تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل

أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م)

_________________________________

سورة فصلت

سورة فصلت مكية وهى ثلاث وخمسون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

{حم} ان جعلته اسما للسورة كان مبتدا

٢

{تنزيل} خبره وان جعلته تعديدا للحروف كان تنزيل خبرا لمبتدا محذوف وكتاب بدل من تنزيل أو خبر بعد خبر أو خبر مبتدا محذوف أو تنزيل مبتدا

{من الرحمن الرحيم} صفته

٣

{كتاب} خبره

{فصلت آياته} ميزت وجعلت تفاصيل في معان مختلفة من احكام وأمثال ومواعظ وعد ووعيد وغير ذلك

{قرآنا عربيا} نصب على الاختصاص والمدح اى اريد بهذا الكتاب المفصل قرانا من صفته كيت وكيت أو على الحال اى فصلت آياته في حال كونه قرآنا عربيا

{لقوم يعلمون} اى لقوم عرب يعلمون ما نزل عليهم من الآيات المفصلة المبينة بلسانهم العربى ولقوم يتعلق بتنزيل أو بفصلت اى تنزيل من اللّه لأجلهم أو فصلت آياته لهم والاظهر أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده أي قرآنا عربيا كائنا لقوم عرب

٤

{بشيرا ونذيرا} صفتان لقرانا

{فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون} اى لا يقبلون من قولك تشفعت الى فلان فلم يسمع قولى ولقد سمعه ولكنه لما لم يقبله ولم يعمل بمقتضاه فكانه لم يسمعه

٥

{وقالوا قلوبنا في أكنة} اغطية جمع كيان وهو الغطاء

{مما تدعونا إليه} من التوحيد

{وفي آذاننا وقر} ثقل يمنع من استماع قولك

{ومن بيننا وبينك حجاب} ستر وهذه تمثيلات ليو قلوبهم عن تقبل الحق واعتقاده كأنها في غلف واغطية تمنع من نفوذه فيها ومج اسماعهم له كان بها صمما عنه ولتباعد المذهبين والدينين كان بينهم وماهم عليه وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما هو عليه حجابا ساترا وحاجزا منيعا من جبل أو نحوه فلا تلاقى ولا ترائى

{فاعمل} على دينك

{إننا عاملون} على ديننا أو فاعمل في ابطال امرنا إننا عاملون في ابطال امرك وفائدة زيادة من ان الحجاب ابتدأ منا وابتدا منك فالمسألة المتوسطة لجهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها ولو قيل بيننا وبينك حجاب لكان المعنى ان حجابا حاصل وسط الجهتين

٦

{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} هذا جواب لقولهم قلوبنا في اكنة ووجهه انه قال لهم انى لست بملك وانما انا بشر مثلكم وقد اوحى الى دونكم فصحت نبوتى بالوحى الى وانا بشر واذا صحت نبوتي وجب عليكم اتباعي وفيما يوحى الى ان الهكم اله واحد

{فاستقيموا إليه} فاستووا اليه بالتوحيد واخلاص العبادة غير ذاهبين يمينا ولا شمالا ولا ملتفتين الى ما يسول لكم الشيطان من اتخاذ الاولياء والشفعاء

{واستغفروه} من الشرك

{وويل للمشركين

٧

الذين لا يؤتون الزكاة} لا يؤمنون بوجوب الزكاة ولا يعطونها اولا يفعلون ما يكونون به ازكياء وهو الايمان

{وهم بالآخرة} بالبعث والثواب والعقاب

{هم كافرون} وإنما جعل منع الزكاة مقرونا بالكفر بالاخرة لان احب شىء الى الانسان ماله وهو شقيق روحه فاذا بذله فى سبيل اللّه فذلك اقوى دليل على استقامته وصدق نيته ونصوع طويته وماخدع المؤلفة قلوبهم الا بظلمة من الدنيا فقرت عصبيتهم ولانت شكيمتهم وما ارتدت بنو حنيفة الا بمنع الزكاة وفيه بعث للمؤمنين على اداء الزكاة وتخويف شديد من منعها

٨

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون} مقطوع قيل نزلت في المرضى والزمنى والهرمى اذا عجزوا عن الطاعة كتب لهم الاجر كأصح ما كانوا يعملون

٩

{قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} الاحد والاثنين تعليما للاناة ولو أراد ان يخلقها في لحظة لفعل

