقر} استقرار أو موضع استقرار

{ومتاع} وانتفاع بعيش

{إلى حين} إلى انقضاء آجالكم وعن ثابت البنانى لما أهبط آدم عليه السلام وحضرته الوفاة واحاطت به الملائكة فجعلت حواء تدور حولهم فقال لها خلى ملائكة ربى فإنما أصابنى ما اصابنى فيك فلما توفى غسلته الملائكة بماء وسدر وترا وحنطته وكفتنه فى وتر من الثياب وحفروا له قبرا ودفنوه بسر نديب بأرض الهند وقالوا لبنيه هذه سنتكم بعده

٢٥

{قال فيها تحيون} فى الأرض

{وفيها تموتون ومنها تخرجون} للثواب والعقاب تخرجون حمزة وعلى

٢٦

{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا} جعل ما فى الأرض منزلا من السماء لأن أصله من الماء وهو منها

{يواري سوآتكم} يستر عوراتكم

{وريشا} لباس الزينة استيعر من ريش الطير لأنه لباسه وزينته أى انزلنا عليكم لباسين لباسا يوارى سوآتكم ولباسا يزينكم

{ولباس التقوى} ولباس الورع الذى يقى العقاب وهو مبتدأ وخبره الجملة وهى

{ذلك خير} كأنه قيل ولباس التقوى هو خير لأن أسماء الاشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر أو ذلك صفة للمبتدا وخير خبر المتبدا كأنه قيل ولباس التقوى المشار إليه خير أو لباس التقوى خبر مبتدأ محذوف أى وهو لباس التقوى أى ستر العورة لباس المتقين ثم قال ذلك خير وقيل ولباس أهل التقوى من الصوف والخشن ولباس التقوى مدنى وشامى وعلى عطفا على لباسا أى وأنزلنا عليكم لباس التقوى

{ذلك من آيات اللّه} الدالة على فضله ورحمته على عباده يعنى انزال اللباس

{لعلهم يذكرون} فيعرفوا عظيم النعمة فيه وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوآت وخصف الورق عليها اظهارا للمنة فيما خلق من اللباس ولما فى العرى من الفضيحة واشعارا بأن التستر من التقوى

٢٧

{يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} لا يخدعنكم ولا يضلنكم بأن لا تدخلوا الجنة كما فتن أبويكم بأن أخرجهما منها

{ينزع عنهما لباسهما} حال أى أخرجهما نازعا لباسهما بأن كان سببا فى أن نزع عنهما والنهى فى الظاهر للشيطان وفى المعنى لبني آدم أى لا تتبعوا الشيطان فيفتنكم

{ليريهما سوآتهما} عوراتهما

{أنه} الضمير للشأن والحديث

{يراكم هو} تعليل للنهى وتحذير من فتنته بأنه بمنزلة العدو المداجى يكيدكم من حيث لا تشعرون

{وقبيله} وذريته أو وجنوده من الشياطين وهو عطف على الضمير فى يراكم المؤكد بهو ولم يعطف عليه لأن معمول الفعل هو المستكن دون هذا البارز و إنما يعطف على ما هو معمول الفعل

{من حيث لا ترونهم} قال ذو النون أن كان هو يراك من حيث لا تراه فإستعن بمن يراه من حيث لا يراه وهو اللّه الكريم الستار الرحيم الغفار

{إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون} فيه دلالة خلق الافعال

٢٨

{وإذا فعلوا فاحشة} ما يبالغ فى قبحة من الذنوب وهو طوافهم بالبيت عراة وشركهم

{قالوا وجدنا عليها آباءنا واللّه أمرنا بها} أى إذا فعلوها اعتذروا بأن آبائهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم وبأن اللّه أمرهم بأن يفعلوها حيث أقرنا عليها إذ لو كرهها لنقلنا عنها وهما باطلان لأن أحدهما تقليد للجهال والثانى افتراء على ذى الجلال

{قل إن اللّه لا يأمر بالفحشاء} إذ المأمور به لا بد أن يكون حسنا وان كان فيه على مراتب على ما عرف فى أصول الفقه

{أتقولون على اللّه ما لا تعلمون} استفهام انكار وتوبيخ

٢٩

{قل أمر ربي بالقسط} بالعدل وبما هو حسن عند كل عاقل فكيف يأمر بالفحشاء

{وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} وقل أقيموا وجوهكم أى اقصدوا عبادته مستقيمين الهيا غير عادلين إلى غيرها فى كل وقت سجود أو فى كل مكان سجود

{وادعوه} واعبدوه

{مخلصين له الدين} أى الطاعة مبتغين بها وجهه خالصا

{كما بدأكم تعودون} كما أنشأكم ابتداء يعيدكم احتج عليهم فى انكارهم الاعادة بإبتداء الخلق والمعنى أنه يعيدكم فيجازيكم على اعمالم فاخلصوا له العبادة

٣٠

{فريقا هدى} وهم المسلمون

{وفريقا} أى أضل فريقا

{حق عليهم الضلالة} وهم الكافرون

{إنهم} إن الفريق الذين حق عليهم الضلالة

{اتخذوا الشياطين أولياء من دون اللّه} أى أنصارا

{ويحسبون أنهم مهتدون} و الآية حجة لنا على الاعتزال فى الهداية والاضلال

٣١

{يا بني آدم خذوا زينتكم} لباس زينتكم

{عند كل مسجد} كلما صليتم وقيل الزينة المشط والطيب والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيآته للصلاة لأن الصلاة مناجاة الرب فيستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر

{وكلوا} من اللحم والدسم

{واشربوا ولا تسرفوا} بالشروع فى الحرام أو فى مجاوزة الشبع

{إنه لا يحب المسرفين} وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما كل ما شئت واشرب ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة وكان للرشيد طبيب نصرانى حاذق فقال لعلى بن الحسين واقد ليس فى كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان فقال له على قد جمع اللّه الطب كله فى نصف آية من كتابه وهو قوله

{وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} فقال النصرانى ولم يرو عن رسولكم شيء فى الطب فقال قد جمع رسولنا الطب فى ألفاظ يسيرة وهى قوله عليه السلام المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته فقال النصرانى ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا ثم استفهم إنكارا على محرم الحلال بقوله

٣٢

{قل من حرم زينة اللّه} من الثياب وكلما يتجمل به

{التي أخرج لعباده} أى أصلها يعنى القطن من الأرض والقز من الدود

{والطيبات من الرزق} والمستلذات من المآكل والمشارب وقيل كانوا إذا أحرموا حرموا الشاة وما يخرج منها من لحمها وشحمها ولبنها

{قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا} غير خالصة لهم لأن المشركين شركاؤهم فيها

{خالصة يوم القيامة} لا يشركهم فيها أحد ولم يقل للذين آمنوا ولغيرهم لينبه على انها خلقت اللذين آمنوا على طريق الاصالة والكفار تبع لهم خالصة بالرفع نافع فهى مبتدأ خبره للذين آمنوا وفى الحياة الدينا ظرف للخبر أو خالصة خبر ثان أو خبر مبتدأ محذوف أى هى خالصة وغيره نصبها على الحال من الضمير الذى فى الظرف الذى هو الخير أى هى ثابتة للذين آمنوا فى الحياة الدنيا فى حال خلوصها يوم القيامة

{كذلك نفصل الآيات} نميز الحلال من الحرام

{لقوم يعلمون} أنه لاشريك له

٣٣

{قل إنما حرم ربي الفواحش} ربى حمزة الفواحش ما تفاحش قبحه أى تزايد

{ما ظهر منها وما بطن} سرها وعلانيتها

{والإثم} أى شرب الخمر أو كل ذنب

{والبغي} والظلم والكبر

{بغير الحق} متعلق بالبغى ومحل

{وأن تشركوا باللّه ما لم ينزل به سلطانا} حجة النصب كأنه قال حرم الفواحش وحرم الشرك ينزل بالتخفيف مكى وبصرى وفيه تهكم إذ لا يجوز أن ينزل برهانا على أن يشرك به غيره

{وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون} و أن تتقولوا عليه وتفتروا الكذب من التحريم وغيره

٣٤

{ولكل أمة أجل} وقت معين يأتيهم فيه عذاب الاستئصال أن لم يؤمنوا وهو وعيد لأهل مكة بالعذاب النازل فى أجل معلوم عند اللّه كما نزل بالامم

{فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} قيد بساعة لأنها أقل ما يستعمل فى الامهال

٣٥

{يا بني آدم إما يأتينكم} هى إن الشرطية ضمت اليها ما مؤكدة لمعنى الشرط لأن ما للشرط ولذا ألزمت فعلها النون الثقيلة أو الخفيفة

{رسل منكم يقصون عليكم آياتي} يقرءون عليكم كتبى وهو فى موضع رفع صفة لرسل وجواب الشرط

{فمن اتقى} الشرك

{وأصلح} العمل منكم

{فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} أصلا فلا خوف يعقوب

٣٦

{والذين كذبوا} منكم

{بآياتنا واستكبروا عنها} تعظموا عن الإيمان بها

{أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}

٣٧

{فمن أظلم} فمن أشنع ظلما

{ممن افترى على اللّه كذبا أو كذب بآياته} ممن تقول على اللّه مالم يقله أو كذب ما قاله

{أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} ما كتب لهم من الأرزاق والأعمار

{حتى إذا جاءتهم رسلنا} ملك الموت وأعوانه وحتى تغاية لنيبلهم نصيبهم واستيفائهم له وهى حتى التى يبتداأ بعدها الكلام والكلام هنا الملة الشرطية وهى إذا جاءتهم رسلوا

{يتوفونهم} يقبضون أرواحهم وهو حال من الرسل أى متوفيهم ومافى

{قالوا أين ما كنتم تدعون} فى خط المصحف موصولة باين وحقها أن تكبت مفصولة لاها موصولة والمعنى اين الآلهة الذين تعبدون

{من دون اللّه} ليذبوا عنكم

{قالوا ضلوا عنا} فابوا عنا فلا نراهم

{وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} اعترفوا بكفرهم بلفظ لشهادة التاريخ هى لتحقيقف الخبر

٣٨

{قال ادخلوا} أى يقول اللّه تعالى يوم القيامة لهؤلاء الكفار ادخلوا

{في أمم} فى موضع الحال أى كائنين فى جمل امم مصاحبين لهم

{قد خلت} مضت

{من قبلكم من الجن والإنس} من كفار الجن والانس

{في النار} متعلق بادخلوا

{كلما دخلت أمة} النار

{لعنت أختها} شكاها فى الدين أى التى ضلت بالاقتداء بها

{حتى إذا اداركوا فيها} أصله تداركوا أى تلاحقوا واجتمعوا فى النار فأبدلت التاء دالا وسكنت للادغام ثم أدخلت همزة الوصل

{جميعا} حال

{قالت أخراهم} منزلة وهى الأتباع والسفةل

{لأولاهم} منزلة وهى القادة والرءوس ومعنى لأولاهم لجل اولاهم لأن خطابهم مع اللّه لا معهم

{ربنا} يار بنا

{هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا} مضاعفا

{من النار قال لكل ضعف} للقادة بالغواية والاغواء وللاتباع بالكفر والقتداء

{ولكن لا تعلمون} ما لكل فريق منكم من العذاب لا يعلمون أبو بكر أى لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر

٣٩

{وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} عطفوا هذا الكلام على قول اللّه تعالى للسفلة لكل ضعف أى فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا وانا متساوون فى استحقاق الضعف

{فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون} بكسبكم وكفركم وهو من قول القادة للسفلة ولا وقف على فضل أو من قول اللّه لهم جيمعا والوقف على فضل

٤٠

{إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء} أى لا يؤذن لهم فى صعود السماء ليدخلوا الجنة إذ هى فى السماء اولا يصعد لهم عمل صالح ولا تنزل عليهم البركة أو لا تصعد ارواحهم إذا ماتوا كما تصعد أرواح المؤمنين إلى السماء وبالتاء مع التخفيف أبو عمرو والبياء معه وعلى

{ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} حتى يدخل البعير فى ثقب الابرة أى لا يدخلون الجنة أبدا لأنه علقه بما لا يكون والخياط والمخيط ما يخلاط به وهو الابرة

{وكذلك} ومثل ذلك الجزاء الفظيع الذى وصفنا

{نجزي المجرمين} أى الكافرين بدلالة التكذيب بآيات اللّه والاستكبار عنها

٤١

{لهم من جهنم مهاد} فراش

{ومن فوقهم غواش} أغطية جمع غاشية

{وكذلك نجزي الظالمين} أنفسهم بالكفر

٤٢

{والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها} طاقتها والتكليف إلزام مافيه كلفة أى مشقة

{أولئك} مبتدأ والخبر

{أصحاب الجنة} والجملة خبر الذين ولا نكلقف نفسا إلا وسعها اعتراض بين المبتدا والخبر

{هم فيها خالدون}

٤٣

{ونزعنا ما في صدورهم من غل} حقد كان بينهم فى الدنيا فلي يبق بينهم إلا التواد والتعاطف وعن على رضى اللّه عنه إنى لا رجوا أن أكون انا وعثمان وطلحة والزبير منهم

{تجري من تحتهم الأنهار} حال من هم فى صدورهم والعامل فيها معنى الاضافة

{وقالوا الحمد للّه الذي هدانا لهذا} لما هو وسيلة إلى هذا الفو العظسم وهو الإيمان

{وما كنا} ما كنا بغير واوشامى على أنها جملة موضحة للأولى

{لنهتدي لولا أن هدانا اللّه} اللام لتوكيد النىف أى وما كان يصح أن نكون مهتدين لولا هداية اللّه وجواب لولا محذوف دل عليه ما قبله

{لقد جاءت رسل ربنا بالحق} فكان لطفا لنا وتنبيها على الاهتداتء فاهتجينا يقولون ذلك سرور ايمانا لولوا ظهارا لما اعتقدوا

{ونودوا أن تلكم الجنة} الشأن أو بمعنى أى كأنه قيل وقيل لهم تلكم الجنة

{أورثتموها} أعطيتموها وهو حال من الجنة والعامل فيها مافى تلك من معنى الاشراة

{بما كنتم تعملون} سماها ميراثا لانها لا تستحق بالعلم بل هى محض فضل اللّه وعده على الطاعات كالميراث من الميت ليس بعوض عن شيء بل هو صلة خالصة وقال الشيخ أبو منصور رحمههاللّه أن المعتزلة خالفوا اللّه فيما أخبرو نوحا عليه السلام و أهل الجنة والنار وابليس لأنه قال اللّه تعالى يضل من يشاء ويهدى من يشاء وقال نوح عليه السلام ولا ينفعكم نصحى أن أردت أن أنصح لكم أن كان اللّه يريد أن يغويكم وقال أهل الجنة وما كنا لنهتدى لولا أن هدانما اللّه وقال أهل النار لو هدانا اللّه لهديناكم وقال ابليس فيما أغويتنى

٤٤

{ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا} أن مخففة من الثقيلة أو مفسرة وكذلك أن لعنة اللّه على الظالمين

{ما وعدنا ربنا} من الثواب

{حقا} حال

{فهل وجدتم ما وعد ربكم} من العذاب

{حقا} وتقديره وعدكم ربكم فحذف كم لدلالة وعدنا ربنا عليه و إنما قالوا لهم ذلك شماتة بأصحاب النار واعتارفا بنعم اللّه تعالى

{قالوا نعم} وبكسر العين حيث كان على

{فأذن مؤذن بينهم} نادى مناد وهو ملك يسمع أهل الجنة والنار

{أن لعنة اللّه على الظالمين} أن لعنة مكى وشامى وحمزة وعلى

٤٥

{الذين يصدون} يمنعون

{عن سبيل اللّه} دينه

{ويبغونها عوجا} مفعول ثان ليغون أى ويطلبون لها الاعوجاج والتناقض

{وهم بالآخرة} بالدار الآخرة بالدار الآخرة

{كافرون}

٤٦

{وبينهما} وبين الجنة ووالنار اوبين الفريقين

{حجاب} وهو السور المذكور فى قوله فضرب بينهم بسور

{وعلى الأعراف} على اعراف الحجاب وهو للسور المضروب بين الجنو والنار وهى اعاله جمع عرف استعير من عرف الفرس وعرف الديك

