تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل

أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م)

_________________________________

سورة الذاريات

سورة الذاريات مكية وهى ستون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

{والذاريات} الرياح لانها تذر التراب وغيره وبادغام التاء في الذال حمزه أبو عمرو

{ذروا} مصدر والعامل فيه اسم الفاعل

٢

{فالحاملات} السحاب لانهاتحمل المطر

{وقرا} مفعول الحاملات

٣

{فالجاريات} الفلك

{يسرا} جريا ذا يسرى اى ذا سهولة

٤

{فالمقسمات أمرا} الملائكة لانها تقسم الامور من الامطار والارزاق وغيرهما أو تفعل التقسيم مأمورة بذلك أو تتولى تقسيم امر العباد فجبريل للغلظة وميكائيل للرحمة وملك الموت لقبض الارواح واسرافيل للنفخ ويجوز ان يراد الرياح لا غير لانها تنشىء السحاب وتقله وتصرفه وتجرى في الجو جريا سهلا وتقسم الامطار بتصريف السحاب ومعنى الفاء على الاول انه اقسم بالرياح فبالسحاب التى تسوقه فبالفلك التى تجريها بهبوبها فبالملائكة التى تقسم الارزاق باذن اللّه من الامطار وتجارات البحر ومنافعها أو على الثانى انها تبتدىء في الهبوب فتذر والتراب والحصباء فتقل السحاب فتجرى في الجو باسطة له فتقسم المطر

٥

{إن ما توعدون} جواب القسم وما موصولة أو مصدرية والموعود البعث

{لصادق} وعد صادق كعيشة راضية اى ذات رضا

٦

{وإن الدين} الجزاء على الاعمال

{لواقع} لكائن

٧

{والسماء} هذا قسم آخر

{ذات الحبك} الطرائق الحسنة مثل ما يظهر على الماء من هبوب الريح وكذلك حبك الشعر آثار تثنيه وتكسره جمع حبيكة كطريقة وطرق ويقال ان خلقة السماء كذلك وعن الحسن حبكها نجومها جمع حباك

٨

{إنكم لفي قول مختلف} اى قولهم في الرسول ساحر وشاعر ومجنون وفى القرآن سحر وشعر واساطير الاولين

٩

{يؤفك عنه من أفك} الضمير للقرآن اوالرسول اى يصرف عنه من صرف الصرف الذى لا صرف اشد منه واعظم أو يصرف عنه من صرف في سابق علم اللّه اى علم فيما لم يزل انه مأفوك عن الحق لا يرعوى ويجوز ان يكون لاضمير لما توعدون أو للدين اقسم بالذاريات على ان وقوع امر القيامة حق ثم اقسم بالسماء على انهم في قول مختلف في وقوعه فمنهم شاك ومنهم جاحد ثم قال يؤفك عن الاقرار بامر القيامة من هو المأفوك

١٠

{قتل} لعن واصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن

{الخراصون} الكذابون المقدرون ما يصح وهم اصحاب القول المختلف واللام اشارة اليهم كانه قيل قتل هؤلاء الخراصون

١١

{الذين هم في غمرة} في جهل يغمرهم

{ساهون} غافلون عما امروا به

١٢

{يسألون} فيقولون

{أيان يوم الدين} اى متى يوم الجزاء وتقديره ايان وقوع يوم الدين لانه ابما يقع الاحيان ظروفا للحدثان وانتصب اليوم الواقع في الجواب بفعل مضمر دل عليه السؤال اى يقع

١٣

{يوم هم على النار يفتنون} ويجوز ان يكون مفتوحا لاضافته الى غير متمكن وهو الجملة ومحله نصب بالمضمر الذى هو يقع أو رفع على هو يوم هم على النار يفتنون يحرقون ويعذبون

١٤

{ذوقوا فتنتكم} اى تقول لهم خزنة النار ذوقوا اعذابكم واحراقكم بالنار

{هذا} مبتدأ خبره

{الذي} اى هذا العذاب هو الذى

{كنتم به تستعجلون} في الدنيا بقولكم فائتنا بما تعدنا ثم ذكر حال المؤمنين فقال

١٥

{إن المتقين في جنات وعيون} اى وتكون العيون وهى الانهار الجارية بحيث يرونها وتقع عليها ابصارهم لا انهم فيها