{وتجعلون له أندادا} شركاء واشتباها

{ذلك} الذي خلق ما سبق

{رب العالمين} خالق جميع الموجودات وسيدها ومربيها

١٠

{وجعل فيها} في الارض

{رواسي} جبالا ثوابت

{من فوقها} انما اختار ارساءها فوق الارض لتكون منافع الجبال ظاهرة لطالبيها وليبصر ان الارض والجبال اثقال على اثقال كلها مفتقرة الى ممسك وهو اللّه عز وجل

{وبارك} بالماء والزرع والشجر ولاثمر

{فيها} في الارض وقيل بارك فيها واكثر خيرها

{وقدر فيها أقواتها} ارزاق اهلها ومعايشهم وما يصلحهم وقرأ ابن مسعود رضى اللّه عنه وقسم فيها اقوالتها

{في أربعة أيام} في تتمة اربعة ايام يريد بالتتمة اليومين تقول سرت من البصرة الى بغداد في عشرة والى الكوفة في خمسة عشر اى تتمه خمسة ولا بد من هذاالتقدير لانه لو اجرى على الظاهر لكانت ثمانية ايام لانه قال خلق الارض في يومين ثم قال واقدر فيها اقواتها في اربعة ايام ثم قال فقضاهن سبع سموات في يومين فيكون خلاف قوله في ستة ايام في موضع اخر وفي الحديث:

ان اللّه تعالى خلق الارض يوم الاحد والاثنين وخلق لاجبال يوم الثلاثاء وخلق يوم الاربعاء الشجر والماء والعمران والخراب فتلك اربعة ايام وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة وخلق ادم عليه السلام في اخر ساعة من يوم الجمعة

قيل هى الساعة التي تقوم فيها القيامة

{سواء} يعقوب صفة للايام اى في اربعة ايام مستويات تامات سواء بالرفع يزيد اى هى سواء غيرهما سواء على المصدر اى استوت سواء اي استواء أو على الحال

{للسائلين} متعلق بقدر اى قدر فيها الافوات لاجل الطالبين لها والمحتاجين اليها لان كلا يطلب القوت ويساله أو بمحذوف كانه قيل هذا الحصر لاجل من سال في كم خلقت الارض وما فيها

١١

{ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} هو مجاز عن ايجاد اللّه تعالى السماء على ما اراد تقول العرب فعل فلان كذا ثم استوى الى عمل كذا يريدون انه اكمل الاول وابتدا الثاني ويفهم منه ان خلق السماء كان بعد خلق الارض وبه قال ابن عباس رضى اللّه عنهما وعنه انه قال اول ما خلق اللّه تعالى جوهرة طولها وعرضها مسيرة الف سنة في مسيرة عشرة الاف سنة فنظر اليها بالهيبة فذابت واضطربت ثم ثار منها دخان بتسليط النار عليها فارتفع واجتمع زبد فقام فوق الماء فجعل الزبد ارضا والدخان سماء ومعنى امر السماء والارض بالاتيان وامتثالهما اليه اراد ان يكونهما فلم يمتنعا عليه ووجدنا كما ارادهما وكانتا في ذلك كالمأمور المطيع اذا ورد عليه فعل الامر المطاع وانما ذكر الارض مع السماء في الامر بالاتيان والارض مخلوقة قبل السماء بيومين لانه قد خلق جرم الارض اولا غير مدحوة ثم دحاها بعد خلق السماء كما قال والارض بعد ذلك دحاها فالمعنى ان ائتيا على ما ينبغى عليه ان تأتيا من الشكل والوصف ائتى يا ارض مدحو قرار ا ومهادا لاهلك وائتى يا سماء مقبية سقفا لهم ومعنى الاتيان الحصول والوقوع كما تقول اتى عمله مرضيا وقوله طوعا أو كرها لبيان تأثير قدرته فيهما وان امتناعهما من تاثير قدرته محال كما تقول لمن تحت يدك لتفعلن هذا شئت أو ابيت ولتفعلنه طوعا أو كرها ونتصابها على الحال بمعنى طائعتين أو مكرهتين وانما لم يقل طائعتين علىاللفظ أو طائعات على المعنى لانهما سموات وارضون لانهن لما جعلن مخاطبات ومجيبات ووصفن بالطوع والكره قيل طائعين في موضع طائعات كقوله ساجدين

١٢

{فقضاهن} فاحكم خلقهن قال وعليهما مسوردتان قضاهما والضمير يرجع الى السماء لان السماء للجنس ويجوز ان يكون ضميرا مبهما مفسرا بقوله

{سبع سماوات} والفرق بين النصيين في سبع سموات ان لاول على الحال والثاني على التمييز