{رجال} من أفاضل المسلمني أو من آخرهم دخولا فى الجنة لاستواء حسناتهم وسيآتهم أو من لم يرض عنه أحد أبويه أو أطفال المشركين

{يعرفون كلا} من زمرة السعداء والأشقياء

{بسيماهم} بعلامتهم قيل سيما المؤمنين بياض الوجوه ونضارتها وسما الكافرين سواد الوجوه وزرقة العيون

{ونادوا} أى أصحاب الأعراف

{أصحاب الجنة أن سلام عليكم} أنه سلام أو أى سلام وهو تهنئة منهم لأهل الجنة

{لم يدخلوها} أى أصحاب الأعراف ولا محل له لأنه استئناف كان سائلا سأل عن أصحاب الاعراف فقيل لم يدخلوها

{وهم يطمعون} فى دخولها أو له محل وهو صفة لرجال

٤٧

{وإذا صرفت أبصارهم} ابصار الاعراف وفيه أن صارفا يصرف أبصارهم لينظوا فيستعيذوا

{تلقاء} ظرف أى ناحية

{أصحاب النار} وراوا ماهم فيه منالعذاب

{قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} فاستعاذوا باللّه وفزعوا إلى رحمته أن لا يجعلهم معهم

٤٨

{ونادى أصحاب الأعراف رجالا} من رءوس الكفرة

{يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم} المال أو كثرتكم واجتماعكم وما نفافية

{وما كنتم تستكبرون} واستكباركم على الحق وعلى الناس ثم يقولون لهم

٤٩

{أهؤلاء} مبتدأ

{الذين} خبر مبتدأ مضمبر تقديره هؤلاء هم الذين

{أقسمتم} حلفتم فى الدنيا والمشار اليهم فقراء المؤمنين مكصهيب وسلمان ونحوهما

{لا ينالهم اللّه برحمة} جواب أقسمتم وهو داخل فى صلة الذين تقديره أقسمتم عليهم بأن لا ينالهم اللّه برحمة أى لا يدخلهم الجنة يحتقرونهم لفقرهم فيقال لأصحاب الاعراف

{ادخلوا الجنة} وذلك بعد أن نظروا إلى الفريقين وعرفوهم بسماهم وقالوا ماقالوا

{خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}

٥٠

{ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء} أن مفسرة وفيه دليل على أن الجنة فوق النار ار

{أو مما رزقكم اللّه} من غيره من الاشربة لدخوله فى حكم الافاضة أو اريد أو ألقوا علينا مما رزقكم اللّه من الطعام والفاكهة كقولك علفتها تبنا وماء باردا أى وسقيتها و إنما سألوا ذلك مع بأسهم عن الاجابة لأن المتحري ينطق بما يفيد وبما لا يفيد

{قالوا إن اللّه حرمهما على الكافرين} هو تحريم منع كما فى وحرمن عليه المراضع وتقف هنا أن رفعت أو نصبت ما بعده ذما وان جررته وصفا للكافرين فلا

٥١

{الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا} فحرموا وأحلوا ماشاءوا أوديتهم عيدهم

{وغرتهم الحياة الدنيا} اغتروا بطول البقاء

{فاليوم ننساهم} نتركهم فى العذاب

{كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون} أى كنسيانهم وجحودهم

٥٢

{ولقد جئناهم بكتاب فصلناه} ميزنا حلاله وحرامه ومواعظه وقصصه

{على علم} عالمين بكيفية تفصيل أحكامه

{هدى ورحمة} حال منصوب فصلناه كما ن على علم حال من مرفوعه

{لقوم يؤمنون}

٥٣

{هل ينظرون} ينتظرون

{إلا تأويله} إلا عاقبة امره وما يؤل إليه من تبيين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد

{يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق} أى بيتن وصح أنهم جاءوا باحلق فأقروا حين لا ينفعهم

{فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا} جواب الاستفهام

{أو نرد} جملة معطوفة على جملة قبلها داخلة معها فى حكم الاستفهام كأنه قيل فهل لنا من شفعاء أو هل تردوا رافعة وقوعه مسوقعا يصلح للاسم كقولك ابتداء هل يضرب زيادا أو عطف على تقدير هل يشفع لنا شافع أو هل نرد

{فنعمل} جواب الاستفهام أيضا

{غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون} ما كانوا يعقدونه من الأصنام

٥٤

{إن ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام} أراد السموات و الأرض وما بينهما وقد فصلها فى حم السجدة أى من لالاحد إلى الجمعة لاعتبار الملائكة شيئا فشيئا وللاعلام بالتانى فى الأمور لأن لكل عمل يوما و لأن غنشاء شيء بعد شيء أدل على عالم مدبر يصرفه على اختياره ويجريه على مشيئته

{ثم استوى} استولى

{على العرش} اضاف الاستيلاء إلى العرش و إن كان سبحانه وتعالى مستوليا على جميع المخلوقات لأن العرش أعظمها واعلاها وتفسير العرش بالسرير والاستواء بالاستقاررا كما تقوله الشبهة باطل لأنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان وهو الآن كما كان لأن التغير من صفات الأكوان والمنقول عن الصادق والحسن و ابى حنيفة ومالكم رضى اللّه عنه أن الاسواء معلوم والتكييف فيه بجهول والإيمان به واجب والجحود له كفر والسؤال عنه بدعه

{يغشي الليل النهار} يغشى حمزة وعلى و أبو بكر أى يلحق الليل والنهار بالليل

{يطلبه حثيثا} حال من الليل أى سريعا والطالب هو الليل كأنه لسرعة يطلب النهار

{والشمس والقمر والنجوم} أى وخلق المس والقمر والنجوم

{مسخرات} حال أى مذللات والشمس والقمر والنجوم سمخرات شامى والشمس مبتدأ والبقية معطوفة عليها والخبر مسخرات

{بأمره} هو أمر تكوين لما ذكر أنه خلقهن مسخرات بامره قال

{ألا له الخلق والأمر} أى هو الذى خلق الأشياء وله الأمر

{تبارك اللّه} كثر خيره أو دام بره من البركة النماء أو من البروك الثبات ومنه البركة

{رب العالمين}

٥٥

{ادعوا ربكم تضرعا وخفية} نص على الحال أى ذوى تضرع وخفية والترضع تفعل ن الضراعة وهى الذل أى تذللا وتملقا قال عليه السلام انكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا أنه معكم اينما كنتم عن الحسن بين دعوة الدعاء وعن النبى صلى اللّه عليه وسلم سيكون قوم يعتدون فى الدعاء وحسن المرء أن يقول اللّهم إنى اسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب الهيا من قول وعلم ثم قرأ أنه لا يحب المعتدين

٥٦

{ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} أى بالمعصية بعد الطاعة أو بالشرك بعد التوحيد أو بالظلم بعد العد ل

{وادعوه خوفا وطمعا} حالان أى خائفين من الرد طامعين فى الاجابة أو من النيران وفى الجنان أو من الفراق وفى التلاق أو من غيب العاقبة وفى ظاهر الهداية أو من العدل وفى الفضل

{إن رحمة اللّه قريب من المحسنين} ذكر قريب على تأويل الرحمة بالحم أو الترحم أو لأنه صفة موصوف محذوف أى شيء قريب أو على تشبيهه بفعيل الذى هو بمعنى مفعول أو لأن تأنيث الرحمة غير تحقيقى أو للاضافة إلى المذكر

٥٧

{وهو الذي يرسل الرياح} الريح مكى وحمززة وعلى

{بشرا} حمزة وعلى مصدر نشروا انتصابه إما لأن أرسل ونشوء متقاربان فكأنه قيل نشرها نشرا و اما على الحال أى منشورات بشرا عاصم تخفيف بشرا تجمع بشير لأن الرياح تبشر بالمطر نشرا شامى تخفيف نشر كرسل ورسل وهو قراءة الباقين جمع نشور أى ناشرة للمطر

{بين يدي رحمته} امام نعمته وهو الغيث الذى هو من أجل النعم

{حتى إذا أقلت} تحملت ورفعت واشتقاق الافلال من القلة لأن الرافع المطيق برى ما يرفعه قليلا

{سحابا ثقالا} بالماء جمع سحابة

{سقناه} الضمير للسحاب على اللفظ ولو حمل على المعنى كالثقال لانث كما لو حمل الوصف على اللفظ لقيل ثقيلا

{لبلد ميت} لأجل بلد ليس فيه مطر ولسقيه ميت مدنى وحمزة وعلى وحفص

{فأنزلنا به الماء} بالسحاب أو بالسوق وكذلك

{فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك} مثل ذلك الاخراج وهو إخراج الثمارت

{نخرج الموتى لعلكم تذكرون} فيؤديكم التذكر إلى الإيمان بالبعث إذ لا فرق بين الاخراجين لأن كل واحد منهما إعادة الشئ بعد إنشائه

٥٨

{والبلد الطيب} الأرض الطبية التراب

{يخرج نباته بإذن ربه} بتيسيره وهو موضع الحال كأنه قيل يخرج نباته حسنا وافيا لأنه واقع فى مقابلة نكدا

{والذي خبث} صفة للبلد أى والبلد الخبيث

{لا يخرج} أى نباته فحذف للاكتفاء

{إلا نكدا} هو الذى الكافر وهذا التمثيل واقع على أثر مثل ذلك المطر وإنزاله بالبلد الميت وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد

{كذلك} مثل ذلك التصرف

{نصرف الآيات} نرددها ونكررها

{لقوم يشكرون} نعمة اللّه وهم المؤمنون ليتفكروا فيها ويعتبورا بها

٥٩

{لقد أرسلنا} جواب قسم محذوف أى واللّه لقد أرسلنا

{نوحا إلى قومه} ارسل وهو ابن خسمين سنة وكان نجارا وهو نوح بن لك بن توشلخ بن أخنوخ وهواسم إدريس عليه السلام

{فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره} غيره على فالرفع على المحل كأنه قيل مالكم إله غيره فلا تعيدوا معه غيره والجر على اللفظ

{إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان

٦٠

{قال الملأ} أى الأشراف والسادة

{من قومه إنا لنراك في ضلال مبين} أى ذهاب عن طريق الصواب بين والرؤية رؤية القلب

٦١

{قال يا قوم ليس بي ضلالة} ولم يقل ضلال كما قالوا لأن الضلالة اخص من الضلال فكانت أبلغ فى نفى الضلال عن نفسه كأنه قال ليس بى شيء من الضلال ثم استدرك لتأكيد نفى الضلة فقال

{ولكني رسول من رب العالمين} لأن كونه رسولا من اللّه مبلغا لرسالاته فى معنى كونه على الصراط المستقيم فكان فى الغاية القصوى من الهدى

٦٢

{أبلغكم رسالات ربي} ما أوحى إلى فى الأوقات المتطاولة أو فى المعانى المختفلة من الأوامر والنواهى والمواعظ والبشائر والنظائر أبلغكم أبو عمرو وهو كلام مستأنف بيان لكونه رسول رب العالمين

{وأنصح لكم} وأقصد صلاحكم بالخصلاص يقال نصحته ونصحت له وفى زيادة اللام مبالغة ودلالة على امحاض النصيحة وحقيقة النصح إرادة الخير لغيرك مما تريده لنفسك أو النهاية فى صدق العناية

{وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} أى صفاته يعنى قدرته الباهرة وشدةبطشه على أعدائه وأن بأسه لا يرد عن القوم المجريمن

٦٣

{أوعجبتم} الهمزة للانكار والواو للعطف والمعطوف عليه محذوف كأنه قيل أكذبتم وعجبتم

{أن جاءكم} من أن جاءكم

{ذكره} موعظة

{من ربكم على رجل منكم} على لسان رجل منكم أى من جنسكم وذلك أنهم كانوا يتعجبون من نبوة نوح عليه السلام ويقولوا ما سمعنا بهذا فى آبائنا الأولين يعنون إرسال البشر ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة

{لينذركم} يحذكرم عاقبة الكفر

{ولتتقوا} ولتوجد منكم التقوىة وفى الحشية بسبب الإنذار

{ولعلكم ترحمون} ولترحموا بالتقوىة إن وجدت منكم

٦٤

{فكذبوه} فنسبوه إلى الكذب

{فأنجيناه والذين معه} وكانوا أربعين رجلا وامرأة وقيل تسعة بنوه سام وحام ويافث وستة ممن آمن به

{في الفلك} يتعلق بمعه كأنه قيل والذين صحبوه فى الفلك

{وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين} عن الحق يقال اعمى فى البصر وعم فى البصير

٦٥

{وإلى عاد} وأرسلنا إلى عاد ووهو عطف على نوح

{أخاهم} واحدا ممنهم من قولكم يا أخا العرب للواحد منهم و إنما تجعل واحدا منهم لأنهم عن رجل منهم أفهم فكانت الججة عليهم الزم

{هودا} عطف بيان أخاهم وهو هود بن شالح بن ارفخشد بن سام بن نوح

{قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره أفلا تتقون} و إنما لم يقل فقال كما فى قصة نوع عليه السلام لأنه على تقدير سؤال سائل قال فما قال لهم هود فقيل قال يا قوم اعدبوا اللّه وكذلك

٦٦

{قال الملأ الذين كفروا من قومه} و إنما وصف الملأ بالذين كفروا دون الملأ من قوم نوح لأن فى أشراف قوم هود من آمن منهم مرد بن سعد فأريد التفرقة بالوصف ولم يكن فى أشراف قوم نوح عليه السلام مؤمن

{إنا لنراك في سفاهة} فى فخة حلم وسحافة عقل حيث تهجر دين قومك إلى دين آخر وجعلت السفاهة ظرفا مجازا يعنى أنه متمكم فيها غير منفك عنها

{وإنا لنظنك من الكاذبين} فى ادعائك الرسالة

٦٧

{قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين}

٦٨

{أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح} فيما أدعوكم إليه

{آمين} على ما أقول لكم و إنما قال هنا و انا لكم نصاح أمين لقولهم وانا انظنك من الكاذبين أى ليقابل الاسم الاسم وفى إجابة الانبياء عليهم السلام من ينسبهم إلى الضلالة والسفاهة بما أجابوهم به من الكلام الصادر عن الحلم والاغضاء وترك المقابلة بما قالوا لهم مع علمهم بأن خصومهم أضصل الناس وأسفههم أدب حسن وخلق عظيم واختيار اللّه تعالى ذلك تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم ويسبلون أذيالهم على ما يكون منهم

٦٩

{أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح} أى خلقتموهم فى الأرض أو فى مساكنهم و إذ مفعول به وليس بظرف أى اذكروا وقت استخلافكم

{وزادكم في الخلق بسطة} طولا وامتدادات فكان أقصرهم سنين ذراعا وأطولهم مائة ذراع بصطة حجازى وعاصم وعلى

{فاذكروا آلاء اللّه} فى استخلافكم وبسطة أجرمكم وما سواهما من عطاياه وواحد الآلاء إلى نحو إنى وآفاء

{لعلكم تفلحون} ومعنى المجئ فى

٧٠

{قالوا أجئتنا} أن يكون لهود عليه السلام مكان معتزل عن قومه يتحنث فيه كما كان يفعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحراء قبل البعث فلما أوحى إليه جاء قومه يدعوهم

{لنعبد اللّه وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا} أنكروا واستبعدوا اختصاص اللّه وحد بالعبادة وترك بن الآباء فى اتخاذ الأصنام شركاء معهم حبا لما نشئوا عليه

{فأتنا بما تعدنا} من العذاب

{إن كنت من الصادقين} أن العذاب نازل بنا

٧١

{قال قد وقع} أى قد نزل

{عليكم} جعل المتوقع الذى لا بد من نزوله بمنزلة الواقع كقولك لن طلب إليك بعض المطالب قد كان