١٦

{آخذين ما آتاهم ربهم} قابلين لكل ما أعطاهم من الثواب راضين به واخذين حال من الضمير في الظرف وهو خبر ان

{إنهم كانوا قبل ذلك} قبل دخول الجنة في الدنيا

{محسنين} قد احسنوا اعمالهم وتفسير احسانهم ما بعده

١٧

{كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} ينامون وما مزيدة للتوكيد ويهجعون خبر كا ن والمعنى كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل ومصدرية والتقدير كانوا قليلا من الليل هجوعهم فيرتفع هجوعهم لكونه بدلا من الواو في كانوا لا بقليلا لانه صار موصوفا بقوله من الليل خرج من شبه الفعل وعمله باعتبار المشابهة اى كان هجوعهم قليلا من ا لليل ولا يجوز ان تكون ما نافية على معنى انهم لا يهجعون من الليل قليلا ويحيونه كله لان ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها لا تقول زيدا ما ضربت

١٨

{وبالأسحار هم يستغفرون} وصفهم بانهم يحيون الليل متهجدين فاذا اسحروا اخفوا في الاستغفار كأنهم اسلفوا في ليلهم الجرائم والسحر السدس الاخير من الليل

١٩

{وفي أموالهم حق للسائل} لمن يسأل لحاجته

{والمحروم} اى الذى يتعرض ولا يسأل حياء

٢٠

{وفي الأرض آيات} تدل على الصانع وقدرتهوحكمته وتدبيره حيث هى مدحوة كالبساط لما فوقها وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها وهى مجزأة فمن سهل ومن جبل وصلبة ورخوة وعداة وسبخة وفيها عيون منفجرة ومعادن مفننة ودواب مبثة مختلفة الصور والاشكال متباينة الهيئات والافعال

{للموقنين} للموحدين الذين سلكوا الطريق السوى البرهانى الموصل الى المعرفة فهم نظارون بعيون باصرة وافهام نافذة كلما رأوا آية عرفوا وجه تأملها فازدادوا ايقانا على ايقانهم

٢١

{وفي أنفسكم} في حال ابتدائها وتنقلها من حال الى حال وفي بواطنها وظواهرها من عجائب الفطر وبدائع الخلق ما نتحير فيه الاذهان وحسبك بالقلوب وما ركز فيها من العقول وبالالسن والنطق ومخارج الحروف وما في تركيبها وترتيبها ولطائفها من الآيات الساطعة والبينات القاطعة على حكمة مدبرها وصانعها دع الاسماع والابصار والاطراف وسائر الجوارح وتانيها لما خلقت له وما سوى في الاعضاء من المفاصل للانعطاف النثني فانه اذا جسا منها شىء جاء العجز واذا استرخى اناخ الذل فتبارك اللّه احسن الخالقين وما قيل ان التقدير افلا تبصرون في انفسكم ضعيف لانه يقضى الى تقديم ما فى حين الاستفهام على حرف الاستفهام

{أفلا تبصرون} تنظرون نظر من تعبر

٢٢

{وفي السماء رزقكم} اى المطر لانه سبب الافوات وعن الحسن انه كان اذا راى السحاب قال لاصحابه فيه واللّه رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم

{وما توعدون} الجنة فهى على ظهر السماء السابعة تحت العرش أو اراد ان ما ترزقونه في الدنيا وما توعدوه فى العقبى كله مقدور مكتوب في السماء

٢٣

{فورب السماء والأرض إنه لحق} الضمير يعود الى الرزق أو الى ما توعدون

{مثل ما أنكم تنطقون} بالرفع كوفى غير حفص صفة للحق اى حق مثل نطقكم وغيرهم بالنصب اى انه لحق مثل نطقكم ويجوز ان يكون فتحا لاضافته الى غير متمكن وما مزيدة وعن الاصمعى انه قال اقبلت من جامع البصرة فطلع اعرابى على قعود فقال من الرجل فقلت من بنى اصمع قال من اين اقبلت قلت من موضع يتلى فيه كالام اللّه قال اتل على فتلوت والذاريات فلما بلغت قوله وفي السماء رزقكم قال حسبك فقام الى ناقته فنحرها ووزعها على من اقبل وادبر وعمد الى سيفه وقوسه فكسرهما وولى فلما حججت مع الرشيد وطفقت اطرف فاذا انا بمن يهتف بى بصوت رقيق فالفت فاذا انا بالاعرابى قد نحل واصفر فسلم على واستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح وقال قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ثم قال وهل غير هذا فقرأت فورب السماء والارض انه لحق فصاح وقال ياسبحان اللّه من ذا الذى اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بقوله حتى حلف قالها ثلاثا وخرجت معها نفسه