{في يومين} في يوم الخميس والجمعة

{وأوحى في كل سماء أمرها} ما امر به فيها ودبره من خلق الملائكة والنيران وغير ذلك

{وزينا السماء الدنيا} القريبة من الارض

{بمصابيح} بكواكب

{وحفظا} وحفظناها من المسترقة بالكواكب حفظا

{ذلك تقدير العزيز} الغالب غير المغلوب

{العليم} بمواقع الامور

١٣

{فإن أعرضوا} عن الايمان بعد هذا البيان

{فقل أنذرتكم} خوفتكم

{صاعقة} عذابا شديد الوقع كانه صاعقة واصلها رعد معه نار

{مثل صاعقة عاد وثمود

١٤

إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم} اى اتوهم من كل جانب وعملوا فيهم كل حيلة فلم يروا منهم الا الاعراض وعن الحسن انذروهم من وقائع اللّه فيمن قبلهم من الامم وعذاب الاخرة

{إن} بمعنى اى أو مخففة من الثقيلة اصله بانه

{ألا تعبدوا إلا اللّه قالوا} اى القوم

{لو شاء ربنا} إرسال الرسل فمفعول شاء محذوف

{لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون} عناه فاذاانتم بشر ولستم بملائكة فانا لا نؤمن بكم وبما جئتم به وقوله ارسلتم به ليس باقرار بالارسال وانماهو على كلام الرسل وفيه تهكم كما قال فرعون ان رسولكم الذى ارسل اليكم لمجنون وقولهم فانا بما ارسلتم به كافرون خطاب منهم لهود وصالح ولسائر الانبياء الذين دعوا الى الايمان بهم روى ان قريشا بعثوا عقبة بن ربيعة وكان احسنهم حديثا ليكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وينظر ما يريد فاتاه وهو في الحطيم فلم يسال شيئا الا اجابه ثم قرأ عليه السلام السورة الى قوله مثل صاعقة عاد وثمود فاشده بالرحم وارسلك على فيه ووثب مخافة ان يصب عليهم العذاب فاخبرهم به وقال لقد عرفت السحر والشعر فواللّه ما هو بساحر ولا بشاعر فقالوا لقد صبأت اما فهمت منه كلمة فقال لا ولم اهتد الى جوابه فقال عثمان بن مظعون ذلك واللّه لتعلموا انه من رب العالمين ثم بين ما ذكر من صاعقة عاد وثمود فقال

١٥

{فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق} اى تعظموا فيها على اهلها بما لا يستحقون به التعظيم وهو القوة وعظم الاجرام أو استولوا على الارض بغير استحقاق للولاية

{وقالوا من أشد منا قوة} كانوا ذوى اجسام طوال وخلق عظيم وبلغ من قوتهم ان الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل بيده

{أولم يروا} أو لم يعلموا علما يقوم مقام العيان

{أن اللّه الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} اوسع منهم قدرة لانه قادر على كل شىء وهم قادرون على بعض الاشياء باقداره

{وكانوا بآياتنا يجحدون} معطوف على فاستكبروا اى كانوا يعرفون انها حق ولكنهم جحدوها كما يجحد المودع الوديعة

١٦

{فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا} عاصفة تصرصر اى تصوت في هبوبها من الصرير أو باردة تحرق بشدة بردها تكرير لبناء الصر وهو البردقيل انها الدبور

{في أيام نحسات} مشئومات عليهم نحسات مكى وبصرى ونافع ونحس نحسا نقيض سعد سعدا وهو نحس واما نحس فاما مخفف نحس أو صفة على فعل أو وصف بمصدر وكانت من الاربعاء في اخر شوال الى الاربعاء وما عذب قوم الا في الاربعاء

{لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا} اضاف العذاب الى الخزى وهو الذل على انه وصف العذاب كانه قال عذاب خزى كما تقول فعل السوء تريد الفعل السىء ويدل عليه قوله

{ولعذاب الآخرة أخزى} وهو من الاسناد المجازى ووصف العذاب بالخزى ابلغ من وصفهم به فشتان ما بين قوليك هو شاعر وله شعر شاعر

