٣٠

{ذلك ومن يعظم حرمات اللّه فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام} معية الطرب وجذبته جواذب الطلب جعل يقطع مناكب الأرض مراحل ويتخذ مسالك المهالك منازل فاذا عاين البيت لم يزده التسلى به الا اشتياقا ولم يفده التشفى باستلام الحجر الا احتراقا فيرده الاسف لهفان ويردده اللّهف حوله فى الدوران وطواف الزيارة آخره فرائض الحج الثلاث وأولها الاحرام وهو عقد الالتزام يشبه الاعتصام بعروة الاسلام حتى لا يرتفض بارتكاب ما هو محظور فيه ويبقى عقده مع ما يفسده وينافيه كما أن عقد الإسلام لا ينحل بازدحام الآثار وترتفع ألف حوبة بتوبة وثانيا الوقوف بعرفات بسمة الابتهال وصدق الاعتزال عن دفع الاتكال على مراتب الأعمال وشواهد الأحوال

{ذلك} خبر مبتدأ محذوف أى الأمر ذلك أو تقديره ليفعلوا ذلك

{ومن يعظم حرمات اللّه} الحرمة ما لا يحل هنكه وجميع ما كلفه اللّه عز وجل بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرهما فيحتمل أن يكون عاما فى جميع تكاليفه ويحتمل أن يكون خاصا بما يتعلق بالحج وقيل حرمات اللّه البيت الحرام والمشعر الحرام والشهر الحرام والبلد الحرام والمسجد الحرام

{فهو} أى التعظيم

{خير له عند ربه} ومعنى التعظيم العلم بأنها واجبة المراعاة والحفظ والقيام بمراعاتها

{وأحلت لكم الأنعام} أى كلها

{إلا ما يتلى عليكم} آية تحريمه وذلك قوله حرمت عليكم الميتة الآية والمعنى أن اللّه تعالى أحل لكم الأنعام كلها الا ما بين فى كتابه فحافظوا على حدوده ولا تحرموا شيئا مما أحل كتحريم البعض البحيرة ونحوها ولا تحلوا مما حرم كاحلات لهم أكل الموقوذة والميتة وغيرهما ولما حث على تعظيم حرماته أتبعه الامر باجتناب الاوثان وقول الزور بقوله

{فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} لأن ذلك من أعظم الحرمات واسبقها خطوا ومن الاوثان بيان للرجس مبهم يتناول غير شئ كانه قيل فاجتنبوا الرجس الذى هو الاوثان وسمى الأوثان رجسا على طريقة التشبيه يعنى أنكم تنفرون بطباعكم عن الرجس فعليكم أن تنفروا عنها وجمع بين الشرك وقول الزور أى الكذب والبهتان أو شهادة الزور وهو من الزور وهو الانحراف لأن الشرك من باب الزور إذ المشرك زاعم ان الوثن يحق له العبادة

﴿ ٣٠