{من ربكم رجس} عذاب

{وغضب} سخط

{أتجادلونني في أسماء سميتموها} فى أشياء ما هى إلا أسماء ليس تحتها مسميات أنكم تسمون الأصنام آلهة وهى خالية عن معنى الألوهية

{أنتم وآباؤكم ما نزل اللّه بها من سلطان} حجة

{فانتظروا} نزول العذاب

{إني معكم من المنتظرين} ذلك

٧٢

{فأنجيناه والذين معه} أى من آمن به

{برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا} الدابر الأصل أو الكائين خلف الشئ وقطع دابرهم استضالهم وتدميرهم عن آخرهم

{وما كانوا مؤمنين} فائدة نفى الإيمان عنهم مع إثابت التكذيب بآيات اللّه الاشعار بأن الهلاك خص المكذبين وقصتهم أن عادا قد تبسطوا فى البلاد ما بين عمان وحضر موت وكانت لهم أصنام يعبدونها صداء وصمود والهباء فبعث اللّه اليهم هودا فكذبوه فأمسك القطر عنهم ثلاث سنين وكانوا إذا نزل بهم بلاء طلبوا إلى اللّه الفرج منه عند بيته الحارم فأوفدوا إليه قيل ابن عنز ونعيم بن هزال ومرشد بن سعد وكان يكتم إيمانه بهود عليه السلام و أهل مكة إذ ذاك العماليق أولاد عمليق بنن لاوز بن سام بن نوح وسيدهم معايوة بن بكر فنزلوا عليه بظاهر مكطة فقا للّهم مرئد لن تسقوا حتى بؤمنوا بهود فحلفوامرئدا وخرجوا فقال قيل اللّهم اسق عادا ما كنت تسقيهم فأنشأ اللّه سحابات ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء ثم ناداه مناد من السماء ياقيل اختبر لنفسك ولقونمك فاختار السوداء على ظن أنها اكثر ماء فخرجت على عاد من واد لهم فاستبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا فجاءتهم منها ريح عقيم فأهلكتهم ونجا هود والمؤمنون معنه فاتوا مكة فعبدوا اللّه فيها حتى ماتوا

٧٣

{وإلى ثمود} وأرسلنا إلى ثمود وقرئ و إلى ثمود بتأويل الحى أو باعتبار الأصل لأنه اسم أبيهم الأكبر ومنع الصرف بتأويل القبلة وقيل سميت ثمود لقلة مائها من الثمد وهو الماء القيبل وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام

{أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم} آية ظاهرة شاهدة على صحة نبوتى فكأنه قيل ما هذه البينة فقال

{هذه ناقة اللّه} وهذه إضافة تخصيص وتعظيم لانها بتكوينة تعالى بلا صلب ولا رحم

{لكم آية} حال من الناقة والعامل معنى الاشارة فى هذه كأنه قيل أشير إليها آية ولكم بيان لمن هى له آية وهى ثمود لأنهم عاينوها

{فذروها تأكل في أرض اللّه} أى الأرض ارض اللّه والناقة ناقة اللّه فذروها تاكل فى أرض ربها من نبات ربها فليس عليكم مؤنتها

{ولا تمسوها بسوء} ولا تضربوها ولا تعقروها ولا تطردوها اكراما لآية اللّه

{فيأخذكم} جواب النهى

{عذاب أليم

٧٤

واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم} ونزلكم والمباءة المنزل

{في الأرض} أو ارض الحجر بين الحجاز والشام

{تتخذون من سهولها قصورا} غرفا للصيف

{وتنحتون الجبال بيوتا} للشاء وبيوتا حال مقدرة نحو خط هذا الثوب قميصا إذ الجبل لا يكون بيتا فى حال النحت ولا الوثوب قميصا فى حال الخياطة

{فاذكروا آلاء اللّه ولا تعثوا في الأرض مفسدين} روى أن عادا لما أهلكت عمرت ثمود بلادها وخلقوها فى الأرض وعمروا أعمار اطوالا فنحتوا البيوت من الجتبا لحشة الانهدام قبل الممات وكانوا فى سعة من العيش فعبوا على اللّه وأفسدوا فى الأرض وعبدوا الأوثان فبعث اللّه اليهم صالحا وكانوا قوما عربا وصالح من اوسطهم نسبا فدعاهم إلى اللّه فلم يتبعه إلا قليل منهم مستضعفون فأنذرهم فسألوه أن يخرج من صخرة بعينها ناقة عشراء فصلى ودعا ربنه فتمخضت تمخضالنتود بودلها مناه ناقة كما شاءوا فآمن به جندع ورهط من قومه

٧٥

{قال الملأ الذين استكبروا من قومه} وقال شامى

{للذين استضعفوا} للذين استضعفهم رؤساء الكفار

{لمن آمن منهم} بدل من الذين استضعفوا باعادة الجار وفيه دليل على أن البدل حيث جاء طان فى تقدير اعادة العامل والضمير فى منهم راجع إلى قومه وهو يدل على أن استضعافهم كلن مصقور على المؤمينن أو إلى الذين استضعفوا وهو يدل على أن المستضعفين كانوا مؤمنين وكافرين

{أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه} قالوه على سبيل السخرية

{قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون} و إنما صار هذا جوابا لهم لأنهم سألهم عن العلم بارساله فجعلوا ارساله امرا معلوما مسلما كانهم قالوا العلم بارساله وبما أرسل به لا شبهة فيه و إنما الكلام فى وجوب الإيمان به فنخبركمم انا به مؤمنون

٧٦

{قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون} فوضعوا آمنتم به موضع أرسل به ردا لما جعله المؤمنون معلوما مسلما

٧٧

{فعقروا الناقة} أسند العقر إلى جميعهم و إن كان العاقر قدرا بن سالف لأنه كان برضاهم وكان قدار أحمر أزرق قصيرا كما كان فرعون كذلك وقال عليه السلام: يا على أشقى الأولين عاقر ناقة صالح وأقى الآرخين فانك

{وعتوا عن أمر ربهم} وتولوا عنه واستكبروا وأمر ربهم ما أمر به على لسان صالح عليه السلام من قوله فذروها تاكل فى ارض اللّه أو شأن ربهم وهو دينه

{وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا} من العذاي ؤ إن كنتم من المرسلين

٧٨

{فأخذتهم الرجفة} الصيحة التى زلزلت لها الأرض واضطربوا لها

{فأصبحوا في دارهم} فى بلادهم

{جاثمين} ميتين قعدوا يقال الناس جثم أى قعود لا حراك بهم ولا يتكلمون

٧٩

{فتولى عنهم} لما عقروا الناقة

{وقال يا قوم} عند فراقه إياهم

{لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} الآمرين بالهدى لاستحلاء الهوى والنصيحة منيحة تدرا الفضيحةولكنها وخيمة تورث السخيمة وروى أنه عقرهم الناقة كان يوم الأربعاء فقال صالح تعيشون بعده ثلاثة أيام تصفر وجوهكم أول يوم وتحمر فى الثانى وتسود فى الثالث ويصيبكم العذاب فى الرابع وكان كذلك روى أنه خرج فى مائة وعشرة من المسلمين وهو يبكى فلما علم أنهم هلكوا راجع بمن معه فسكنوا ديراهم

٨٠

{ولوطا إذ قال لقومه} أى واذكروا لوطاء إذ بدل منه

{أتأتون الفاحشة} أتفعلون السشئة المتمادية فى القبح

{ما سبقكم بها} ما عملها قبلكم والباء للتعدية ومنه قوله عليه السلام سبقك بها عكاشة

{من أحد} من زائدة لتأكيد النىف وافادة معنى الاستغارق

{من العالمين} من للتبعيض وهذه جملة مستأنفة انكر عليهم أو لا بقوله أتأتون الفاشحة ثم وبخهم علهيا فقال أنتم أول من عملها وقوله تعالى

٨١

{أئنكم لتأتون الرجال} بيان لقوله أتأتون الفاشحة والهمزة مثلها فى أتأون للانكار انكم على الاخبار مدنى وحفص يقال أتىالمرأة إذا غشيها

{شهوة} مفعول له أى للاشبهاه لا حامل لكم عليه إلا مجرد الشهوة و ذم أعظم منه لأنه وصف لهم بالبهيمية

{من دون النساء} أى لا من السناء

{بل أنتم قوم مسرفون} أضرب عن الإنكار إلى الاخبار عنهم بالحال التى توجب ارتكاب القبائح وهو أنهم قوم عاداعهم الاسراف وتجاوز الحدود فى كل شيء فمن ثم اسرفوا فى باب قضاء الشهوة حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتد

٨٢

{وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم} أى لوطا ومن آمن معه يعنى ما أجابواه بما يكون جوابا عما كلمهم به لوط من انكار الفاشحة ووصفهم بصفة الاسراف الذى هو أصل الشر ولكنهم جاءوا بشئ اخلا لا يتعلق بكلامه ونصيحته من الامر باخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم

{إنهم أناس يتطهرون} يدعون الطهارة يدعون فعلنا الخبيث على ابن عباس رضى اللّه عنهما عباوهم بما يتمدح به

٨٣

{فأنجيناه وأهله} ومن يختص به من دونه من المؤمنين

{إلا امرأته كانت من الغابرين} من الباقين فى العذاب والتذكير لتغليب الذكور على الاناث وكانت كافرة موالية لأهل سدوم وروة أنها التفتت فاصبها حجر فماتت

٨٤

{وأمطرنا عليهم مطرا} وأرسلنا عليهم نوعا من المطر عجيبا قالوا أمطر اللّه عليهم الكبريت والنار وقيل وخسفف بالمقيمين منهم وامطرت حجارة فلى مسافريهم وقال أبو عبيدة امطر فى العذاب ومطر فى الرحمة

{فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} الكافرين

٨٥

{وإلى مدين} وأرسلنا إلى مدين وهو اسم قبيلة

{أخاهم شعيبا} يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين

{قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم} أى معدزة وان لم تذكر فى القرآن

{فأوفوا الكيل والميزان} اتموهما والمراد فأوفا الكيل ووزن الميزان أو يكون الميزان كالمعياد بمعنى المصدر

{ولا تبخسوا الناس أشياءهم} ولا تنقصوا حقوقهم بتطفيف الكيف ونقصان الوزن وكانوا يبخسون الناس كل شيء فى مبايعتهم وبخس يتعدى إلى مفعولين وهما الناس وأشياءهم تقول بخست زيدا حقه أى نقصته إياه

{ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} بعد الاصلاح فيها أى لا تفسدوا فيها بعد ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء والاولياء وإضفاته كاضافته بلم كبر الليل والنهار أى بل مكركم فى الليل والنهار

{ذلك} إشارة إلى ما ذكر من الوفاء بالكيل والميزان وترك البخس والافساد فى الأرض

{خير لكم} فى الإنساينة وحسن الاحدوثه

{إن كنتم مؤمنين} مصدقين لى فى قولى

٨٦

{ولا تقعدوا بكل صراط} بكل طريق

{توعدون} من آمن بشعيب بالعذاب

{وتصدون عن سبيل اللّه} عن العبادة

{من آمن به} باللّه وقيل كانوا يقطعون الطريق وقيل كانوا عشارين

{وتبغونها} وتطلبون لسبيل اللّه

{عوجا} أى تصفونها للناس بأنها سبيل معوجة غير مستقيمة لتمنعوهم عن سلوكها ومحل توعدون وما عطف عليه النصب على الحال أى لا تقعدوا موعدين وصادين عن سبيل اللّه وباغين عوجا

{واذكروا إذ كنتم قليلا} إذ مفعول به غير ظرف أى واذكروا على جهتة الشكر وقت كونكم قليلا عددكم

{فكثركم} اللّه ووفر عددكم وقيل إن مدين ابن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت فرمى اللّه فى نسلها بالبركة والنماء فكثروا

{وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين} آخر أم عن أفسد قبلكم من الامم كقوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام

٨٧

{وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا} فانتظروا

{حتى يحكم اللّه بيننا} أى بين الفريقين بأن ينصر المحقين على المبطلين ويهرهم عليهم وهذا وعيد للكافرين بانتقام اللّه تعالى منهم أو هو حث للمؤمنين على الصبر واحتمال ما كان يلحقهم من المشركين إلى أن يحكم اللّه بينهم وينتقم لهم منهم أو هو خطاب للفريقين أى ليصبر المؤمنون على أذى الكفار والكافرون على ما يسوهم من ايمان من آمن منهم حتى يحم اللّه فيميز الخبيث من الطيب

{وهو خير الحاكمين} لأن حكمه حق وعدل لا يخاف فيه الجوزر

٨٨

{قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا} فى الكفر قال شعيب

{أولو كنا كارهين} الهمزة للاستفهام والواو للحال تقديره أتعبدوننا فى ملتكم فى حال كراهتنا ومع كوننا كارهين قالوا نعم ثم قال شعيب

٨٩

{قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا اللّه منها} خلصنا الهل فإن قلت كيف قال شعيب إن عدنا فى ملتكم والكفر على الأنبياء عليهم السلام محال قلت أراد هود قومه إلا أنه نظم نفسه فى جملتهم و إن كان بريئا من ذلك إجراء لكلامه على حكم التغليب

{وما يكون لنا} وما ينبغى لنا وما يصح

{أن نعود فيها إلا أن يشاء اللّه ربنا} إلا أن يكون سبق فى مشيئته أن نعود فيها إذ الكائنات كلها بمشيئة اللّه تعالى خيرها وشرها

{وسع ربنا كل شيء علما} تمييز أى هو عالم بكل شيء فهو يعلم أحوال عباده كيف تتحول وقلوبهم كيف تتفلب

{على اللّه توكلنا} فى أن يثبتنا على الإيمان ويؤفقنا لازدياد الايقان

{ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} أى احكم والفتاحة الحكومة والقضاء بالحق يفتح الأمر المغلق فلذا سمى فتحا ويسمى أهل عمان القاضى فتاحا

{وأنت خير الفاتحين} كقوله وهو خير الحاكمين

٩٠

{وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون} مغبونون لفوات فوائد البخس والتطفيف باتباعه لأنه ينهاكم عنهما ويجعلكم على الإيفاء والتسوية وجواب القسم الذى وطاته اللام فى لئن اتبعتم وجواب الشرط إنكم إذا لخاسرون فهو ساد مسد الجوابين

٩١

{فأخذتهم الرجفة} الزلزلة

{فأصبحوا في دارهم جاثمين} ميتين

٩٢

{الذين كذبوا شعيبا} مبتدأ خبره

{كأن لم يغنوا فيها} لم يقيموا فيها غنى بالمكان أقام

{الذين كذبوا شعيبا} مبتدأ خبره

{كانوا هم الخاسرين} لا من قالوا لهم إنكم إذا لخاسرون وفى هذا الابتداء معنى الاختصاص كأنه قي الذين كذبوا شعيبا المخصوصون بأن أهلكوا كان لم يقيموا فى دراهم لأن الذين ابتعوا شعيبا قد أنجاهم اللّه الذين كذبوا شعيبا هم المخصوصون بالخسارن العظيم دون اتباه فهم الرابحون وفى التكرار مبالغة واستعظام لتكذيهم ولما جرى عليهم

٩٣

{فتولى عنهم} بعد أن بهم العذاب

{وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى} أحزن

{على قوم كافرين} اشتد حزنه على قومنه ثم أنكر على نفسه فقال كيف يشتد حزنى على قوم ليسوا بأهل للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم ما نزل بهم أو أراد لقد أعذرت لكم فى الإبلاغ والتحذير مما حل بكم فلم تصدقون فكيف آسى عليكم

٩٤

{وما أرسلنا في قرية من نبي} يقال لكل مدينة قرية وفيه حذفى أى فكذوبه

{إلا أخذنا أهلها بالبأساء} بالبؤس والفقر

{والضراء} الضر والمرض لاستكبراهم عن ابتاع نبيهم أو هما نقصان النفس والمال

{لعلهم يضرعون} ليتضرعوا ويتذللوا ويحطوا أردية الكبر

٩٥

{ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة} أى أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة الرخاء والسعة والصحة