{وهم لا ينصرون} من الاصنام التي عبدوها على رجاء النصر لهم

١٧

{وأما ثمود} بالرفع على الابتداءوهو الفصيح لوقوعه بعد حرف الابتداء والخبر

{فهديناهم} وبالنصب المفضل باضمار فعل يفسره فهديناهم اى بينا لهم الرشد

{فاستحبوا العمى على الهدى} فاختاروا الكفر على الايمان

{فأخذتهم صاعقة العذاب} داهية العذاب

{الهون} الهوان وصف به العذاب مبالغة اوابدله منه

{بما كانوا يكسبون} بكسبهم وهو شركهم ومعاصيهم وقال الشيخ ابو منصور يحتمل ما ذكر من الهداية التبيين كما بينا ويحتمل خلق الاهتداء فيهم فصاروا مهتدين ثم كفروا بعد ذلك وعقروا الناقة لان الهدى المضاف الى الخلق يكون بمعنى البيان والتوفيق وخلق فعل لاهتداء فاما الهدى المضاف الى الخلق يكون بمعنى البيان لا غير وقال صاحب الكشاف فيه فان قلت اليس معنى قولك هديته جعلت فيه الهدى والدليل عليه قولك هديته فاهتدى بمعنى تحصيل البغية وحصولها كما تقول ردعته فارتدع فكيف ساغ استعماله في الدلالة المجردة قلت الدلالة على انه مكنهم فازاح عللّهم ولم يبق لهم عذر فكانه حصل البغية فيهم بتحصيل ما يوجبها ويقتضيها وانما فعل بهذا لانه لا يتمكن من ان يفسره بخلق الاهتداء لانه يخالف مذهبه الفاسد

١٨

{ونجينا الذين آمنوا} اى اختاروا الهدى على العمى من تلك الصاعقة

{وكانوا يتقون} اختيار العمى على الهدى

١٩

{ويوم يحشر أعداء اللّه إلى النار} اى الكفار من الأولين والاخرين نحشر اعداء نافع ويعقوب

{فهم يوزعون} بحبس اولهم على اخرهم اى يستوقف سوابقهم حتى يلحق بهم تواليهم وهى عبارة عن كثرة اهل النار واصله من وزعته اى كففته

٢٠

{حتى إذا ما جاؤوها} صاروا بحضرتها وما مزبدة للتأكيد ومعنى التاكيد ان وقت مجيئهم النار لا محالة ان يكون وقت الشهادة عليهم ولا وجه لان يخلو منها

{شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون} شهادة الجلود بملامسة الحرام وقيل هى كناية عن الفروج

٢١

{وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا} لما تعاظمهم من شهادتها عليهم

{قالوا أنطقنا اللّه الذي أنطق كل شيء} من الحيوان والمعنى ان نطقنا ليس بعجب من قدرة اللّه الذى قدر على انطاق كل حيوان

{وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون} وهو قادر على انشائكم اول مرة وعلى اعادتكم ورجوعكم الى جزائه

٢٢

{وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم} اى أنكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش وما كان استناركم ذلك خيفة ان يشهد عليكم جوارحكم لانكم كنتم غير عالمين بشهادتها عليكم بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء اصلا

{ولكن ظننتم أن اللّه لا يعلم كثيرا مما تعملون} ولكنكم انما استترتم لظنكم ان اللّه لا يعلم كثيرا مما كنتم تعملون وهو الخفيات من اعمالكم

٢٣

{وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم} وذلك الظن هو الذى اهلككم وذلكم مبتدأ وظنكم والذى ظننتم بربكم صفته وارداكم خبر ثان أو ظنكم بدل من ذلكم وارداكم الخبر

{فأصبحتم من الخاسرين

٢٤

فإن يصبروا فالنار مثوى لهم} اى فان يصبروا لم ينفعهم الصبر ولم ينفكوا به من الثواء في النار

{لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} وان يطلبوا الرضا فما هم من المرضيين أو ان يسالوا العتبى وهى الرجوع لهم الى ما يحبون جزعا مما هم فيه لم يعتبوا لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها

٢٥

{وقيضنا لهم} اى قدرنا لمشركى مكة يقال هذان ثوبان قيضان اى مثلان والمقايضة المعاوضة وقيل سلطنا عليهم

{قرناء} اخذانا من الشياطين جمع قرين كقوله ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين

{فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم} اى ما تقدم من اعمالهم وما هم عازمون عليها أو ما بين ايديهم من امر الدنيا واتباع الشهوات وما خلفهم من امر العاقبة وان لا بعث ولا حساب

{وحق عليهم القول} كلمة العذاب

{في أمم} في جملة ام ومحله النصب على الحال من الضمير في عليهم اى حق عليهم القول كائنين في جملة امم

{قد خلت من قبلهم} قبل اهل مكة

{من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين} هو تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير لهم وللامم