٢٤

{هل أتاك} تفخيم للحديث وتنبيه على انه ليس من علم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وانما عرفه بالوحى وانتظامها بما قبلها باعتبار انه قال وفى الارض آيات وقال في آخر هذه القصة وتركنا فيها آية

{حديث ضيف إبراهيم} الضيف للواحد والجماعة كالصوم والزور لانه في

{المكرمين}

٢٥

{إذ دخلوا عليه فقالوا} الاصل مصدر ضافة وكانوا اثنى عشر ملكا وقيل تسعة عاشرهم جبريل وجعلهم ضيفا لانهم كانوا في صورة الضيف حيث اضافهم ابراهيم أو لانهم كانوا في حسبانه كذلك

{المكرمين} عنداللّه لقوله بل عباد مكرمون وقيل لانه خدمهم بنفسه واخدمهم امرأته وعجل لهم القرى

{إذ دخلوا عليه} نصب بالمكرمين اذا فسر باكرام ابراهيم لهم والا فباضمار اذكر

{فقالوا سلاما} مصدر ساد مسد الفعل مستغنى به عنه واصله نسلم عليكم سلاما

{قال سلام} اى عليكم سلام فهو مرفوع على الابتداء وخبر محذوف والعدول الى الرفع للدلالة على اثبات السلام كانه قد ان يحييهم باحسن مما حيوه به احذا بادب اللّه وهذا ايضا من ا كرامه لهم حمزة وعلى سلم والسلم السلام

{قوم منكرون} اى انتم قوم منكرون فعرفونى من انتم

٢٦

{فراغ إلى أهله} فذهب اليهم في خفية من ضيوفه ومن ادب المضيف ان يخفى امره وان يبادر بالقرى من غير ان يشعر به الضيف حذرا من ان يكفه وكان عامة مال ابراهيم عليه السلام البقر

{فجاء بعجل سمين

٢٧

فقربه إليهم} ليأكلوا منه فلم يأكلوا

{قال ألا تأكلون} انكر عليهم ترك الاكل أو حثهم عليه

٢٨

{فأوجس} فاضمر

{منهم خيفة} خوفا لان من لم ياكل طعامك لم يحفظ ذمامك عن ابن عباس رضى اللّه عنهما وقع في نفسه انهم ملائكة ارسلوا للعذاب

{قالوا لا تخف} انا رسل اللّه وقيل مسح جبريل العجل فقام ولحق بامه

{وبشروه بغلام عليم} اى يبلغ وبعلم والمبشر به اسحق عند الجمهور

٢٩

فاقبلت امرأته في صرة في صيحة من صر القلم والباب قال الزجاج لاصرة شدة الصياح ههنا ومحله النصب على الحال اى فجاءت صارة وقيل فأخذت في صياح وصرتها قولها يا ويلتا

{فصكت وجهها} فلطمت ببسط يديها وقيل فضربت بأطراف اصابعها جبهتها فعل المتعجب

{وقالت عجوز عقيم} اى انا عجوز فكيف الد كما قال في موضع اخر أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا

٣٠

{قالوا كذلك} مثل ذلك ذى قلنا واخبرنا به

{قال ربك} اى انما نخبرك عن اللّه تعالى واللّه قادر على ما تستبعدين

{إنه هو الحكيم} في فعله

{العليم} فلا يخفى عليه شىء وروى ان جبريل قال لها حين استبعدت انظرى الى سقف بيتك فنظرت فاذا جذوعه مورقة مثمرة ولما علم انهم ملائكة وانهم لا ينزلون الا بامر اللّه رسلا في بعض الامور

٣١

{قال فما خطبكم} اى فما شأنكم وما طلبتكم وفيم ارسلتم

{أيها المرسلون} ارسلتم بالبشارة خاصة أو لامر اخر اولهما

٣٢

{قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} اى قوم لوط

٣٣

{لنرسل عليهم حجارة من طين}

{للمسرفين} اريد السجيل وهو طين طبخ كما يطبخ الاجر حتى صا رفي صلابة الحجارة

٣٤

{مسومة} معلمة من السومة وهى العلامة على كل واحد منها اسم من يهلك به

{عند ربك} في ملكه وسلطانه

{للمسرفين} سماهم مسرفين كما سماهم عادين لاسرافهم وعدوانهم في عملهم حيث لم يقتنعوا بما ابيح لهم