{حتى عفوا} كثروا ونموا فى أنفسهم وأموالهم من قولهم عفا النبات إذا كثر ومنه قوله عليه السلام واعفوا اللحى

{وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء} أى قالوا هذه عادة الدهر يعاقبل فى الناس بين الضراء والسراء وقد مس آباءنا نحو ذلك وما هو بعقوبة الذنب فكونوا على ما أنتم عليه

{فأخذناهم بغتة} فجأة

{وهم لا يشعرون} ينزول العذاب واللام فى

٩٦

{ولو أن أهل القرى} إشارة إلى أهل القرى التى دل عليها وما أرسلنا فى قرية من نبى كأنه قال ولو أن أهل القرى الذين كذبوا وأهلكوا

{آمنوا} بدل كفرهم

{واتقوا} الشرك مكان ارتكابه

{لفتحنا عليهم} لفتحنا شامى

{بركات من السماء والأرض} أراد المطر والنابت أو لآتيناهم بالخير من كل وجه

{ولكن كذبوا} الانبياء

{فأخذناهم بما كانوا يكسبون} بكفرهم وسوء كسبهم ويجوز أن تكون اللام للجنس

٩٧

{أفأمن أهل القرى} يريد الكفار منهم

{أن يأتيهم بأسنا} عذابنا

{بياتا} بيلا أى وقت بيات يقال بات بياتا وهم نائمون

٩٨

{أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى} نهارا والضحى فى الأصل ضوء الشمس إذا أشرقت والفاء والواو فى أفأمن و أو أمن حرفا عطف دخل علهيا همزة الإنكار المعطوف عليه فأخذناهم بغتة وقوله ولو أن أهل القرى إلى يكسبون اعتراض بني المعطوف والمعطوف عليه إنما عطفت بالفاء لأن المعنى فعلوا وصنعوا فأخنذاهم بغتة بعد ذلك أمن أهل القراى أن يأتيهم بأسنا بياتا و آمنوا أن ياتيهم بأسنا ضحى أو أمن شامى وحجازى على العطف بأو والمعنى غنكار الأمن من أحد هذين الوجهين من إتيان العذاب ليلا أو ضحى فإن قلت كيف دخل همزة الاستفهام على رحف العطف وهو ينافى الاستفهام فلت التنافى فى المفرد لا فى عطف جملة على جملة لأنه على استئناف جملة بعد جملة

{وهم يلعبون} يشتغلون بما لا يجدى لهم

٩٩

{أفأمنوا} تكرير لقوله أفأمن أهل القرى

{مكر اللّه} اخذه العبد من حيث لا يشعر وعن الشبلى قدس اللّه روحه العزيز مكره بهم تركه إياهم على ماهم عليه وقالت ابنة الربيع بن خيثم لأبيها مالى ارى الناس ينامون ولا اراك تنام قال يا بنتاه أن أباك خاف البينات أراد قوله أن يأتيهم بأسنا بياتا

{فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون} إلا الكاغرون الذين خسروا انفسهم حتى صاروا إلى النار

١٠٠

{أولم يهد} يبين

{للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} أن لو نشاء مرفوع بانه فاعل يهد و أن مخففة من الثقيلة أى أو لم يهد الذين يخلفون من خلا قبلهم فى ديراهم ويرثونهم ارضهم هذا الشأنوهو أنالوا نشاء أصبانهم بذنبوهم كما أصبنا من قبلهم فأهلكنا الواريثني كما اهلكنا الموروثين و إنما عدى فعل الهداية باللام لأنه بمعنى النبيين

{ونطبع} مستأنف أى ونحن نختم

{على قلوبهم فهم لا يسمعون} الوعظ

١٠١

{تلك القرى نقص عليك من أنبائها} كقوله هذا بعلى شيخا فى أنه مبتدأ وخبر وحال أو تكون القراى صفة تكل ونقص خبر أو المعنى تلك الفقرات المذكور من قوم نوح إلى قوم شعيب نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليمك

{ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات} بالمعجزات

{فما كانوا ليؤمنوا} عند مجئ الرسل بالبينات ما كذبوا من قبل بما كذبوا من آيات اللّه من قبل مجئ الرسل أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر اعمارهم بما كذبوا به أو لا حين جاءتهم الرسل أى استمروا على التكذيب من قبل التكذي من لدن مجئ الرسل اليهم إلى أن مابوا مصرين مع تتابع الآيات واللام لتاكيد النىف

{كذلك} مثل ذلى الطبع الشديد

{يطبع اللّه على قلوب الكافرين} لما علم منهم أنهم يختارون الثبات على الكفر

١٠٢

{وما وجدنا لأكثرهم من عهد} الضمير للناس على الإطلاق يعنى أن اكثر الناس يقضوا عهد اللّه فى ضر ومخافة لئن أنجينا لنومنن ثم اناهم نكثوا

{وإنا} الشأن والحديث

{وجدنا أكثرهم لفاسقين} لخارجين عن الطاعة والوجود بمعنى العلم بدليل دخول أن المخففة اللام الفارقة ولا يجوز ذلك إلا فى المبتدا والخبر والأفعال الداخلة عليهما

١٠٣

{ثم بعثنا من بعدهم} الضمير للرسل فى قوله ولقد جاءتهم رسلهم أو للامم

{موسى بآياتنا} بالمعجزات الواضحات إلى فرعون وملئه

{فظلموا بها} فكفروا بآياتنا أجرى الظلم مجرى الكفر لانهما من واد واحد أن الشرك لظلم عظيم أو فظلموا الناس بسببها حين آذوا من آمن لأنه إذا وجب الإيمان بها فكفورا بدل الإيمان كان كفرهم بها ظلما حيث وضعوا الكفر غير موضعه وهو موضع الإيمان

{فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} حيث صاروا مغرقين

١٠٤

{وقال موسى يا فرعون} يقال ملك مصر الفراعن مكما يقال لموك فارس الأكاسرة وكانه قال يا ملك مصر واسمه قابوس أو الوليد ابن مصعب بن الريان

{إني رسول من رب العالمين} إليك قال فرعون كذبت فقال مموسى

١٠٥

{حقيق على أن لا أقول على اللّه إلا الحق} أى انا حقيق على قول الحق أى واجب على الصدق وعلى هذه القرءاة تقف على العالمين وعلى الأول يجووزالوصل على جعل حقيق وصفت الرسول وعلى بمعنى الباء كقراءة أبى أى إنى رسول خليق بأن لا اقول أو يعلق على بمعنى الفعل فى الرسول أى إنى رسول حقيق جدير بالرسالة ارسلت على أن لا آأقول على اللّه إلا احلق

{قد جئتكم ببينة من ربكم} بما يبين رسالتى

{فأرسل معي بني إسرائيل} فخلفهم يذهبوا معنى راجعين إلى الأرض المقدسة التى هى وطنهم وذلك أن يوسف عليه السلام لما توفى غلب فعرون على نسل الاسباط واستعبدهم فأنقذهم اللّه بموسى عليه السلام وكان بين اليوم الذى دخل يوسف عليه السلام مصر واليوم الذى دخله مسوى أربعمائة عام معنى حفص

١٠٦

{قال إن كنت جئت بآية} من عند من أرسلك

{فأت بها إن كنت من الصادقين} فأتى بها لتصح دعواك ويثبت صدقك فيها

١٠٧

{فألقى} موسى عليه السلام

{عصاه} من يده

{فإذا هي} إذا هذه للمفاجأة وهى من ظروف المكان بمنزةل ثمة وهناك

{ثعبان} حية عظيمة

{مبين} ظاهر امره روى أنه كان ذكرا فاغرا فاه بين لحييه يمانون ذراعا ووضع لحيه الأسفل فى الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجه نحو فرعون فهرب وأحدث ولم يكن احدث قبل ذلك وحمل على الناس فمات منهم خسمة وعشرون الفا قتل بعضهم بعضا فصاح فرعون يا موسى خذه و انا أومن بك فأخذ موسى فعاد عصا

١٠٨

{ونزع يده} من جيبه

{فإذا هي بيضاء للناظرين} أى فإذا هى بيضاء للنظارة ولا تكون بيضا للنظارة إلا إذا كان بياضا عجيبا خارجا عن العادة يجمع الناس للنظراليه روى أنه أرى فرعون يده وقال ما هذه فقال يدك ثم أدخلها فى جيبه ونزها فإذا هى بيضاء غلب شعاها شعاع الشمس وكان موسى عليه السلام آدم سديد الأدمة

١٠٩

{قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم} عالم بالحسر ما هو فه قد خير إلى الناس العصا حية و الآدم أبيض وهاذ الكلام قد عزى إلى فرعون فى سورة الشعراء و أنه قاله للملأ وهنا عزى الهم فيحتمل أنه قد قاله هو وقالوه هم فحى قوله ثمة وقولهم هنا أو قاله ابتداء فنلقنه منه الملأ فقالوا لأعقابهم

١١٠

{يريد أن يخرجكم من أرضكم} يعن مصر

{فماذا تأمرون} تشيرون من آمرته فأمرنى بكذا إذا شاورته فأشار عليكم برأى وهو من كلام فرعون قاله الملأ لما قالوا له أن هذا لساحر عليم يريد أن يرخجكم

١١١

{قالوا أرجه} بسكون الهاء عاصم وحمزة أى اخروا حبس أى أخر امره ولا تعجل أو كأنه هم بقتله فقالوا أخر أمره واحبسه ولا تقتله ليتبين سحره عند الخلق

{وأخاه} هرون

{وأرسل في المدائن حاشرين} جامعين

١١٢

{يأتوك بكل ساحر عليم} سحار حمزة وعلى أى ياتوك بكل ساحر عليم مثله فى المهارة أو بخير منه

١١٣

{وجاء السحرة فرعون} يريد فأرسل الهم فحضورا

{قالوا إن لنا لأجرا} على الخبر واثبات الاجر العظيم حجازى وحفص ولم يقال فقالوا لأنه على تقدير سؤال سائل ما قالوا إذ جاءوه فأجيب ٣بقوله قالوا أن لنا لأجرا لجعلا على الغلبة والتنكير للتعظيم كانهم قوال لا يدلنا من أجر عظيم

{إن كنا نحن الغالبين}

١١٤

{قال نعم} إن لكم لأجرا

{وإنكم لمن المقربين} عندى فتكونون أو لمن يدخل وآخره من يخرج وكانوا ثمانين ألفا أو سبعين ألفا أو بضعة وثلاثين ألفا

١١٥

{قالوا يا موسى إما أن تلقي} عصاك

{وإما أن نكون نحن الملقين} لما معنا وفيه دلالة على أن رغبتهم فى أن يقلوا قبله حيث أكد ضميرهم المتصل بالمنفصل وعرف الخبر

١١٦

{قال} لهم موسى

{ألقوا} تخييرهم إياه أدب حسن راعوه معه كما يفعل المناظرون قبل أن يتحاوروا فى الجدال وقد سوغ لهم موسى ما رغبوا فيه ازدراء لشأنهم وقلة مبالاة بهم واعمادا على أن المعجزة لن يغلبها سحرا أبدا

{ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس} أروها بالحبل والشعوذة وخيلوا اليها ما الحقيقة بخلافه روى أنهم القوا سحروا أعين الناس اروها بالحبل والشعوذة وخيلوا اليها ما الحقيقة بخلافه روى أنهم القوه حبالا غلاظا وحشبا طوالا فإذا هى امثال الحيات قد ملت الأرض وركب بعضها بعضا

{واسترهبوهم} وأرهبوهم إرهابا شديدا كانهم استدعوا رهبتهم بالحيلة

{وجاؤوا بسحر عظيم} فى  باب السحر أو فى عين من رآه

١١٧

{وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف} الأعراف تبتلع تلقف حفص

{ما يأفكون} ما زوصولة أو مصدرية يعنىما يأفكونه أى يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزؤرونه أوافكهم تسمية للمأفوك بالافك روى أنها لما تلقفت ملء الوادى من الحشب والحبال ورفعها موسى فرجعت عصا كما كانت وأعدم اللّه بقدرته تلك الاجرام العظيمة أو فرقها أجزاء لطيفة قالت السحرة لو كان هذا سحرا لبقيت حبالنا وعصينا

١١٨

{فوقع الحق} فحصل وثبت

{وبطل ما كانوا يعملون} من السحر

١١٩

{فغلبوا هنالك} أى فرعون وجنوده والسحرة

{وانقلبوا صاغرين} وصاروا أذلاء مبهوتين

١٢٠

{وألقي السحرة ساجدين} وخروا سجدا للّه كانما ألقاهم ملق لشدة خروهرم أو لم يتمالكوا مما راوا فكأنهم ألقوا فكانوا أول النهار كفارا سحرة وفى آخره شهداء بررة

١٢١

{قالوا آمنا برب العالمين}

١٢٢

{رب موسى وهارون} هو بدل ممات قبله

١٢٣

{قال فرعون آمنتم به} قلى الخبر حفص وهذا توبيخ منه لهم وبهمزتين كوفى غير حفص فالأولى همزة الاستفهام ومعناه الانكار والاستبعاد

{قبل أن آذن لكم} قبل اذنى لم

{إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها} إن صنعكم هذا لحيلة احتلتموها انتم وموسى فى مصر قبل أن تخرجوا إلى الصرحاء لغرض لكم وهو أن تخرجوا من مصر القبط وتسكنوا بنى إسرائيل

{فسوف تعلمون} وعيدا جمله ثم فصله بقوله

١٢٤

{لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف} من كل شق طرفا

{ثم لأصلبنكم أجمعين} هو أول من قطع من خلاف وصلب

١٢٥

{قالوا إنا إلى ربنا منقلبون} فلا نبالى بالموت لانقلابنا إلى لقاء ربقنا روحمته أو انا جميعا يعنون أنفسه وفرعون ننقلب إلى اللّه فيحكم بيننا

١٢٦

{وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا} وما تعيب منا إلا الإيمان بآيات اللّه أرادوا وما تعيب منا إلا ما هو أصل المناقب والمفاخر وهو الإيمان ومنه قوله

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم  بهن فلول من قراع الكتائب

{ربنا أفرغ علينا صبرا} أى اصبب صبا ذريعا والمعنى هب لنا صبرا واسعا واكثره علينا حتى يفيض علنا ويغمرنا كما يفرغ الماء افارغا

{وتوفنا مسلمين} ثابتين على الإسلام

١٢٧

{وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض} ارض مصر بالاستعلاء فيها وتغيير دين أهلها لأنه والق السحرة على الإيمان ستمائة ألف نفر

{ويذرك وآلهتك} عطف على لفسدوا قبل صنع فرعون لقومه أصناما وأمرهم أن يعبدوها تقربا إليه كما يعبد عبدة الأصنام الأصنام ويقولون ليقربونا إلى اللّه زلفى ولذلك قال انا ربكم الأعاى

{قال} فرعون مجيبا ببملأ

{سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون} سنقتل حجازى أى سعيد عليهم قتل الأنبياء لعلموا انا على ما كنا عليه من الغلبة والقهر و أنهم مقهورون تحت أيدينا كما كانوا ولئلايتوهم العامة أنه هو االمولود الذى تحدث المنجمون بذهاب ملكناعلى يده فيئبطهم ذلك حين جزعوا ن قول فرعون منقتل أبناءهم تسلية لهم ووعدا بالنصر عليهم

١٢٨

{إن الأرض} اللام للعهد أى ارض مصر أو للجنس فيتناول ارص مصر تناولا أولياً

{للّه يورثها من يشاء من عباده} فيه تمنيته إياهم أرض مصر

{والعاقبة للمتقين} بشارة بأن الخاتمة المحمدودة للمتقين منهم ومن القبط وأخليت هذه الجملة عن الواو لانها جملة مستأنفة بخلاف قوله وقال الملأ لانها معطوفة على سا سبقها من قوله قال الملأ من قوم فرعون

