تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م) _________________________________انشقت ١{إذا السماء انشقت} تصدعت وتشققت ٢{وأذنت لربها} سمعت وأطاعت وأجابت ربها إلى الانشقاق ولم تأب ولم تمتنع {وحقت} وحق لها أن تسمع وتطبع لأمر اللّه إذ هى مصنوعة مربوية للّه تعالى ٣{وإذا الأرض مدت} بسطت وسويت باندكاك جبالها وكل أمت فيها ٤{وألقت ما فيها} ورمت ما فى جوفها من الكنوز والموتى {وتخلت} وخلت غابة الخلو حتى لم يبق شئ فى باطنها كانها تكلفت اقصى جهدها فى الخلو يقال تكرم الكريم إذا بلغ جهده فى الكرم وتكلف فوق ما فى طبعه ٥{وأذنت لربها} فى القاء ما فى بطنها وتخليها {وحقت} وهى حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع وحذف جواب إذا ليذهب المقدر كل مذهب أو اكتفاء بما علم بمثلها من سورتى التكوير والانفطار أو جوابه ما دل عليه فملاقيه أى إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه ٦{يا أيها الإنسان} خطاب للجنس {إنك كادح إلى ربك كدحا} جاهد إلى لقاء ربك وهو الموت وما بعده من الحال الممثلة باللقاء {فملاقيه} الضمير للكدح وهو جهد النفس فى العمل والكدفيه حتى يؤثر فيها والمراد جزاء الكدح إن خيرا فخير وإن شرا فشر وقيل لقاء الكدح لقاء كتاب فيه ذلك الكدح يدل عليه قوله ٧{فأما من أوتي كتابه بيمينه} أى كتاب عمله ٨{فسوف يحاسب حسابا يسيرا} سهلا هينا وهو أن يجازى على الحسنات ويتجاوز عن السيآت وفى الحديث: من يحاسب يعذب فقيل فأين قوله فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال: ذلكم العرض من نوقش فى الحساب عذب ٩{وينقلب إلى أهله} إلى عشيرته أن كانوا مؤمنين أو إلى فريق المؤمنين أو إلى أهله فى الجنة من الحور العين {مسرورا} فرحا ١٠{وأما من أوتي كتابه وراء ظهره} قيل تغل يمناه إلى عنقه وتجعل شماله وراء ظهره فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره ١١{فسوف يدعو ثبورا} يقول يا ثبوراه والثبور الهلاك ١٢{ويصلى} عراقى غير على {سعيرا} أى ويدخل جهنم ١٣{إنه كان} فى الدنيا {في أهله} معهم {مسرورا} بالكفر يضحك ممن آمن بالبعث قيل كان لنفسه متابعا وفى مراتع هواه راتعا ١٤{إنه ظن أن لن يحور} لن يرجع الى ربه تكذيبا بالبعث قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ما عرفت تفسيره حتى سمعت اعرابية تقول لبنتها حورى أى ارجعى ١٥{بلى} إيجاب لما بعد النفى فى ان يحور أى بلى ليحورن {إن ربه كان به} وبأعماله {بصيرا} لا تخفى عليه فلا بد أن يرجعه ويجازيه عليها ١٦{فلا أقسم بالشفق} فاقسم بالبياض بعد الحمرة أو الحمرة ١٧{والليل وما وسق} جمع وضم والمراد ما جمعه من الظلمة والنجم أو ما عمل فيه من التهجد وغيره ١٨{والقمر إذا اتسق} اجتمع وثم بدرا افتعل من الوسق ١٩{لتركبن} أيها الانسان على ارادة الجنس {طبقا عن طبق} حالا بعد حال كل واحدة مطابقة لأختها فى الشدة والهول والطبق ما طابق غيره يقال ما هذا بطبق لذا أى لا يطابقه ومنه قيل للغطاء الطبق ويجوز أن يكون جمع طبقة وهى المرتبة من قولهم هو على طبقات أى لتركبن أحوالا بعد أحوال هى طبقات فى الشدة بعضها أرفع من بعض وهى الموت وما بعدها من مواطن القيامة واهوالها ومحل عن طبق نصب على انه صفة لطبقا أى طبقا مجاوزا لطبق أو حال من الضمير فى لتركبن أى لتركبن طبقا مجاوزين لطبق وقال مكحول فى كل عشرين عاما تجدون أمرا لم تكونوا عليه بفتح الياء مكى وعلى وحمزة والخطاب له عليه السلام أى طبقا من طباق السماء بعد طبق أى فى المعراج ٢٠{فما لهم لا يؤمنون} فما لهم فى أن يؤمنوا ٢١{وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} لا يخضعون ٢٢{بل الذين كفروا يكذبون} بالبعث والقرآن ٢٣{واللّه أعلم بما يوعون} بما يجمعون فى صدورهم ويضمرون من الكفر وتكذيب النبى صلى اللّه عليه وسلم أو بما يجمعون فى صحفهم من أعمال السوء ويدخرون لأنفسهم من أنواع العذاب ٢٤{فبشرهم بعذاب أليم} أخبرهم خبرا يظهر أثره على بشرتهم ٢٥{إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} استثناء منقطع {لهم أجر غير ممنون} غير مقطوع أو غير منقوص واللّه أعلم |
﴿ ٠ ﴾