٣٥

{فأخرجنا من كان فيها} في القرية ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة

{من المؤمنين} يعنى لوطا ومن آمن به

٣٦

{فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} اى غير اهل بيت وفيه دليل على ان الايمان والاسلام واحدلان الملائكة سموهم مؤمنين ومسلمين هنا

٣٧

{وتركنا فيها} في قراهم

{آية للذين يخافون العذاب الأليم} علامة يعتبر بها الخائفون دون القاسية قلوبهم قيل هي ماء أسود منتن آية على معنى وجعلنا

٣٨

في موسى آية كقوله علفتها تبنا وماء باردا

{إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين} بحجة ظاهرة وهى اليد والعصا

٣٩

{فتولى} فاعرض عن الايمان

{بركنه} بما كان يتقوى به من جنوده وملكه والركن ما يركن اليه الانسان من ما ل وجند

{وقال ساحر} اى هو ساحر

{أو مجنون}

٤٠

{فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم} آت بما يلام عليه من كفره وعناده وانما وصف يونس عليه السلام به في قوله فالتقمه الحوت وهو مليم لان موجبات اللوم تختلف وعلى حسب اختلافها تختلف مقادير اللوم فراكب الكفر ملوم على مقداره وراكب الكبيرة والصغيرة والذلة كذلك وجملة مع الواو حال من الضمير في فأخذناه

٤١

وفى عاد اذ ارسلنا عليهم الريح العقيم هى التى لا خير فيها من انشاء مطر أو القاح شجر وهى ريح الهلاك واختلف فيها والاظهر انا الدبور لقوله عليه السلام: نصرت بالصبا واهتلكت عاد بالدبور

٤٢

{ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم} هو كل ما رم اى بلى وتفتت من عظم أو نبات أو غير ذلك والمعنى ما تترك من شىء هبت عليه من انفسهم وانعامهم واموالهم الا اهلكته

٤٣

{وفي ثمود} آية ايضا

{إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين} تفسيره قوله تمتعوا في داركم ثلاثة ايام

٤٤

{فعتوا عن أمر ربهم} فاستكبروا عن امتثاله

{فأخذتهم الصاعقة} العذاب وكل عذاب مهلك صاعقة الصعقة على وهى المرة من مصدر صعقتهم الصاعقة

{وهم ينظرون} لانها كانت نهارا يعاينوها

٤٥

{فما استطاعوا من قيام} اى هرب أو هو من قولهم ما يقوم به اذا عجز عن دفعه

{وما كانوا منتصرين} ممتنعين من العذاب اولم يمكنهم مقابلتنا بالعذاب لان معنى الانتصار المقابلة

٤٦

{وقوم نوح} اى واهلكنا قوم نوح لان ما قبله يدل عليه أو واذكر قوم نوح وبالجر أبو عمرو وعلى وحمزة اى وفى قوم نوح آية ويؤيده قراءة عبداللّه وفى قوم نوح

{من قبل} من قبل هؤلاء المذكورين

{إنهم كانوا قوما فاسقين} كافرين

٤٧

{والسماء} نصب بفعل يفسره

{بنيناها بأيد} بقوة والايد القوة

{وإنا لموسعون} لقادرون من الوسع هى الطاقة والموسع القوى على الانفاق أو لموسعون ما بين السماء والارض

٤٨

{والأرض فرشناها} بسطناها ومهدناها وهى منصوبة بفعل مضمر اى فرشنا الارض فرشناها

{فنعم الماهدون} نحن

٤٩

{ومن كل شيء} من الحيوان

{خلقنا زوجين} ذكرا وانثى وعن الحسن السماء والارض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والموت والحياة فعدد اشياء وقال كل اثنين منها زوج واللّه تعالى فرد لا مثل له

{لعلكم تذكرون} اى فعلنا ذلك كله من بناء السماء والارض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والموت والحياة فعدد اشياء وقال كل اثنين منها زوج واللّه تعالى فرد لا مثل له