١٢٩

{قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا} يعنون قتل أبنائهم قبل مولد موسى إلى أن استنبئ واعاجدته علهم بعد ذلك اشتكاء من فرعون واستبطاء لوعد النصر

{قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض} تصريح بما رمز اللّه من البشارة قبل وكشف عنه وهو إهلاك فرعون واستخلافهم بعده فى ارض مصر

{فينظر كيف تعملون} فيى الكائن منكم من العمل حسنه وقبيحه وشكر النعمة وكفراتها لجيازيكم على حسب ما يوجد منكم وعن عمرو بن عبيد أنه دخل على المنصور قبل الخلافة وعلى مائدته رغيف أو رغيفان وطلب المنصور زيادة لعمور فلم توجد فقرأ عمرو هذه الآية ثم دخل عليه بعد ما استخاف فذكر له ذلك قد بقى فينظر كيف تعملون

١٣٠

{ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين} سنى القحط وهن سبع سنين والنسة من الأسماء الغالةب كالدابة والنجم

{ونقص من الثمرات} قيل السنون لا هل البوادى ونقص الثمات للامصار

{لعلهم يذكرون} ليتعظموا فينبهوا على أن ذلك لا صرارهم على الكفر و لأن الناس فى حال اشدة اضعر خذودا وأرقى افئدة وقيل عاش فرعون أربعمائة سنة لم ير مكروها فى ثلثمائة وعشرين سنة ولو أصابه فى تلك المدة وجع أو جوع أو حمتى لما ادعى الربوبية

١٣١

{فإذا جاءتهم الحسنة} الحسة والخصب

{قالوا لنا هذه} أى هذه التى نستحقها

{وإن تصبهم سيئة} جدب ومرض

{يطيروا} أصله يتطيروا فأدعمت التاء فى الطاء لانها من طرف اللسان وأصول الثنايا

{بموسى ومن معه} تشاءموا بهم وقالوا هذه بشؤمهم ولولا مكانهم لما اصابتنا وغنما دخل إذا فى الحسة وعرفت الحسنة و إن فى السيئة ونكرت السيئة لأن جنس الحسنة وقوع كالكائن لكثرته واما السيئة فلا تقع إلا فى الندرة ولا يقع الاشئ منها

{ألا إنما طائرهم} سبب خيرهم وشرهم

{عند اللّه} فى حكمه ومشيئته واللّه هو الذى يقدر ما يصيبهم ن الحسنة والسيئة قل كل من عند اللّه

{ولكن أكثرهم لا يعلمون} ذلك

١٣٢

{وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} أصل مهما ماما فى الألوى للجزاء ضمت اليها ما المويدة المؤكدة للجزاء فى قولك متى ما تخرج اخرج أينما تكونوا فاما تذهبن بك إلا أن الألف قلبت هاء استثقالا لتكرير المتجانسين وهو المذهب السديد البصرة وهو فى موضع النصب بتأتنا أى ايماشئ وتحضرنا تأتنا به ومن آية تبيين لهما والضمير فى به وبها راجع إلى مهما إلا أن الأول ذكر على اللفظ والثانى أنث على المعنى لانها فى معنى الآية و إنما سموها آية اعتبار التسمية موسى أو قصدوا بذلك الاستهزاء

١٣٣

{فأرسلنا عليهم الطوفان} ما طاف بهم وغلبهم من مطر أو سيل قيل طفا الماء فوق حروتهم وذلك أنهم مطروا ثمانية أيام فى ظلمة شديدة لا يرون شمسا ولا قمرا ولا يقدر أحد أن يخرج من داره وقي دخل الماء فى بيوت القبط حتى قاموا فى الماء إلى تراقيهم فمن جلس غرق ولم يدخل بيوت بنى إسرائيل من الماء قطرة أو هو الجدرى أو الطاعون

{والجراد} فأكلت زروعهم وثمارهم وسقوف بويتهم وثيباهم ولم يدخل بيوت بنى اساريل منها شيء

{والقمل} وهى الدبى وهو اولاد الجراد قبل نبات أجنحتها أو البراغيث أو كبار القردان

{والضفادع} وكانت تقع فى طعامهم وشرابهم حتى إذا تكلم الرجل تقع فيه فيه

{والدم} أى الرعاف وقيل مياههم انقلبت دما حتى تغن القبطى والإسرائيلى إذا اجتمعا على اناء فيكون ما يلى الإسرائيلى ماء وما يلى القبطى دما وقيل سال علهيم النيل دما

{آيات} حال من الأشياء المذكورة

{مفصلات} مبينات ظاهرات لا يشكل على عاقل أنها من آيات اللّه أو مفرقات بين كل آيتين شهر

{فاستكبروا} عن الإيمان بموسى

{وكانوا قوما مجرمين}

١٣٤

{ولما وقع عليهم الرجز} الذاب الأخير وهو الدم أو العذاب المذكور واحدا بعد واحد

{قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك} ما مصدرية أى بعهده عندك وهو النبوة والباء تتعلق بادع أى ادع اللّه لنا متتوسلا إليه بعهده عندك

{لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل}

١٣٥

{فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل} إلى حد من الزمان

{هم بالغوه} لا محالى فمذبون فيه لا ينفعهم ما تقدم لهم من الامهال وكشف العذاب إلى حلوله

{إذا هم ينكثون} تجواب لما أى فلما كشفنا عنهم فاجئوا النكث ولم يؤخروه

١٣٦

{فانتقمنا منهم} وه ضد الانعام كطما أن العقاب هو ضد الثواب

{فأغرقناهم في اليم} هو اببحر الذى لا يدرك قعره أو هو لجة البحر ومعظم مائه واشتقاقه من التيمم لأن ا المنتفعين به يقصدونه

{بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين} أى كان اغراقهم هم بنو إسرائيل كان يستضعفهم فرعون وقومه بالقتل والاسمخدام

١٣٧

{مشارق الأرض ومغاربها} يعنى ارض مصر والشام التى

{التي باركنا فيها} بالخصب وسعة الأرزاق وكثة الأنهار والأشجار

{وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل} هو قوله عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض أو ونريد انتنمن على الذين استضعفوا فى الأرض إلى ما كانوا يحذرون والحنسى تأنيث الأحسن صفة للكلمة وعلى صلة تمت أى مضت عليهم واستمرت من قولكم ثم على الأمر إذا مضى عليه

{بما صبروا} بسبب صبرهم وحسبك به حاثا على الصبر ودالا على أن من قابل البلاء بالجزع وكله اللّه إليه ومن قابله بالصبر ضمن اللّه له الفرج

{ودمرنا} اهلكنا

{ما كان يصنع فرعون وقومه} رمن العمارات وبناء القصور

{وما كانوا يعرشون} من الجنات أو ما كانوا يرفعون من الأبنية المشيدة تفى السماء كصرح هامان وغيره وبضم الراء شامى و أبو بكر وهذا آخر صقة فرعون والقبط وتكذيبهم بآيات اللّه ثم أتبعه قصة بنى إسرائيل وما أحدثوه بعد انقاذهم من قرعون ومعاينتهم الآيات العظام ومجاوزتهم البحر من عبادة البقر وغير ذلك ليتسلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مما رآه من بنى إسرائيل بالمدينة

١٣٨

{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر} روى أنهم عبر بهم موسى يوم عاوراء بعدما اهلك اللّه فرعون وقومه فصامواه شكر اللّه فأوا على قوم فمروا عليهم

{يعكفون على أصنام لهم} يواظبون على عبادتها وكانت تماثيل بقر وبكسر الكاف حمزة وعلى

{قالوا يا موسى اجعل لنا إلها} صنما نعكف عليه

{كما لهم آلهة} أصنام يعكفون عليها وما كافة للكاف ولذلك وقعت الجملة بعدها قال يهودى لعلى رضى للّه عنه اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه فقال قلتم اجعل لنا إلها ولم تجف أقدامكم

{قال إنكم قوم تجهلون} نعجب من قولهم على أثر ما رأوا من الآية العظمى فوصفهم بالجهل المطلق وأكده

١٣٩

{إن هؤلاء} يعنى عبدة تلك التماثيل

{متبر} مهلك من التيار

{ما هم فيه} أى يتبر اللّه ويهدم دينهم الذى هم عله على يدى وفى إيقاع هؤلاء إسما لأن وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبرا لها وسم لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرضون ببتبار و أنه لايعدوهم ألبته

{وباطل ما كانوا يعملون} أى ما عملوا من عبادة الأثنام باطل مضمحل

١٤٠

{قال أغير اللّه أبغيكم إلها} أى أغير المستحق للعبادة أطلب لكم معبودا

{وهو فضلكم على العالمين} حال أى على عالمى زمانكم

١٤١

{وإذ نجيناكم من آل فرعون} أنجاكم شامى

{يسومونكم سوء العذاب} يبغونكم شدة العذاب من سام السلعة إذا طلبها وهو استئناف لا محل له أو حال من المخاطبين أو من آل فرعون

{يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم} يعتلون نافع

{وفي ذلكم} أى فى الإنجاء أو فى العذاب

{بلاء} نعمة أو محنة

{من ربكم عظيم}

١٤٢

{وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} لاعطاء التوراة

{وأتممناها بعشر} روى أنه موسى عليه الصلاة والسلام وعد بنى إسرائيل وهو بمصر أن اهلك اللّه عدوهم أتاهم بكتاب من عند اللّه فلما هلك فرعون سأل موسى ربه الكتاب فأمره بصوم ثلاثين يوما وهى شهر ذى القعدة فلما أتم الثلاثين أنكر خلوف فيه فتسوك فاوحى اللّه إليه اما علمت أن خلوف فم الصائم اطيب عندى من ريح المسك فأمره أن يزيد عليها عشرة أيام من ذى الحجة لذلك

{فتم ميقات ربه} ما وقت له من الوقت وضربه له

{أربعين ليلة} نصب على الحال أى تم بالغا هذا العدد ولقد أجمل ذكر الأربعين فى البقرة وفصلها هنا

{وقال موسى لأخيه هارون} هو عطف بيان لخيه

{اخلفني في قومي} كن خليفتى فيهم

{وأصلح} ما يجب أن يصلح من أمور بنى إسرائيل

{ولا تتبع سبيل المفسدين} ومن دعاك منهم إلى الإفساد فلا تتبعه ولا تطعه

١٤٣

{ولما جاء موسى لميقاتنا} لوقتنا الذى وقتنا له وحددنا ومعنى اللام الاختصاص أى اختص مجيئه لميقاتنا

{وكلمه ربه} بلا واسطة ولا كيفية ورورى أنه كان يسمع الكلام من كل جهة وذكر الشيخ التاويلات أن موسى عليه السلام سمع صوتا دالا على كلام اللّه تعالى وكان اختصاصه باعتبار أنه أمسعه صوتا تولى تخلقه من غير أن يكون ذلك الصوت مكتسبا لأحد من الخلق وغيره يسمع صوتا مكتسبا للعباد فيفهم منه كلام اللّه تعالى فلما سمع كلامه طمع فى رؤيته لغلبة شوقه فسأل الرؤية بقوله

{قال رب أرني أنظر إليك} ثانى مفعولى أرنى محذوف أى أرنى ذاتك انظر إليك يعنى مكنى من رؤيتكم بان تتجلى لى حتى أراك أرنى مكى وبكسر الراء مختلسة أبو عمرو وبكسر الراء مشبعة غيرهما وهو دليل لأهل السنة على جواز الرؤية فإن موسى عليه السلام اعتقد أن اللّه تعالى يرى حتى سأله واعتقاد جواز مالا يجوز على اللّه كفر

{قال لن تراني} ر بالسؤال بعين فانية بل بالعطاء والنوال بيعن باقية وهو دليل لأهل لنا أيضا لأنه لم يقل لن ارى ليكون نفيا للجواز ولو لم يكن مرئيا لخبر بانه ليس بمرئى إذا لحاله حالة الحاجة إلى البيان

{ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه} بقى على حاله

{فسوف تراني} وهو دليل لنا أيضا لأنه علق الرؤية باستقرار الجبل وهو ممكن وتعليق الشئ بما هو ممكن يدل على امكانه كالتعليق بالمتع يدل على امتناعه والديليل على أنه ممكن قوله جعله دكا ولم يقل اندك وما اوجده تعالى كان جائزا أن لا يوجد لو لم يوجده لأنه مختار فى فعله و لأنه تعالى ما آية عن ذلك ولا عاتبة عليه ولو كان ذلك محالا لعابه كما عاتب نوحا عليه السلام بقوله إنى أعظك أن تكون من الجاهلين حيث سأل اتجاه ابنه من الغرق

{فلما تجلى ربه للجبل} أى ظهر وبان ظهورا بلا كيف قال الشيخ أبو منصور رحمه اللّه معنى التجلى للجبل ما قاله الاشعرى أنه تعالى خلق فى الجبل حياة وعملا ورؤية حتى راى به وهذا نص فى إثبات كونه مرئيا وبهده الوجوه يتبين جهل منكرى الرؤية وقولهم بان موسى عليه السلام كان عالما بانه لا يرى ولكن طلب قومه أن يريهم ربه كما أخبر اللّه تعالى عنهم بقوله لن تؤمن لك حتى ترى اللّه جهرة لفطل الرية ليبين اللّه تعالى أنه ليس بمرئى باطل إذ لو كان كما زعموا لقال ارهم ينظروا اليك ثم يقول له لن يرونى ولانها لولم تكن جاءزة لما آخر موسى عليه السلام الرد عليهم بل كان يرد عليهم وقت قرع كلامهم سمعه لما فيه من التقرير على الكف روهو عليه السلام بعث لتغيره لا لتقريره إلا ترى أنهم لما قال له جعل لنا إلها كما لهم آلهة لم يمهلهم بل رد عليهم من ساعته بقوله انكم قوم تجهلون

{جعله دكا} مدكوكا مصدر بمعنى المفعول كضرب الأمير والدق والدك إخوان دكاء حمزة وعلى أى مستيوة بالأرض لا أكمه فيها وناقة دكا لاسنام لها

{وخر موسى صعقا} حال أى سقط مغشيا عليه

{فلما أفاق} من صعقته

{قال سبحانك تبت إليك} من السوال فى الدنيا

{وأنا أول المؤمنين} بعظمتك وجلالك وأنك لا تعطى الرؤية فى الدنيا مع جوازها وقال الكعبى والأصم معنى قوله أرنى انظر اليك ارنى آية أعلمكم بها بطريق الضرورة كانى انظر إليك لن ترانى لن تطيق معرفتى بهذه الصفة ولكن انظر إلى الجبل فإنى أظهر له آية فإن ثتب الجبل لتجليها وساتقر مكانه فسوف تثبت لها وتطيقها وهذا فاسد لأنه قال أرنى انظر إليك ولم يقل إليها وقال ولن ترانى ولم يقار لن رتى آيتى وكيف يكوف معناه لن ترى آيتى وقد أراه أعظم الآيات حيث جعل الجبل دكا

١٤٤

{قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس} اخترتك على أهل زمانك

{برسالاتي} هىأسفار التوراة برسالتى حجازى

{وبكلامي} وبتكليمى إياك

{فخذ ما آتيتك} أعطيتك من شرف النبوة والحكمة

{وكن من الشاكرين} على النعمة فى ذلك فهى من أجل النعم قيل خر موسى صعقا يوم عرفة وأعطى التوراة يوم النحر ولما كان هرون وزيرا تابعا لموسى تخصص الاصطافء بموسى عليه السلام

١٤٥

{وكتبنا له في الألواح} الالواح التوراة جمع لوح وكانت عشرة ألواح وقيل سبعة وكانت من زمرد وقيل من خشت نزلت من السماء فيها التوراة