٢٦

{وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن} اذا قرىء

{والغوا فيه لعلكم تغلبون} وعارضوه بكلام غير مفهوم حتى تشوشوا عليه وتغلبوا على قراءته واللغو الساقط من الكلام الذى لا طائل تحته

٢٧

{فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا} يجوز ان يريد بالذين كفروا هؤلاء اللاغين والامرين لهم باللغو خاصة ولكن يذكر الذين كفروا عامة لينطووا تحت ذكرهم

{ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون} اى اعظم عقوبة على اسوأ اعمالهم وهو الكفر

٢٨

{ذلك جزاء أعداء اللّه} ذلك اشارة الى الاسوأ ويجب ان يكون التقدير اسوأ جزاء الذى كانوا يعملون حتى تستقيم هذه الاشارة

{النار} عطف بيان للجزاء أو خبر مبتدأ محذوف

{لهم فيها دار الخلد} اى النار في نفسها دار الخلد كما تقول لك في هذه الدار دار السرور وانت تعنى الدار بعينها

{جزاء} اى جوزوا بذلك جزاء

{بما كانوا بآياتنا يجحدون

٢٩

وقال الذين كفروا ربنا أرنا} وبسكون الراء لثقلى الكسرة كما قالوا في فخذ فخذ مكى وشامى وأبو بكر وبالاختلاس أبو عمرو

{الذين أضلانا} اى الشيطانين الذين اضلانا

{من الجن والإنس} لان الشيطان على ضربين جنى وانسى قال اللّه تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن}

نجعلهما تحت اقدامنا ليكونا من الاسفلين في النار جزاء اضلالهم ايانا

٣٠

{إن الذين قالوا ربنا اللّه} اى نطقوا بالتوحيد

{ثم استقاموا} ثم ثبتوا على الاقرار ومقتضياته وعن الصديق رضى اللّه عنه استقاموا فعلا كما استقاموا قولا وعنه انه تلاها ثم قال ما تقولون فيها قالوا لم يذنبوا قال حملتم الامر على اشده قالوا فما تقول قال لم يرجعوا الى عبادة الاوثان وعن عمر رضى اللّه عنه لم يروغوا روغان الثعالب اى لم ينافقوا وعن عثمان رضى اللّه عنه اخلصوا العمل وعن علي رضى اللّه عنه ادوا الفرائض وعن الفضيل زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية وقيل حقيقة الاستقامة القرار بعد الاقرار لا الفرار بعد الاقرار

{تتنزل عليهم الملائكة} عند الموت ان بمعنى اى أو مخففة من الثقيلة واصله بانه

{ألا تخافوا} والهاء ضمير الشأن أى لا تخافوا ما تقدمون عليه

{ولا تحزنوا} على ما خلفتم فالخوف غم يلحق الانسان لتوقع المكروه والحزن غم يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضار والمعنى ان اللّه كتب لكم الامن من كل غم فلن تذوقوه

{وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} في الدنيا وقال محمد بن علي الترمذى تتنزل عليهم ملائكة الرحمن عند مفارقة الارواح الابدان ان لا تخافوا سلب الايمان ولا تحزنوا على ما كان من العصيان وابشروا بدخول الجنان التي كنتم توعدون في سالف الزمان

٣١

{نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة} كما ان الشياطين قرناء العصاة واخوانهم فكذلك الملائكة اولياء المتقين واحباؤهم في الدراين

{ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم} من النعيم

{ولكم فيها ما تدعون} تتمنون

٣٢

{نزلا} هو رزق النزيل وهو الضيف وانتصابه على الحال من الهاء المحذوفة اومن ما

{من غفور رحيم} نعت له

٣٣

{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى اللّه} الى عبادته هو رسول اللّه دعا الى التوحيد

{وعمل صالحا} خالصا

{وقال إنني من المسلمين} تفاخرا بالاسلام أو معتقدا له أو اصحابه عليه السلام أو المؤذنون أو جميع الهداة والدعاة الى اللّه

٣٤

{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن} يعنى ان الحسنة والسيئة متفاوتتان في انفسهما فخذ بالحسنة التي هى احسن من اختها اذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض اعدائك كما لو اساء اليك رجل اساءة فالحسنةان تعفو عنه والتي هى احسن ان تحسن اليه مكان اساءته اليك مثل ان يذمك فتمدحه أو يقتل ولدك فتفتدى وله من يدعوه

{فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فانك اذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولى الحميم مصافاة لك ثم قال

