٢٤

{فسقى لهما} فسقى غنمهما لأجلهما رغبة في المعروف وإغاثة للملهوف روى أنه نحى القوم عن رأس البئر وسألهم دلوا فأعطوه دلوهم وقالوا استق بها وكانت لا ينزعها إلا أربعون فاستقى بها وصبها في الحوض ودعا بالبركة وترك المفعول في يسقون وتذودان ولا نسقي وفسقي لأن الغرض هو الفعل لا المفعول ألا ترى أنه رحمهما لأنهما كانتا على الذياد وهم على السقي ولم يرحمهما لأن مذودهما غنم ومسقيهم ابل مثلا وكذا في لا نسقي فسقى بالمقصود هو السقي لا المسقى ووجه مطايقة جوابهما سؤاله انه سألهما عن سبب الذود فقالتا السبب في ذلك أنا إمرأتان مستورتان ضعيفتان لا نقدر على مزاحمة الرجال ونستحي من الإختلاط بهم فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يفرغوا وإنما رضي شعيب عليه السلام لابنتيه بسقي الماشية لأن هذا الأمر في نفسه ليس بمحظور والدين لا يأباه وأما المروءة فعادات الناس في ذلك متباينة وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم ومذهب أهل البدو فيه غير مذهب اهل الحضر خصوصا إذا كانت الحالة حالة ضرورة

{ثم تولى إلى الظل} أي ظل سمرة وفيه دليل جواز الاستراحة في الدنيا بخلاف ما يقوله بعض المتقشفة ولما طال البلاء عليه انس بالشكوى إذ لا نقص في الشكوى إلى المولى

{فقال رب إني لما} لأي شيء

{أنزلت إلي من خير} قليل أو كثير غث أو سمين

{فقير} محتاج وعدى فقير باللام لأنه ضمن معنى سائل وطالب قيل كان لم يذق طعاما سبعة أيام قد لصق بظهره بطنه ويحتمل ان يريد اني فقير من الدنيا لأجل ما أنزلت إلى من خير الدين وهو النجاة من الظالمين لأنه كان عند فرعون في ملك وثروة قال ذلك رضا بالبدل السني وفرحا به وشكرا له وقال ابن عطاء نظر من العبودية إلى الربوبية وتكلم بلسان الافتقار لما ورد على سره من الأنوار

﴿ ٢٤