٢

{هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب} يعني يهود بني النضير

{من ديارهم} بالمدينمة واللام في

{لأول الحشر} تتعلق باخرج وهي اللام في قوله تعالى يا ليتني قدمت لحياتي وقوله جئته لوقت كذا أي أخرج الذين كفروا عند أول الحشر ومعنى أول الحشر أن هذا أول حشرهم إلى الشام وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء قط وهم أول من أخرج من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام أو هذا أول حشرهم وآخر حشرهم اجلاء عمر اياهم من خيبر إلى الشام وآخر حشرهم حشر يوم القيامة

قال ابن عباس رضي اللّه عنهما من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية فهم الحشر الأول وسائر الناس الحشر الثاني وقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما خرجوا امضوا فانكم أول الحشر ونحن على الأثر

قتادة إذا كان آخر الزمان جاءتنار من قبل المشرق فحشرت الناس إلى أرض الشام وبها تقوم عليهم القيامة وقيل معناه أخرجهم من ديارهم لاول ما حشر لقتالهم لان أول قتال قاتلهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

{ما ظننتم أن يخرجوا} لشدة بأسهم ومنعتهم ووثاقة حصونهم وكثرة عددهم وعدتهم

{وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من اللّه} أي ظنوا أن حصونهم تمنعهم من بأس اللّه والفرق بين هذا التركيب وبين النظم الذي جاء عليه أن في تقديم الخبر على المبتدأ دليلا على فرط وثوقهم بحصانتها ومنعها إياهم وفي تصيير ضميرهم اسما لأن واسناد الجملة إليه دليل على اعتقادهم في أنفسهم أنهم في عزة ومنعة لا يبالي معها بأحد يتعرض لهم أو يطمع في مغازلتهم وليس ذلك في قولك وظنوا أن حصونهم تمنعهم

{فآتاهم اللّه} أي أمر اللّه وعقابه وفي الشواذ فآتاهم اللّه أي فآتاهم الهلاك

{من حيث لم يحتسبوا} من حيث لم يظنوا ولم يخطر ببالهم وهو قتل رئيسهم كعب بن الأشرف غرة على بد أخيه رضاعا

{وقذف في قلوبهم الرعب} الخوف

{يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} يخربون أبو عمرو والتخريب والاخراب الافساد بالنقض والهدم والخربة الفساد وكانوا يخربون بواطنها والمسلمون ظواهرها لما أراد اللّه من استئصال شأنهم وأن لا نبقي لهم بالمدينة دار ولا منهم ديار والذي دعاهم إلى التخريب حاجتهم إلى الخشب والحجارة ليسدوا بها أفواه الازقة وأن لا يتحسروا بعد جلائهم على بقائها مساكن للمسلمين وأن ينقلوا معهم ما كان في أبنيتهم من جيد الخشب والساج وأما المؤمنون فداعيهم إلى التخريب

إزالة متحصنهم وأن يتسع لهم مجال الحرب ومعنى تخريبهم لها بأيدي المؤمنين أنهم لما عرضوهم بنكث العهد لذلك وكانوا السبب فيه فكانهم أمروهم به وكلفوهم إياه

{فاعتبروا يا أولي الأبصار} أي فتأملوا فيما نزل بهؤلاء والسبب الذي استحقوا به ذلك فاحذروا أن تفعلوا مثل فعلهم فتعاقبوا بمثل عقوبتهم وهذا دليل على جواز القياس

﴿ ٢