٣٥

{وما يلقاها} اى وما يلقى هذه الخصلة التى هي مقابلة الاساءة بالاحسان

{إلا الذين صبروا} الا اهل الصبر

{وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} الا رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير وانما لم يقل فادفع بالتي هي احسن لانه تقدير قائل قال فكيف اصنع فقيل ادفع بالتي هى احسن وقيل لا مزيدة للتاكيد والمعنى لا تستوى الحسنة والسيئة وكان القياس على هذا التفسير ان يقال ادفع بالتي هى حسنة ولكن وضع التى هى احسن موضع الحسنة ليكون ابلغ في الدفع بالحسنة لان من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما بالتي هى احسن الصبرعند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الاساءة وفسر الحظ بالثواب وعن الحسن واللّه ما عظم حظ دون الجنة وقيل نزلت في ابى سفيان بن حرب وكان عدوا مؤذيا للنبى صلى اللّه عليه وسلم فصار وليا مصافيا

٣٦

{وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} النزغ شبه النخس والشيطان ينزغ الانسان كانه ينخسه يبعثه على مالا ينبغى وجعل النزغ نازغا كما قيل جد جده أو اريد واما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر أو لتسويله والمعنى وان صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتى هى احسن

{فاستعذ باللّه} من شره وامض على حلمك ولا تطعه

{إنه هو السميع} لاستعاذتك

{العليم} بنزغ الشيطان

٣٧

{ومن آياته} الدالة على وحدانيته

{الليل والنهار} في تعاقبهما على حد معلوم وتناوبهما على قدر مقسوم

{والشمس والقمر} في اختصاصهما بسير مقدر ونور مقرر

{لا تسجدوا للشمس ولا للقمر} فانهما مخلوقان وان كثرت منافعهما

{واسجدوا للّه الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} الضمير في خلقهن للآيات أو الليل والنهار والشمس والقمر لان حكم جماعة ما لا يعقل حكم الانثى أو الاناث تقول الافلام بريتها وبريتهن ولعل ناسا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمركالصابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون انهم يقصدون بالسجود لهما السجود للّه تعالى فنهوا عن هذه الواسطة وامروا ان يقصدوا بسجودهم وجه اللّه خالصا ان كانوا اياه يعبدون وكانوا موحدين غير مشركين فان من عبد مع اللّه غيره لا يكون عابدا للّه

٣٨

{فإن استكبروا فالذين عند ربك} اى الملائكة

{يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون} لا يملون والمعنى فان استكبروا ولم يمتثلوا ما امروا به وابوا الا الواسطة وامروا ان يقصدوا بسجودهم وجه اللّه خالصا فدعهم وشانهم فان اللّه تعالى لا يعدم عابدا وساجدا بالاخلاص وله العباد المقربون الذين ينزهونه بالليل والنهار عن الانداد وعند ربك عبارة عن الزافى والمكانة والكرامة وموضع السجدة عندنا لا يسئمون وعند الشافعى رحمه اللّه عند تبعدون والاول احوط

٣٩

{ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة} يابسة مغيرة والخسوع التذلل فاستعير لحال الارض اذا كانت قحطة لانبات فيها

{فإذا أنزلنا عليها الماء} المطر

{اهتزت} تحركت بالنبات

{وربت} انتفخت

٤٠

{إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير} فيكون قادرا على البعث ضرورة

{إن الذين يلحدون في آياتنا} يميلون عن الحق في ادلتنا بالعطعن يقال الحد الحافر ولحد اذا مال عن الاستقامة فحفر في شق فاستعير لحال الارض اذا كانت ملحودة فاستعير لانحراف في تاويل ايات القران عن جهة الصحة والاستقامة يلحدون حمزة

{لا يخفون علينا} وعيدلهم على التحريف

{أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة} هذا تمثيل للكافر والمؤمن

{اعملوا ما شئتم} هذا نهاية في التهديد ومبالغة في الوعيد

{إنه بما تعملون بصير} فيجازيكم عليه

٤١

{إن الذين كفروا بالذكر} بالقران لانهم لكفرهم به طعنوا به وحرفوا تاويله

{لما جاءهم} حين جاءهم وخبر ان محذوف اى يعذبون أو هالكون أو اولئك ينادون من مكان بعيد وما بينها اعتراض