{من كل شيء} فى محل النصب على أنه مفعول كتبنا

{موعظة وتفصيلا لكل شيء} بدل منه والمعنى كتبنا له كل ش كان بنو إسرائيل محتاجين إليه فى دينهم من المواعظ وتفصيل الأحكام وقيل أنزلت التوراة وهى سبعون وقر بعير لم يقرأها كلها إلا أربعة نفر موسى ويؤشع وعزير وعيسى

{فخذها} فقلنا له حذها عطفا على كتبنا والضمير للالواح أو لك شيء لأنه فى معنى الأشياء {بقوة} بجد وعزيمة فعل أولى العزم من الرسل

{وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} أى فيها ما هو سحن وأحسن كالقصاص والعفو والانتصار والصبر فمنهم أن يأخذوا بما هو أدخل فى الحسن وأكثر للثواب كقوله واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من رَبِّكُمْ

{سأريكم دار الفاسقين} دار فرعون وقومه وهى مصر ومنازل عاد وثمود والقرون المهلكه كيف اقفر منهم لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فينكل بكم مثل نكاهلم أو جهنم

١٤٦

{سأصرف عن آياتي} عن فهمها قال ذوا النون قدس اللّه روحه أبى اللّه أن يكرم قلوب البطالين بمكنون حكمة القرآن

{الذين يتكبرون} يتطاولون على الخلق وياتفون عن قبول الحق وحقيقته التكلف للكبريءا التى اختص بالبارى عزت قدرته

{في الأرض بغير الحق} هو حال أى يتكرون غير محقين لأن التكبر بالحق للّه وحده

{وإن يروا كل آية} من الآيات المنزلة عليهم

{لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد} طريق صلاح الأمر وطريق الهدى الرشد حمزة وعلى وهما كالسقم والسقم

{لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي} الضلال

{يتخذوه سبيلا} ومخل

{ذلك} الرفع أى ذلك الصرف

{بأنهم كذبوا بآياتنا} يبسبب تكذيبهم

{وكانوا عنها غافلين} غفلة عناد واعراض لا غفلة سهوا وجهل

١٤٧

{والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة} هو من إضفة المصدر إلى المفعول به أى ولقائهم الآخرة ومشاهدتهم احوالها

{حبطت أعمالهم} خبر والذين

{هل يجزون إلا ما كانوا يعملون} وهو تكذيب الأحوال بتكذيب الإرسال

١٤٨

{واتخذ قوم موسى من بعده} من بعد ذهابه إلى الطور

{من حليهم} و إنما نسبت اليهم مع أنها كانت عوارى فى أيديهم لأن الإضافة تكون لأدنى ملابسه وفيه دليل تعلى أن من حلف أن لايدخل دار فلان فدخل دارا استعارها يحنث على أنهم قد ملكوها بعد المهلكين كما ملكوا غيرها من أملاكهم وفيه دليل على أن الاستيلاء على أموال الكفار يوجب زوال ملكهم عنها نعم المتخذ هو السامرى ولكنهم رضوا به فاسند الفعل اليهم والحلى جمع حلى وهو اسم ما يحسن به من الذهب والفضة حليهم حمزة وعلى للاتباع

{عجلا} مفعول اتخذ

{جسدا} بدل منه أى بدنا ذا لحم ودم كسائر الأجساد

{له خوار} هو صوت البقر والمفعول الثانى محذوف أى إلها ثم عجب من عقولهم السخيفة فقال

{ألم يروا} حين اتخذوه إلها

{أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} لا يقدر على كلام ولا على هدياة سبيل حتى لا يختاروه على من لو كان البحر مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفذ كلماته وهو الذى هدى الخلق إلى سبيل الحق بما ركز فى العقول من الأدلة وبما أنزل فى الكتب ثم ابتدأ فقال

{اتخذوه} إلها فاقدموا على هذا الأمر المنكر

{وكانوا ظالمين}

١٤٩

{ولما سقط في أيديهم} ولما شتد ندمهم على عبادة العجل وأصله أن من شأن من اشتد ندمه أن يعض يده غما فتصير يده سقوطا فيها لأن فاه وقع فيها وسقط مسند إلى فى أيديهم وهو من بابا الكناية وقال الزجاج معناه سقط الندم فى أيديهم أى فى قلوبهم وأنفسهم كما يقال حصل فى يده مكروه و إن استحال أن يكون فى اليد تشبيهم لمايحصل فى القلب وفى النفس بما يحصل فى اليد ويرى بالعين

{ورأوا أنهم قد ضلوا} وتبينوا ضلالهم تبينا كانهم أبصروه بعيونهم

{قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا} لئن لم ترحمنا ربنا وتغفر لنا حمزة وعلى وانتصاب ربنا على النداء

{لنكونن من الخاسرين} المغبونين فى الدنيا و الآخرة

١٥٠

{ولما رجع موسى} من الطور

{إلى قومه} بنى إسرائيل

{غضبان} حال من مسوى

{أسفا} حال أيضا أى حزينا

{قال بئسما خلفتموني} قمتم مقامى وكنتم خلفائى

{من بعدي} والخكطاب لبعدة العجل من السامرى وأشياعه أو لهرون ونم معه من المؤمنين ويدل عليه قوله اخلفنى فى قومى والمعنى بئسما خلفتمونى حيث عبدتم العجل مكان عبادة اللّه أو حيث لم تكفوا عن عبادة غير اللّه وفاعل بئس مضمر يفسره ما خلقتمونى والمخصوص بالذم محذوف تقديره بئس خلافة خلفتمونيها من بعدى خلافكم ومعنى من بعدى بعد قوله خلفتمونى من بعد ما رأيتم منى من توحيد اللّه ونفى الشركاء عنه أو من بعد ما كنت احمل بنى إسرائيل على التوحيد واكفهم عن عبادة البقرة حين قالوا اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ومن حق الخفاء أن يسيروا بسيرة المخلف

{أعجلتم} أسبقتم بعابدة العجل

{أمر ربكم} وهو ايتانى لكم بالتوارة بعد أربعين ليلة وأصل العجلة طلب الشئ قبل حينه وقيل عجلتم بمعنى تركتم

{وألقى الألواح} ضجرا عند استماعه حديث العجل غضبا للّه كان فى نفسه شجديد الغضب وكان هرون أبين منه جانبا ولذلك كان أحب إلى بنى إسرائيل من موسى فتكسرت فرفعت ستة أسباعها وبقى سبع واحد وكان فيما رفع تفصيل كل شيء وفيما بقى هدى ورحمة

{وأخذ برأس أخيه} بشعر رأسه غضبا عليه حيث لم يمنعهم عن عبادة العجل

{يجره إليه} عتابا عليه لاهونا به وهو حال من موسى

{قال ابن أم} بنى الابن مع الأم على الفتح كخمسة عشر وبكسر الميم حمزة وعلى وشامى لأن أصله امى فحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة وكان ابن أمه وأبيه و إنما ذكر الأم لانها كانت مؤمنة و لأن ذكرها أدعى إلى العطف

{إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} أى إنى لم آل جهدا فى كفهم بالوعظ والإنذار ولكنهم استضعفونى وهموا بقتلى

{فلا تشمت بي الأعداء} الذين عبدوا العجل أى لا تفعل بى ما هو أمنيتهم من الاستهاة بى والإساءة إلى

{ولا تجعلني مع القوم الظالمين} أى قرينا لهم بغضبك على فلما اتحض له عذر أخيه

١٥١

{قال رب اغفر لي ولأخي} يرضى أخاه ونيفى الشماتة عنه باشراكه معه فى الدعاء والمعنى لاغفر لى ما فرط منى فى حق أخى وأخى إن كان فرط فى حسن الخفلاة

{وأدخلنا في رحمتك} عصمتك فى الدنيا وجنتك فى الارخرة

{وأنت أرحم الراحمين}

١٥٢

{إن الذين اتخذوا العجل} إلها

{سينالهم غضب من ربهم} هو ما أمروا به من قتل أنفهسم توبة

{وذلة في الحياة الدنيا} خروجها من ديارهم فالغربة تذل الأعناق أو ضرب الجزية عليهم

{وكذلك نجزي المفترين} الكاذبين على اللّه ولا فرية أعظم من قول السامرى هذا إلهكم و إله موسى

١٥٣

{والذين عملوا السيئات} من الكفر والمعاصى

{ثم تابوا} رجعوا إلى اللّه

{من بعدها وآمنوا} وأخلصوا الإيمان

{إن ربك من بعدها} أى السيآت أو التوبة

{غفور} لستور علهم محاء لما كان منهم

{رحيم} منعم عليهم بالجنة و إن مع اسمها وخبرها خبر والذين وهذا حكم عام يدخل تحته متخذوالعجل وغيرهم عظم جناتهم أو لا ثم أردفها بعظم رحمته ليعلم أن الذنوب و أن عظمت فعفوه أعظم ولما كان الغضب لشدته كأنه هو الآمن لموسى بما فعل قيل

١٥٤

{ولما سكت عن موسى الغضب} وقال الزجاج معناه سكن وقرئ به

{أخذ الألواح} التى ألقاها

{وفي نسختها} وفيما نسخ منها أى كتب فعلة بمعنى مفعول كالخطبة

{هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} دخلت اللام لتقدم المفعول وضعف عمل الفعل فيه باعتباره

١٥٥

{واختار موسى قومه} أى من قومه فحذف الجار وأوصل الفعل

{سبعين رجلا} قيل اختار من اثنى عشر سبطا من كل سبط ستة فلغوا اثنين وسبعين رجلا فقال ليتخلف منكم رجلان فقعجد كالب ويوشع

{لميقاتنا} لاعتذارهم معن عبادة العجل

{فلما أخذتهم الرجفة} الزلزلة الشديدة

{قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل} بما كان منهم من عبادة العجل

{وإياي} لقتلى القبطى

{أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} أتهلكنا عقوبة بما فعل الجهال منا وهم أصحاب العجل

{إن هي إلا فتنتك} ابتلاؤك وهو راجع إلى قوله إنا قد فتنا قومك من بعدك فقال موسى هى تلك الفتنة التى أخبرتنى بها أو هى ابتلاء اللّه تعالى عباده بما شاء ونبلوكم بالشر والخير فتنة

{تضل بها} بالفتنة

{من تشاء} من علمت منهم اختيار الضلالة

{وتهدي} بها

{من تشاء} من علمت منهم اختيار الهدى

{أنت ولينا} مولانا القائم بأمورنا

{فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين}

١٥٦

{واكتب لنا} وأثبت لنا واقسم

{في هذه الدنيا حسنة} عافية وحياة طيبة وتوفيقا فى الطاعة

{وفي الآخرة} الجنةة

{إنا هدنا إليك} تبنا اليك وهاد إليه يهود إذا رجع وتاب والهد جمع هائد وهو التائب

{قال عذابي} من صفته اتى

{أصيب به من أشاء} أى لا أعفو عنه

{ورحمتي وسعت كل شيء} أى من صفة رحمتى أنها واسعة تبلغ كل شئء ما من مسلم ولا كافر إلا وعليه أثر رحمتى فى الدنيا

{فسأكتبها} أى هذه الرحمة

{للذين يتقون} الشرك من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم

{ويؤتون الزكاة} المفروضة

{والذين هم بآياتنا} يجميع كتبنا

{يؤمنون} لا يكفرون بشئ منها

١٥٧

{الذين يتبعون الرسول} الذى نوحى الهي كتابا مختصا به وهو القرآن

{النبي} صاحب المعجزات

{الأمي الذي يجدونه} أى يجد نعته أولئك الذين يتبعونه من بنى إسرائيل

{مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف} يخلع الأنداد وانصاف العباد

{وينهاهم عن المنكر} عبادة الأصنام وقيطعة الأرحام

{ويحل لهم الطيبات} ما حرم عليهم من الأشياء الطيبة كالشحوم وغيرها أو ما طاب فى الشريعة مما ذكر اسم اللّه عليه من الذبائح وما خلا كسبه من السحت

{ويحرم عليهم الخبائث} ما يستخبث كالدم والميتة ولحم الخنزير وما أهل لغير اللّه به أو ما خبث فى الحكم كالربا والرشوة ونحوهما من المكاسب الخبيثة

{ويضع عنهم إصرهم} هو الثقل الذى يأصر صابحه أى يحبسه عن الحراك لثقله والمراد التكاليف الصعبة كقتل النفس فى توبتهم وقطع الأعضاء الخاطئة آصارهم شامى على الجمع

{والأغلال التي كانت عليهم} هى الأحكام الشاقة نحو بت القضاء بالقصاصا عمدا كان أو خطأ من غير شرع الدية وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب واحراق الغنائم وطهور الذنوب على أبواب البيوت وشبهت بالغل للزومها لزوم الغل

{فالذين آمنوا به} بمحمد صلى اللّه عليه وسلم

{وعزروه} وعظموه أو منعوه من العدو حتى لا يقوى علهي عدو و أصل العذر المنع ومنع التعزير لأنه منع عن معاودة القبيح كالحد فهو المنع

{ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه} أى القرآن ومع متعلق باتبعوا أى واتبعوا القرآن المنزل مع اتباع النىب والعمل بسنته

{أولئك هم المفلحون} الفائزون بكل خير والناجون من كل شر

١٥٨

{قل يا أيها الناس إني رسول اللّه إليكم} بعث كل سول إلى قومه خصاة وبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم إلى كافة الانس وكافة الجن

{جميعا} حال من اليكم

{الذي له ملك السماوات والأرض} فى محل النصب باضمار أعنى وهو نصب على المدح

{لا إله إلا هو} بدل من الصلة وهى له ملك السموات والارض وكذلك

{يحيي ويميت} وفى لا إله إلا هو بيان للجملة قبلها لأن من ملك العالم كان هو الإله على الحقيقة وفى يحيى ويميت بيان لاختصاصه بالإليهة إذ لا يقدر على الاحياء والاماتة غيره

{فآمنوا باللّه ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن باللّه وكلماته} أى الكتب المنزلة

{واتبعوه لعلكم تهتدون} ولم يقل فآمنوا باللّه وبى بعد قوله إنى رسول اللّه اليكم لتجرى عليه الصات التى أجريت عليه ولما فى الالتفات من مزية البلاغة وليعلم أن الذى وجب الإيمان به هو هذا الشخص الموصوف بانه النبى الأمى الذى يؤمن باللّه وكلماته كائنا ن كان انا أو غيرى اظهار للنصفة وتفاديا من العصبية لنفسه

١٥٩

{ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق} أى يهدون الناس محقين أو بسبب الحق الذى هم عليه

{وبه يعدلون} وبالحق يعدلون بينهم فى الحكم لا يجورون قيل هم قوم وراء الصين آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج أو هم عبد اللّه بن سلام واضرابه

١٦٠

{وقطعناهم} وصيرناهم قطعنا أى فرقا وميزانا بعضهم من بعض

{اثنتي عشرة أسباطا} كقولك اثنتى عشرة قبيلة والأسبط اولاد الولد جمع سبط وكانوا اثنتى عشرة قبيلة من اثنتى عشر ولدا من ولد يعقول عليه السلام نعم مميزا ما عدا العشرة مفردة فكان ينبغى أن يقال اثنى عشر سبطا لكن المراد وقطعناهم اثنتى عشرة قبيلة وكل قبيلة أسباط لا سبط فوضع أسباط موضع قبيلة

{أمما} بدل من اثنتى عشرة أى وقطعناهم أمما لأن كل أسبط كانت أمة عظيمة وكل واحدة كانت تؤم خلاف ما تؤمه الاخرى

{وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر} فضرب

{فانبجست} فانفجرت

{منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم} هو اسم جمع غير تكسير

{وظللنا عليكم الغمام} وجعلناه ظليلا عليهم فى اليته

{وأنزلنا عليهم المن والسلوى} وقلنالهم

{كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا} أى وما رجع إلينا ضرر ظلمهم بكفرانهم النعم

{ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} ولكم كانوا يضرون انفسهم ويرجع وبال ظلمهم إليهم

١٦١

{وإذ قيل لهم} واذكر إذ قيل لهم

{اسكنوا هذه القرية} بيت المقدس

{فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم} تغفر لكم مدنى وشامى خطيئاتكم مدنى خطاياكم أبو عمرو وخطيئتكم شامى

