تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل

أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م)

_________________________________

سورة الانفطار

سورة الانفطار مكية وهى تسع عشرة آية بسم اللّه لرحمن الرحيم

١

{إذا السماء انفطرت} انشقت

٢

{وإذا الكواكب انتثرت} تساقطت

٣

{وإذا البحار فجرت} فتح بعضها إلى بعض وصارت البحار بحرا واحدا

٤

{وإذا القبور بعثرت} بحثت وأخرج موتاها وجواب إذا

٥

{علمت نفس} أى كل نفس برة وفاجرة

{ما قدمت} ما عملت من طاعة

{وأخرت} وتركت فلم تعمل أو ما قدمت من الصدقات وما أخرت من الميراث

٦

{يا أيها الإنسان} قيل الخطاب لمنكرى البعث

{ما غرك بربك الكريم

٧

الذي خلقك} أى شىء خدعك حتى ضيعت ما وجب عليك مع كرم ربك حيث أنعم عليك بالخلق والتسوية والتعديل وعنه عليه السلام حين تلاها غره جهله وعن عمر رضى اللّه عنه غره حمقه وعن الحسن غره شيطانه وعن الفضيل لو خوطبت أقول غرتنى ستورك المرخاة وعن يحيى بن معاذ أقول غرنى بربك بى سالفا وآنفا

{فسواك} فجعلك مستوى الخلق سالم الأعضاء

{فعدلك} فصيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فلم يجعل إحدى اليدين أطول ولا احدى العينين أوسع ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود أو جعلك معتدل الخلق تمشى قائما لا كالبهائم وبالتخفيف كوفى وهو بمعنى المشدد أىعدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت فكنت معتدل الخلقة متناسبا

٨

{في أي صورة ما شاء ركبك} ما مزيد للتوكيد أى

ركبك فى أىصورة اقتضتها مشيئته من الصور المختلفة فى الحسن والقبح والطول والقصر ولم تعطف هذه الجملة كما عطف ما قبلها لأنها بيان لعدلك والجار يتعلق بركبك على معنى وضعك فى بعض الصور ومكنك فيها أو بمحذوف أىركبك حاصلا فى بعض الصور

٩

{كلا} ردع عن الغفلة عن اللّه تعالى

{بل تكذبون بالدين} أصلا وهو الجزاء أو دين الاسلام فلا تصدقون ثوابا ولا عقابا

١٠

{وإن عليكم لحافظين} أعمالكم وأقوالكم من الملائكة

١١

{كراما كاتبين} يعنى انكم تكذبون بالجزاء والكاتبون يكتبون عليكم أعمالكم لتجاوزوا بها

١٢

{يعلمون ما تفعلون} لا يخفى عليهم شىء من أعمالكم وفى تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء وأنه عند اللّه من جلائل الأمور وفيه انذار وتهويل للمجرمين ولطف للمتقين وعن الفضيل انه إذا قرأها قال ماأشدها من آية على الغافلين

١٣

{إن الأبرار لفي نعيم} إن المؤمنين لفى نعيم الجنة

١٤

{وإن الفجار لفي جحيم} وإن الكفار لفى النار

١٥

{يصلونها يوم الدين} يدخلونها يوم الجزاء

١٦

{وما هم عنها بغائبين} أى لا يخرجون منها كقوله تعالى وما هم بخارجين منها ثم عظم شأن يوم القيامة فقال

١٧

{وما أدراك ما يوم الدين

١٨

ثم ما أدراك ما يوم الدين} فكرر للتأكيد والتهويل وبينه بقوله

١٩

{يوم لا تملك نفس لنفس شيئا وَاْلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } أى لا تستطيع دفعا عنها ولا نفعا لها بوجه وإنما تملك الشفاعة بالاذن يوم بالرفع مكى وبصرى أى هو يوم أو بدل من أى لا أمر إلا للّه تعالى وحده فهو القاضى فيه دون غيره

﴿ ٠