{وإنه لكتاب عزيز} اى منيع محمى بحماية اللّه

٤٢

{لا يأتيه الباطل} التبديل أو التناقض

{من بين يديه ولا من خلفه} اى بوجه من الوجوه

{تنزيل من حكيم حميد} مستحق للحمد

٤٣

{ما يقال لك} ما يقول لك كفار قومك

{إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} الا مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب المنزلة

{إن ربك لذو مغفرة} ورحمة لانبيائه

{وذو عقاب أليم} لاعدائهم ويجوز ان يكون ما يقول لك اللّه الا مثل ما قال للرسل من قبلك والمقول هو قوله ان ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم

٤٤

{ولو جعلناه} اى الذكر

{قرآنا أعجميا} اى بلغة العجم كانوا لتعنتهم يقولون هلا نزل القران بلغة العجم فقيل في جوابهم لو كان كما يقترحون

{لقالوا لولا فصلت آياته} اى بينت بلسان العرب حتى نفهمها تعنتا

{أأعجمي وعربي} بهمزتين كوفى غير حفص والهمزة للانكار يعنى لا نكروا وقالوا اقران اعجمى ورسول عربى أو مرسل اليه عربى الباقون بهمزة واحدة ممدودة مستفهمة والاعجمى الذى يفصح ولا يفهم كلامه سواء كان من العجم أو العرب والعجمى منسوب الى امة العجم فصيحا كان أو غير فصيح والمعنى ان ايات اللّه على اى طريقة جاءتهم وجدوا فيها متعنتا لانهم غير طالبين للحق وانما يتبعون اهواءهم وفيه اشارة على انه لو انزله بلسان العجم لكان قرانا فيكون دليلا لابى حنيفة رضى اللّه عنه في جواز الصلاة اذ قرأ بالفارسية

{قل هو} اى القران الذين امنو

{هدى} ارشاد الى الحق

{وشفاء} لما في الصدور من الشك اذ الشك مرض

{والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر} في موضع الجر لكونه معطوفا على الذين امنوا اى هو الذين امنوا هدى وشفاء وهو الذين لا يؤمنون في اذانهم وقر اى صمم الا ان فيه عطفا على عاملين وهو جائز عند الاخفش أو الرفع وتقديره والذين لا يؤمنون هو في اذانهم وقر على حذف المبتدأ أو في اذانهم منه وقر

{وهو} اى القران

{عليهم عمى} ظلم وشبهه

{أولئك ينادون من مكان بعيد} بعنى انهم لعدم قبولهم وانتفاعهم كانهم ينادون إلى الإيمان بالقرآن من حيث لا يسمعون لبعد المسافة وقيل ينادون في القيامة من مكان بعيد باقبح الاسماء

٤٥

{ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه} فقال بعضهم هو حق وقال بعضهم هو باطل كما اختلف قومك في كتابك

{ولولا كلمة سبقت من ربك} بتاخير العذاب

{لقضي بينهم} لاهلكهم اهلاك استئصال وقيل الكلمة السابقة هى العدة بالقيامة وان الخصومات تفصل في ذلك اليوم ولولا ذلك لقضى بينهم افي الدنا

{وأنهم} وان الكفار

{لفي شك منه مريب} موقع في الريبة

٤٦

{من عمل صالحا فلنفسه} فنفسه نفع

{ومن أساء فعليها} فنفسه ضر

{وما ربك بظلام للعبيد} فيعذب غير المسى

٤٧

{إليه يرد علم الساعة} اى علم قيامها يرد اليه اى يجب على المسئول ان يقول اللّه يعلم ذلك

{وما تخرج من ثمرات} مدنى وشامى وحفص وغيرهم بغير الف

{من أكمامها} أو عيتها قبل ان تنشق جمع كم

{وما تحمل من أنثى} حملها

{ولا تضع إلا بعلمه} اى ما يحدث شىء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع الا وهو عالم به يعلم عدد ايام الحمل وساعاته واحواله من الخداج والتمام والذكورة والانوثة والحسن والقبح وغير ذلك

{ويوم يناديهم أين شركائي} اضافهم الى نفسه على زعمهم وبيانه في قوله اين شركائى الذين زعمتم وفيه تهكم وتقريع

{قالوا آذناك} اعلمناك وقيل اخبرناك وهو الاظهر اذ اللّه تعالى كان عالما بذلك واعلام العالم محال اما الاخبار للعالم بالشىء فيتحقق بما علم به الا ان يكون المعنى انك علمت من قلوبناالان انا لا نشهد تلك الشهادة الباطلة لانه اذا علمه من نفوسهم فكانهم اعلموه