{سنزيد المحسنين}

١٦٢

{فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون} لا تناقض بين قوله اسكنوا هذه القرية وكلوا منها فى هذه السورة وبين قوله فى سورة البقرة ادخلوا هذه القرية فكلوا الوجود والسكنى وسواء قدموا الحطة على دخول الباب أو أخروها فهم جامعون بينهما وترك ذكر الرغد لا يناقض اثباته وقوله نغفر لكم خطاياكم سنزيد المحسنين موعد بشيئين بالغفران وبالزيادة وطرح الواو لا يخل بذلك لأنه استئناف مرتب على قول القائل وماذا بعد الغفران فقيل له ستزيد المحسنين وكذلك زيادة منهم زيادة بيان وأرسلنا وأنزلنا ويظملون ويفسقون من واد واحد

١٦٣

{واسألهم} واسأل اليهود

{عن القرية} أيلة أو مدين وهذا السؤال للتقريع بقدينم كفرهم

{التي كانت حاضرة البحر} قريبة منه

{إذ يعدون في السبت} إذ يتجاوزون حد اللّه فيه وهو اصطيادهم فى يوم السبت وقد نهوا عنه إذ يعهدون فى محل الجر بدل من القرية والمراد بالقرية اهلها لكانه قيل واسألهم من أهل القرية وقت عدوانهم فى السبت وهو من بدل الاشتمال

{إذ تأتيهم} منصوب بيغدون أو يدل بعد بدل

{حيتانهم} جمع حوت أتدلت الواو ياء لسكونها وإنكسار ما قبلها

{يوم سبتهم شرعا} ظاهرة على وجه الماء جمع شارع حال من الحيتان والسبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد والمعنى إذ يعدون فى تعظيم هذا اليوم وكذا قوله يوم سبتهم معناه يوم تعظيمهم أمر السبت ويدل عليه

{ويوم لا يسبتون لا تأتيهم} ويم ظرف لا تأتيهم

{كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون} مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بفسقهم

١٦٤

{وإذ قالت} معطوف على إذ يعدون وحمه كحمه فى الإعراب

{أمة منهم} تجماعة من صلحاء القرية الذين أيسوا من وعظهم بد ما ركبوا الصعب والذلولو فى موعظتهم لآخرين لا يقلعون عن وعظهم

{لم تعظون قوما اللّه مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} و إنما قاوال ذلك لعلهم أن الوعظ لا ينفع فيهم

{قالوا معذرة إلى ربكم} أى موعظتنا ابلاء عذر الىاللّه لئلا ننسب فى النهى عن المنكر إلى التفريط معذرة حفص على أنه مفعول له أى وعظناهم للمعذرة

{ولعلهم يتقون} ولطمعنا فى أن يتقوا

١٦٥

{فلما نسوا} أى أهل القرية لما تركوا

{ما ذكروا به} ماذكرهم به الصالحون ترك الناسى لما ينساه

{أنجينا الذين ينهون عن السوء} من العذاب الشديد

{وأخذنا الذين ظلموا} الراكبين للمنكر والذين قالوا لم تعظون من الناجين فعن الحسن نجت فرقتان وهلكت فرقة وهم الذين اخذوا الحيتان

{بعذاب بئيس} شديد يقال يؤس يبؤء بأسا إذا اشتد فهو بئيس بئس شامى بيس مدنى على وزن فيعل أبو بكر غير محاد

{بما كانوا يفسقون}

١٦٦

{فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} أى جعلناهم قردة أذلاء مبعدين وقيل فلما عتوا تكرير لقلوه فلما نسوا والعذاب البئيس هو المسخ قيل صارد الشبان قردة والشيؤهخ خنازير وكانوا يعرفون أقاربهم ويبكون ولا يتكلمونه والجمهور على أنها ماتت عبد ثلاثة أيام وقيل بقيت وتناسلت

١٦٧

{وإذ تأذن ربك} أى أعلم وأجرى مجرى فعل القسم ولذا أجيب بما يجاب به القسم وهو قوله

{ليبعثن عليهم} أى كتب على نفسه ليسقطن على اليهود

{إلى يوم القيامة من يسومهم} من توليهم

{سوء العذاب} فكانوا يؤدون الجزية إلى المجوس إلى أن بعث محمد صلى اللّه عليه وسلم فضربها عليهم فلا تزال مضروبة عليهم إلى آخر الدهر

{إن ربك لسريع العقاب} للكافر

{وإنه لغفور رحيم} للمؤمنين

١٦٨

{وقطعناهم في الأرض} وفرقناهم فيها فلا تخلوا بلد من فرقة

{أمما منهم الصالحون} الذين آمنوا منهم بالنمدينة أو الذين وراء الصين

{ومنهم دون ذلك} ومنهم ناس دون ذلك الوصف منحطون عنه وهم الفسقة ومحل دون ذلك الرفع وهو صفة لموصوف محذوف أى ومنهم ناس منحطون عن الصلاح

{وبلوناهم بالحسنات والسيئات} بالنعم والنقم والخصب والحدب

{لعلهم يرجعون} ينتهوه فينيبون

١٦٩

{فخلف من بعدهم} من بعد المذكورين

{خلف} وهم الذين كانوا فى زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والخلفد البدل السوء بخلاف الخف فهو الصالح

{ورثوا الكتاب} التوراة ووقفوا على ما فيها من الأوامر والنواهى والتحليل والتحريم ولم يعملوا بها

{يأخذون عرض هذا الأدنى} هو حال من الضمير فى ورثوا والعرض المتاع أى حطام هذ الشئ الأدنى يريد لدينا وما يتمتع به منها من الدنوا بمعنىى القرب لأنه عاجل قريب والمراد ما كانوا يأخذونه من الزش فى الأحكام على تحريف الكلم وفى قوله هذا الأدنى تخسيس وتحقير

{ويقولون سيغفر لنا} لا يؤاخذه اللّه بما أخذنا والفعل مسند إلى الأخذ أو إلى الجار والمجرور أى لنا

{وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه} الواو للحال قوله تعالى يرجون المغفر وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم غير تائبين

{ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب} أى الميثاق المذكور فى الكتاب ألا يقولون على اللّه إلا الحق أى اخذ عليهم الميثاق فى مكتابهم إلا يقولوا على اللّه إلا الصدق وهو عطف بيان لميثاق الكتاب

{ودرسوا ما فيه} روقرءوا ما فى الكتاب هو عطف على ألم يؤخذ عليهم لأنه تقرير فكأنه قيل اخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا مافيه

{والدار الآخرة خير} من ذلك العرض الخسيس

{للذين يتقون} الرشا والمحارم

{أفلا يعقلون} أنه كذلك وبالتاء مدنى وحفص

١٧٠

{والذين يمسكون بالكتاب} يسمكون أبو بكر والامسكاك والتمسيك والتمسك الاعتصام والتعلق بشئ

{وأقاموا الصلاة} خص الصلاة مع أن التمسك بالكتاب يشتمل على ككل عبادة لانها عما الدين مبتدأ والخبر

{إنا لا نضيع أجر المصلحين} أى انا لا نضيع أجرهم وجاز أن يكون مجرورا عطفا على الذين يتقون وانا لا نضيع اعتراض

١٧١

{وإذ نتقنا الجبل فوقهم} واذكر إذ قلعناه ورفعناه كقوله

{ورفعنا فوقكم الطور} {كأنه ظلة} هى مكل ما أظلك من سقيفة أو سحاب

{وظنوا أنه واقع بهم} وعلموا أنه ساقط عليهم وذلك رانهم أبو أن يقبلوا احكام التوارة لغلظها وثقلها فرفع اللّه الطور على رءوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخا فى فرسخ وقيل لهم أن قبلتموها بما فيها و إلا ليقعن عليكم فلما نظروا إلى الجبل خركل رجل منهم ساجدا على حاجبه الأيسر وهو نيظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقا من سقوطه فلذلك لا ترى يهوديا يسجد إلى على حاجبيه الأيس

{ويقولون} هى السجدة التى رفعت عنها بها العقوبة وقلنا لهم

{خذوا ما آتيناكم} من الكتاب

{بقوة} وعزم على احتمال مساقة وتكاليفه

{واذكروا ما فيه} ر من الأوامر والنواهى ولا تنسوه

{لعلكم تتقون} مما أنتم عليه

١٧٢

{وإذ أخذ ربك من بني آدم} أى واذكر اخذ ذرياتهم من ظهورهم غخراجهم من أصلاب آبائهم

{وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} هذا من بابا التمثيل ومعنى ذلك أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم التى ركبها فيهم وجعلها مميزة بين الهدى والضلالة فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم وقال لهم ألست بربكم وكانهم قالوا بلى أنت ربنا شهدنا على أنفسنا وأقررنا بواحدانيتك أن بقولوا مفعلو له أى فعلنا ذلك من نصب الادلة الشهادة على صحتها العقول كراهة أن يقولوا يوم القيامة

{إنا كنا عن هذا غافلين} لم تنبه عليهم

١٧٣

{أو يقولوا} أو كراهة أن يقولوا

{إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم} فاقتدينا بهم لأن نصب الأدلة على التويحد وما نبهوا عليه قائم معهم فلا غزر لهم فى الاعراض عنه والاقتداء بالآباء كما لا عذر لآياتهم فى الشرك ادله التوحيد منصوبة لهم

{أفتهلكنا بما فعل المبطلون} أى كانوا السبب فى شركنا لتأسهسهم فى الشرك وتركه سنة لنا

١٧٤

{وكذلك} ومثل ذلك التفصيل البليغ

{نفصل الآيات} لهم

{ولعلهم يرجعون} عن شركهم نصفهلا إلى هذا ذه بالمحققون من أهل التفسير منهم الشيخ أبو منصور والزجاج والزمخشرى وذهب جمهور المفسرين أن أن اللّه تعالى اخرج ذرية آدم من ظهر آدم مثل الذر وأخذ عليهم الميثاق انهه ربهم بقوله ألست بربكم فأجابوه بلى قالوا وهى الفطرة التى فطر اللّه الناس عليها وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما أخرج من ظهر آدم ذرية وأراه اباهم كهيئة الذر وأعطاهم العقل وقال هؤلاء ولدك اخذ عليهم الميثاق أن يعبدونى قيل كان ذلك قبل دخول الجنة بين مكة والطائف وقيل بعد النزول من الجنة وقيل فى الجنة والحجة للأولين أنه قال من بنى آدم من ظهورهم ولم يقل من ظهر آدم وأنا لا نتذكر ذلك فانى يصير حجة ذرياتهم مدنى وبصرى وشامى أن تقولوا أو تقولوا أبو عمرو

١٧٥

{واتل عليهم} على اليهود

{نبأ الذي آتيناه آياتنا} هو عالم من علماء بنى إسرائيل وقيل هو بلعم بن باعوراء أو تى علم بعض كتب اللّه

{فانسلخ منها} فخرج من الآيات بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره فلحقه الشيطان وأدركه وصار قرينا له

{فكان من الغاوين} فصار من الضالين الكافرين روى أن قومه طلبوا منه أن يدعوا على موسى ومن معه فابى فلم يزالوا به حتى فعل وكان عنده اسم اللّه الأعظم

١٧٦

{ولو شئنا لرفعناه} إلى منازل الأبرار من العلماء

{بها} بتلك الايت

{ولكنه أخلد إلى الأرض} مال إلى الدنيا ورغب فيها

{واتبع هواه} فى ايثار الدنيا ولذاتها على الآخرة ونعيمها

{فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه} أى تزجره وتطرده

{يلهث أو تتركه} غير مطرود

{يلهث} والمعنى فصفعه التى هى مثل فى الخسة والضعة كصفة الكلب فى أخس أحواله وأذلها وهى حال دوام اللّهث به صواء حمل عليه أى شد عليه وهيج فطرد أو ترك غير متعرض له بالجمل عليه وذلك أن سائر الحيوان لا يكون منه اللّهث إلا إذا حرك اما الكلب فيلهث فى الحالين فكان مقتضى الكلام أن يقال ولكنه أخلد إلى الأرض فخططناه ووضعنا منزلته فوضع هذا التمثيل موضع فخططاه أبلغ حط ومحل الجملة الشرطية النصب على الحال كأنه قيل كمثل الكلب ذليلا دائم الذلة لا هنا فى الحالين وقيل لما دعا بلعم على موسى خرج لسنانه فوقع على صدره وجعل يلهث كما يلهث الكلب وقيل معناه هو ضال وعظ أو ترك وعن عطاء من علم ولم يعمل فهو كالكلب ينبح أن طرد أو ترك

{ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا} من الهود بع أن قرءوا نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى التوراة وذكر القرآن العجز وما فيه وبشروا الناس باقتراب مبعثه

{فاقصص القصص} أى قصص بلعم الذى هو نحو قصصهم

{لعلهم يتفكرون} فيحذرون مثل عاقبته إذا ساروا نحو سيرته

١٧٧

{ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا} أى مثل القوم فحذف المضاف وفاعل ساء مضمر أى ساء المثل مثلا وانتصاب مثلا على التمييز

{وأنفسهم كانوا يظلمون} معطوف على كذبوا فيدخل فى حيز الصلة أى الذين جمعوا بين التكذيب بآيات اللّه وظلم انفسهم أو منقطع عن الصلة أى وما ظلموا إلا انفسهم بالتكذيب وتقديم المفعول به للاختصاص تة زحصزت أنفسهم بالظلم لم يتعد إلى غيرها

١٧٨

{من يهد اللّه فهو المهتدي} حمل على من اللّه البيان كما قالت المعتزلة لا ستى الكافر والمؤمن إذ البيان ثابت فى حق الفريقين فدل أنه من اللّه تعالى التوفيق والعصمة والمعونة ولو كان ذلك للكافر لاهتدى كما اهتدى المؤمن

١٧٩

{ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس} هم الكافر من الفريقين المعرضون عن تدبر آيات اللّه واللّه تعالى علم منهم اختيار الكفر فشاء منهم الكفر وخلق فيهم ذلك وجعل مصيرهم تجهنم لذلك ولا تنافى بين هذا وبين قوله وماخلقت الجن والإنس إلا ليغبدون لأنه إنما خلق منهم للعبادة من علم أنه بعديه و انا من علم أنه يكفر به فإنما خلقه لما علم أنه يكون منه فالحاصل أن من علم منه فى الأزل أنه يكون منه العبادة خلقه للعبادة ومن علم منه أن يكون منه الكفر خلقه لذلك وكم من عام يراد به الخصوص وقول المعتزلة بأن هذه لام العاقبة أى لما كان عاقبتهم جهنم جعل كانهم خلقوا لها فرارا عن ارادة المعاصى عدول عن الظاهر

{لهم قلوب لا يفقهون بها} الحق ولا يتفكرون فيه

{ولهم أعين لا يبصرون بها} الرشدة

{ولهم آذان لا يسمعون بها} الوعظ

{أولئك كالأنعام} فى عدم الفقه والنظر للاعتبار والاستماع للتفكر

{بل هم أضل} من الأنعام لأنهم كابروا العقول وعاندوا الرسول وارتكبوا الفضلو فالأنعام تطلب منافعها وتهرب عن مضارها وهم لا يعلمون مضارهم حيث اختاروا الناس وكيف يستوى للمكلف المأمور والمخىل المعذور فالآدمى روحانى شهوانى سماوى ارضى فإن غلب روحه هواه فاق ملائكة السموات و إن غلب هواه روحه فاقته بهائم الأرض

{أولئك هم الغافلون} الكاملون فى الغفلة

١٨٠

{وللّه الأسماء الحسنى} التى هى اسن الأسماء لانها تدل على معان حسنة فمنها ما يستحقه بحقائقه كالقديم قيل كل شيء والباقى بعد كل شيء والقادر على كل شيء والعالم بكل شيء والواحد الذى ليس كمثله شيء ومنها ما تستحسنه الانفس لآثارها كالغفور والرحيم والشكور والحليم ومنها ما يوجب التخلق به كالفضل والجبار والمتكبر