{لعلكم تذكرون} اى فعلنا ذلك كله من بنا ءالسماء وفرش الارض وخلق الازواج لتتذكروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه

٥٠

{ففروا إلى اللّه} اى من الشرك الى الايمان باللّه أو من طاعة الشيطان الى طاعة الرحمن أو مما سواه اليه

{إني لكم منه نذير مبين

٥١

ولا تجعلوا مع اللّه إلها آخر إني لكم منه نذير مبين} واالتكرير للتوكيد والاطالة في الوعيد ابلغ

٥٢

{كذلك} الامر مثل ذلك وذلك اشارة الى تكذيبهم الرسول وتسميته ساحرا أو مجنونا ثم فسر ما اجمل بقوله

{ما أتى الذين من قبلهم} من قبل قومك

{من رسول إلا قالوا} هو

{ساحر أو مجنون} رموهم بالسحر أو الجنون لجهلهم

٥٣

{أتواصوا به} الضميرللفول اى اتواصى الاولون والاخرون بهذا القول حتى قالوه جميعا متفقين عليه

{بل هم قوم طاغون} اى لم يتواصوا به لانهم لم يتلاقوا في زمان واحد بل جمعتهم العلة الواحدة وهى الطغيان والطغيان هو الحامل عليه

٥٤

{فتول عنهم} فاعرض عن الذين كررت عليهم الدعوة فلم يجيبوا اعتادا

{فما أنت بملوم} فلا لوم عليك فى اعراضك بعد ما بلغت الرسالة وبذلت مجهودك في البلاغ والدعوة

٥٥

{وذكر} وعظ بالقرآن

{فإن}

{الذكرى تنفع المؤمنين} بان تزيد فى عملهم

٥٦

{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} العبادة ان حملت على حقيقتها فلا تكون الآية عامة بل المراد بها المؤمنون من الفريقين دليلة لاسياق اعنى وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وقرأءة ابن عباس رضى اللّه عنهما وما خلقت الجن والانس من لمؤمنين وهذا لانه لا يجوز ان يخلق الذين علم منهم انهم لا يؤمنون للعبادة لانه اذا خلقهم للعبادة واراد منهم العبادة فلا بد ان توجد منه فاذا لم يؤمنوا علم انه خلقهم لجهنم كما قال ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس وقيل الا لآمرهم بالعبادة وهو منقول عن على رضى اللّه عنه وقيل الا ليكونوا عباد الى والوجه ان تحمل العبادة على التوحيد فقد قال ابن عباس رضى اللّه عنهما كل عبادة في القرآن فهى توحيد والكل يوحدونه في الآخرة لما عرف ان الكفار وكلهم مؤمنون موحدون في الآخرة دليله قوله ثم لم تكن فتنتهم الا ان قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين نعم قد اشرك البعض في الدنيا لكن مدة الدنيا بالاضافة الى الابد اقل من يوم ومن اشترى غلاما وقال ما اششتريته الا للكتابة كان صادقا في قوله ما اشتريته الا للكتابة وان استعمله في يوم من عمره لعلم آخر

٥٧

{ما أريد منهم من رزق} ما خلقتهم ليزقوا انفسهم أو واحد من عبادى

{وما أريد أن يطعمون} قال ثعلب ان يطمعوا عبادى وهى اضافة تخصيص كقوله عليه السلام خبرا عن اللّه تعالى من اكرم مؤمنا فقد اكرمنى ومن آذى مؤمنا فقد آذانى

٥٨

{إن اللّه هو الرزاق ذو القوة المتين} الشديد القوة والمتين بالرفع صفة لذو وقرأ الأعمش بالجر صفة للقوة على تأويل الاقتدار

٥٩

{فإن للذين ظلموا} رسول اللّه بالتكذيب من اهل مكة

{ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم} نصيبا من عذاب اللّه مثل نصيب اصحابهم ونظرائهم من القرون المهلكة قال الزجاج الذنوب في اللغة النصيب

{فلا يستعجلون} نزول العذاب وهذا جواب النضر واصابه حين استعجلوا العذاب

٦٠

{فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون} اى من يوم القيامة وقيل من يوم بدر ليعبدونى ان يطعمونى فلا يستعجلونى بالياء في الحالين يعقوب وافق سهل في الوصل الباقون بغير باء واللّه اعلم

﴿ ٠