{ما منا من شهيد} اى مامنا احد اليوم يشهد بان لك شريكا وما منا الا من هو موحد لك أو ما منا من احد يشاهدهم لانهم ضلوا عنهم وضلت عنهم الهتهم لايبصرونها في ساعة التوبيخ وقيل هو كلام الشركاء اى مامنا من شهيد يشهد بما اضافوا الينا من الشركة

٤٨

{وضل عنهم ما كانوا يدعون} يعبدون

{من قبل} في الدنيا

{وظنوا} وايقنوا

{ما لهم من محيص} مهرب

٤٩

{لا يسأم} لا يمل

{الإنسان} الكافر بدليل قوله وما أظن الساعة قائمة

{من دعاء الخير} من طلب السعة في المال والنعمه والتقدير من دعائه الخير فحذف الفاعل وأضيف الى المفعول

{وإن مسه الشر} الفقر

{فيؤوس} من الخير

{قنوط} من الرحمة بولغ فيه من طريقين من طريق بناء فعول ومن طريق التكرير والقنوط ان يظهر عليه اثر الياس فيتضاءل وينكسر اى يقطع الرجاء من فضل اللّه وروحه وهذا صفة الكافر بدليل قوله تعالى انه لا يياس من روح اللّه الا القوم الكافرون

٥٠

{ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي} واذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق قال هذا لى اى هذا حقى وصل الى لانى استوجبته بما عندى من خير وفضل واعمال بر أو هذا لى لا يزول عنى

{وما أظن الساعة قائمة} اى ما اظنها تكون قائمة

{ولئن رجعت إلى ربي} كما يقول المسلمون

{إن لي عنده} عند اللّه

{للحسنى} اى الجنة أو الحالة الحسنى من الكرامة والنعمة قائسا امر الاخرة على امر الدنيا

{فلننبئن الذين كفروا بما عملوا} فلخبرنهم بحقيقة ما عملوا من الاعمال الموجبة للعذاب

{ولنذيقنهم من عذاب غليظ} شديد لا يفتر عنهم

٥١

{وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض} هذا ضرب آخر من طغيان الانسان اذا اصابه اللّه بنعمة ابطرته النعمة فنسى المنعم واعرض عن شكره

{ونأى بجانبه} وتباعد عن ذكر اللّه ودعائه أو ذهب بنفسه وتكبر وتعظم وتحقيقة ان يوضع جانبه موضع نفسه لان مكان الشىء وجهته ينزل منزلة نفسه ومنه قول الكتاب كتبت الى جهته والى جانبه العزيز يريدون نفسه وذاته فكانه قال وتنأى بنفسه

{وإذا مسه الشر} الضر والفقر

{فذو دعاء عريض} كثير اى اقبل على دوام الدعا واخذ في الابتهال والتضرع وقد استعير العرض لكثرة الدعاء ودوامه وهو من صفة الاجرام كما استعير الغلظ لشدة العذاب ولا منافاة بين قوله فيئوس قنوط وبين قوله فذو دعاء عريض لان الاول في قوم والثاني في قوم أو قنوط في البر ذو دعاء عريض في البحر أو قنوط بالقلب ذو دعاء عريض باللسان أو قنوط من الصنم ذو دعاء للّه تعالى

٥٢

{قل أرأيتم} اخبرونى

{إن كان} القران

{من عند اللّه ثم كفرتم به} ثم جحدتم انه من عند اللّه

{من ضل} منه الا انه وضع قوله

{ممن هو في شقاق بعيد} موضع منكم بيانا لحالهم وصفتهم

٥٣

{سنريهم آياتنا في الآفاق} من فتح البلاد شرقا وغربا

{وفي أنفسهم} فتح مكة

{حتى يتبين لهم أنه الحق} اى القران أو الاسلام

{أولم يكف بربك} موضع بربك الرفع على انه فاعل والمعفول محذوف وقوله

{أنه على كل شيء شهيد} يدل منه تقديره أو لم يكفهم ان ربك على كل شىء شهيد اى أو لم تكفهم شهادة ربك على كل شىء ومعناه ان هذا الموعود من اظهار ايات اللّه في الافاق وفى انفسهم سيرونه ويشاهدونه فيتبينون عند ذلك ان القران تنزيل عالم الغيب الذى هو على كل شىء شهيد

٥٤

{ألا إنهم في مرية} شك

{من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط} عالم يحمل الاشياء وتفاصيلها وظواهرها وبواطنها فلا تخفى عليه خافيه فيجازيهم على كفرهم ومريتهم في لقاء ربهم

﴿ ٠