{فادعوه بها} فسموه بتلك الأسماء

{وذروا الذين يلحدون في أسمائه} واتركوا تسمية الذين يميلون عن الحق والصواب فيها فيسمونه بغير الأسماء الحسنى وذلك أن يسموه بما لا يجوز عليه نحو أن يقولوا يا سخى يا رفيق لأنه لم يسم نفسه بذلك ومن الالحاد تسميته بالجسم والجوهر والعقل والعلة يلحدون حمزة لحد الحد مال

{سيجزون ما كانوا يعملون}

١٨١

{وممن خلقنا} للجنة لأنه فى مقابلة ولقد ذرأنا لجهنم

{أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} فى أحكامهم قيل هم العلماء والدعاة إلى الدين وفيه دلالىة على إجماع كل عصر حجة

١٨٢

{والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم} جهنم سنستدنيهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم

{من حيث لا يعلمون} ما يرادبهم وذلك أن يواتر اللّه نعمه علهم مع أنهماكهم فى الغنى فكلما جدد اللّه عليهم نعمة ازدادوا بطر وجددوا معصية فيتدرجون فى المعاصى بسبب ترادف النعم ظانين أن ترادف النعم اثره من اللّه تعلى وتقريب و انماا هو خذلان منه وتبعيد وهو استفعال من الدرجة بمعنى الاستصعاد أو الاتنزال درجة

١٨٣

{وأملي لهم} عطف على سنستدرجهم وهو داخل فى حكم السين أى أمهلهم

{إن كيدي متين} أخذى شديد سماه كيدا لأنه شبيه بالكيد من حيث إنه فى الظاهر احسان وفى الحقيقة خذلان ولما نسبوا النبى صلى اللّه عليه وسلم إلى الجنون نزل

١٨٤

{أولم يتفكروا ما بصاحبهم} محمد عليه السلام وما نافية بعد وقف أى أولم يتفكروا فى قولهم ثم نفى عنه الجنون بقوله ما بصاحبهم

{من جنة} جنون

{إن هو إلا نذير مبين} منذر من اللّه موضع إنذاره

١٨٥

{أولم ينظروا} نظر استدلال

{في ملكوت السماوات والأرض} الملكوت الملك العيم

{وما خلق اللّه من شيء} وفميا خلق اللّه مما يقع عليه اسم الشئ من أجناس لا يحصرها العدد

{وأن عسى} أن ممخففة من الثقيلة وأصله و أنه عسى والضمير ضمير الشأن وهو فى موضع الجر بالعطف على ملكوت والمعنى أو لم ينظروا فى أن الشأن والحديث عسى

{أن يكون قد اقترب أجلهم} ولعلهم يموتون عما قريب فيسارعوا إلى النظر وطلب الحق وماينجيهم قبل مفاجأة الأجل وحلول العقاب

{فبأي حديث بعده} بعد القرآن

{يؤمنون} إذا لم يؤمنوا به وهو متعلق بعسى أن يكون قد اقترب أجلهم كأنه قيل لعل أجلهم قد اقترب فمالهم لا يبادرون الإيمان بالقرآن قبل الفوت وماذا ينتظرون بعد وضح الحق وبأى حديث أحق منه يريدتون أن يؤمنوا به

١٨٦

{من يضلل اللّه فلا هادي له} أى يضللّه اللّه

{ويذرهم} ببالياء عراقى وبالجزم حمزة وعلى عطكفا على محل فلا هاجى له كأنه قيل من صيضلل اللّه لا يهده أحد ويذرهم والرفع على الاستئناف أى وهو يذرهم الباقون بالنون

{في طغيانهم} كفرهم

{يعمهون} يتحيرون ولما سألت اليهود أو قريش عن السااعة متى تكون نزل

١٨٧

{يسألونك عن الساعة} هى من الأسماء الغالبة كالنجم للثريا وسميت القيامة بالساعة لوقوعها بغتة أو لسرعة حسباها أو لانها عند اللّه على طولها كساعة من الساعات عند الخلق

{أيان} متى واشتقاقه من أى فعلان منه لأن معناه أى وقت

{مرساها} ارساؤها مصدر مثل المدخل بمعنى الادخال أو وقت إرسائها أى إثباتها والمعنى متى يرسيها اللّه

{قل إنما علمها عند ربي} أى علم وقت إرسائها عنده قد استأثر به لم يخبربه أحدا من ملك مقرب ولا نبى مرسل ليكون ذلك ادعى إلى الطاعة وازجر عن المعصية كما اخفى الأجل الخاص وهو وقت الموت لذلك

{لا يجليها لوقتها إلا هو} لا يظهر امرها ولا يكشف خفاء علمها إلا هو توحده

{ثقلت في السماوات والأرض} أى كل من أهل ها عليه أو ثقلت فهيا لأن اهلها يخافون شدائدها وأهوالها

{لا تأتيكم إلا بغتة} فجاة على غفلة منكم

{يسألونك كأنك حفي عنها} كأنمك علام بها وحقيقته كأنكم بليغ فى السؤال عنها لأن من بالغ فى المسألة عن الشئ والتنقير عنه استحكم علمه فيها و أصل هذا التركيب المبالغة ومنه احفاء الشارب أو عنها متعلق يسئلونك أى يسئلونك عنها كانك حفى أى عالم بها

{قل إنما علمها عند اللّه} وكرر يسئلونك و إنما علمها عند اللّه للتأكيد ولزيادة كانك حفى عنها وعلى هذا تكرير العلماء فى كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة منهم محمد بن الحسن رحمه اللّه

{ولكن أكثر الناس لا يعلمون} أنه الختص بالعمل بها

١٨٨

{قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء اللّه} هو اظهار للعبودية وبراءة عما يختص بالربوبية من علم الغيب أى انا عبد ضعفيف لا أملك لنفى اجتلاب نفع ولا دفع ضرر كالمماليك إلا ما شاء مالكى من النفع لى والدفع عنى

{ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء} أى لكانت حالى على خلاف ما هى عليه من استكثار الخير واجتناب السوء والمضار حتى لا يمسنى شيء منها ولم أكن غالبا مرة ومغلوبا اخرى فى الحروب وقيل الغيب لاجل والخير العمل والسوء الوجل وقيل لاستكثربت لاعتددت من الخصب للجدب والسوء الفقر وقد رد

{إن أنا إلا نذير وبشير} يتعلق بالنذير والبشير إن انا إلا عبد أرسلت نذيرا وبشيرا وما من شأنى أن أعلم الغيب واللام فى

{لقوم يؤمنون} يتعلق بالنذير والبشير لأن النذارة والبشارة إنما ينفعان فيهم أو بالبشير وحده والمتعلق بالنذير محذوف أى إلا نذير للكافرين وبشير لقوم يؤمنون

١٨٩

{هو الذي خلقكم من نفس واحدة} هى نفس آدم عليه السلام

{وجعل منها زوجها} حواء خلقها من جسد آدم من ضلع من أضلاعه

{ليسكن إليها} ليطمئن ويميل لأن الجنس اميل خصوصا ااذ كان بعضامنه كما يسكنم الإنسان إلى ولده ويبحه محبة نفسه لكونه بضعة منه وذكر ليسكم بعدما أنث فى قوله واحدة وخلق منها زوجها ذهابا إلى معنى النفس ليبين أن المراد بها آدم

{فلما تغشاها} جامعها

{حملت حملا خفيفا} خف غعليها ولم تلق منه ما يلقى بعض الحبالى من حملهن من الكرب والأذى ولم تستثقله كما يستثقلنه

{فمرت به} فمضت به إلى وقت ميلاده من غير اخداج ولا إزلاق أو حملت حملا خفيفا يعنى الننطفة فمرت به فقامت وبه وقعدت

{فلما أثقلت} حان وقت ثقل حملها

{دعوا اللّه ربهما} دعا آدم وحواء ربهما ومالك امرهما الذى هو الحقيق بأن يدعى ويلتجأ إليه فقالا

{لئن آتيتنا صالحا} للئن وهبت لنا ولدا سويا قد صلح بدنه أو ولدا ذكرا لأن الذكروة من الصلاح

{لنكونن من الشاكرين} لك والضمير فى آتيتنا ولنكونن لهما ولكل من يتناسل من ذريتهما

١٩٠

{فلما آتاهما صالحا} أعطاهما ما طلبناه من الولد الصالح السوى

{جعلا له شركاء} أى جعل اولادهما له شركاء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وكذلك

{فيما آتاهما} أى آتى أولادهما دليله

{فتعالى اللّه عما يشركون} حيث جمع الضمير و آدم وحواء بريئان من الشرك ومعن اشراكهم فيما آتاهم اللّه تسميتهم اولادهم بعبد العزة وعبد مناف وعبد شمس ونحو ذلك مكان عبد اللّه وعبد الرحمن وعبد الرحيم أو يكون الخطاب لقريش الذين كانوا فى عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهم آل قصى أى هو الذى خلقكم من نفس واحدة قصى ودعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن اليها فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوى جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهماولأعقابهما الذين اقتدوا بهما فى الشرك شركا مدنى و أبو بكر أى وذوى شرك وهم الشركاء

١٩١

{أيشركون ما لا يخلق} يعنى الأصنام رر

{وهم يخلقون} أجريت الأصنام مجرى اولى العلم بيناء على اعتاقدهم فيها وتسميتهم اياها آلهة والمعنى ايشركون مالا يقدر على خلق شيء وهم يخلقون لأن اللّه خالقهم أو الضمير فى وهم يخلقون للعابدين أى أيشركون مالا يخلق شيئا وهم مخلوقا اللّه فليعبدوا خالقهم أو للعابدين والمعبودين وجمعهم كاولى العمل تغليبا للعابدين

١٩٢

{ولا يستطيعون لهم} لعبدتهم

{نصرا ولا أنفسهم ينصرون} فيدفعون عنهم

١٩٣

{وإن تدعوهم} وان تدعوا هذه الأصنام

{إلى الهدى} إلى ما هو هدى ورشاد أو إلى أن يهدوكم أى وان تطبوا منخم كما تطلبون من اللّه الخير والهدى

{لا يتبعوكم} اىل مرادكم وطلبتمكم ولا يجيبوكم كما يجيبكم اللّه لا يتبعوكم نافع

{سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} عن دعائهم فى أنه لا فلاح معهم ولا يجيبونكم والعهدول عن الجملة الفعلية إلى الاسمية لرءوس الآى

١٩٤

{إن الذين تدعون من دون اللّه} أى تعبدونهم وتسمونهم آلهة

{عباد أمثالكم} أى مخلقون مملوكون امثالكم

{فادعوهم} لجلب نفع أو دفع ضر

{فليستجيبوا لكم} فليجيبوا

{إن كنتم صادقين} فى أنهم آلهة ثم أبطل أن يكونوا عبادا أمثالهم فقال

١٩٥

{ألهم أرجل يمشون بها} مشيكم

{أم لهم أيد يبطشون بها} يتناولون بها

{أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها} أى فلم تعبدون ماهو دونكم

{قل ادعوا شركاءكم} واستعينوا بهم فى عداوتى

{ثم كيدون} جميعا انتم وشركاؤكم بالياء يعقوب وافقه أبو عمرو فى الوصل

{فلا تنظرون} فانى لا أبالى بكم وكانوا قد خوفوه ىلهتم فأمر أن يخاطبهم بذلك والبياء يعقوب

١٩٦

{إن وليي} ناصرى عليكم

{اللّه الذي نزل الكتاب} أوحى إلى واعزتى برسلاته

{وهو يتولى الصالحين} ومن سنته أن ينصر الصالحين من عباده ولا يخذلهم

١٩٧

{والذين تدعون من دونه} من دون اللّه

{دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون}

١٩٨

{وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك} يشبهون الناظرين اليك لأنهم صورا أصنامهم بصورة من قلب حدقبه إلى الشئ ينظر إليه

{وهم لا يبصرون} المرئي

١٩٩

{خذ العفو} هو ضد الجهد أى ما عفا لكم من اخلاق الناس وأفعلاهم ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم حتى لاي ينفروا كقوله عليه السلام يسروا ولا تعسروا

{وأمر بالعرف} بالمعروف والجميل من الأفعال أو هو كل خصلة يرتضيها العقل ويقبلها الشرع

{وأعرض عن الجاهلين} ولا تكافئ السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عليهم وفسرها جبريل عليه السلام بقوله صل من قطعك واعط ن حرمك واعف عمن ظلمك وعن الصاقد أمر اللّه نبيه عليه السلام بمكارم الأخلاق وليس فى القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها

٢٠٠

{وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} و إما ينخسنك منه نخس أى بأن يحملك بوسوسته فلى خلافما أمرت به

{فاستعذ باللّه} ولا تطعه والنزغ النخس كأنه ينخس حين يغريهم على المعاصى وجعل النزغ نازغا كما قيل جدجده أو أريد بنزغ الشيطان اعتراء الغضب كقوله أبى بكر رضى اللّه عنه أن لى شيطانا يعترينى

{إنه سميع} لنزعه

{عليم} بدفعه

٢٠١

{إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان} طيف مكى وبصرى وعلى أى لمة مصدر من قولهم طاف به الخيال يطيف طيفا وعن أبى عمرو هما واحد وهى الوسوسة وهذا تأكيد لما تقدم من وجوب الاستعاذة باللّه عند نزغ الشيطان و إن عادة المتقين إذا أصابهم ادنى نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته

{تذكروا} ما أمر اللّه به ونهى عنه

{فإذا هم مبصرون} فابصورا السدسد ودفعوا وسوسته وحقيقته أن يفروا منه إلى اللّه فيزدادوا بصيرة من اللّه باللّه

٢٠٢

{وإخوانهم} وأما إخوان الشياطين الإنس فإن الشياطين

{يمدونهم في الغي} أى يكونون مددا لهم فهي ويعضدونهم يمدونهم من الامداد مدنى

{ثم لا يقصرون} ثم لا يسمكون عن اغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا وجازان يراد الغخوان الشياطين ويرجع الضمير المتعلق به إلى الجاهلين والاول أوجه لأن غخوانهم فى مقابلة الذين اتقوا و إنما جمع الضمير فى إخوانهم والشيطان مفرد لأن المراد به الجنس

٢٠٣

{وإذا لم تأتهم بآية} مقتحرة

{قالوا لولا اجتبيتها} هلا اجتمعتها أى اختلقتها ما قبلها

{قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي} ولست بمقترح لها

{هذا بصائر من ربكم} هذا القرآن دلائل تبصركم وجوه الحق

{وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} به

٢٠٤

{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} ظاهره ووبجوب الاستماع والانصات وقت قراءة القرآن فى الصلاة وغيرها وقيل معناه إذا تلاعليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له وجمهور الصحابة رضى اللّه عنهم على أنه فى استماع المؤتم وقيل فى استماع الخطبة وقيل فيهما وهو الاصح

٢٠٥

{واذكر ربك في نفسك} رر هو عام فى الاذكر من قراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل وغير ذلك

{تضرعا وخيفة} متضرعا وخائفا

{ودون الجهر من القول} متكلما كلاما دون الجهر لأن الاخافء ادخل فى الاخلاص واقرب إلى حسن التفكير

{بالغدو والآصال} لفضل هذين الوقتين وقيل المراد دامة الذكر باستقامة الفكر ومعنى بالغدو بأوقات الغدو وهى الغدوات والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل وهو العشى

{ولا تكن من الغافلين} من الذين يغفلون عن ذكر اللّه ويلهون عنه

٢٠٦

{إن الذين عند ربك} مكانة ومنزلة لا مكانا ونزلا يعنى الملائكة

{لا يستكبرون عن عبادته} تعظمون عنها

{ويسبحونه} وينزهونه عما لا يليق به

{وله يسجدون} ويختصونه بالعبادة لا يشركون به غيره واللّه أعلم

﴿ ٠