تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل

أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م)

_________________________________

سورة الطارق

سورة الطارق مكية وهى سبع عشرة آية بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

{والسماء والطارق}

٢

{وما أدراك ما الطارق}

٣

النجم الثاقب} عظم قدر السماء فى أعين الخلق لكونها معدن رزقهم ومسكن ملائكته وفيها خلق الجنة فأقسم بها وبالطارق والمراد جنس النجوم أو جنس الشهب التى يرجم بها لعظم منفعتها ثم فسره بالنجم الثاقب أى المضئ كانه يثقب الظلام يضوئه فينفذ فيه ووصف بالطارق لأنه يبدو بالليل كما يقال للآتى ليلا طارق أو لأنه يطرق الجنى أى يصكه وجواب القسم

٤

{إن كل نفس لما عليها حافظ} لأن لما كانت مشددة بمعنى الاكقراءة عاصم وحمزة وابن عامر فتكون أن نافيه أى ما كل نفس إلا عليها حافظ وان كانت مخففة كقراءة غيرهم فتكون ان مخففة من الثقيلة أى انه كل نفس لعليها حافظ يحفظها من الآفات أو يحفظ عملها ورزقها

وأجلها فإذا استوفى ذلك ماتت وقيل هو كاتب الأعمال فما زائدة واللام فارقة بين الثقيلة والخفيفة وحافظ مبتدأ وعليها الخبر والجملة خبر كل وأيتهما كانت فهى مما يتلقى به القسم

٥

{فلينظر الإنسان مم خلق} لما ذكر أن على كل نفس حافظا أمره بالنظر فى أول أمره ليعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه فيعمل ليوم الجزاء ولا يملى على حافظه الاما يسره فى عاقبته ومم خلق استفهام أى من أى شئ خلتى جوابه

٦

{خلق من ماء دافق} والدفق صب فيه دفع والدفق فى الحقيقة لصاحبه والاسناد إلى الماء مجاز وعن بعض أهل اللغة دفقت الماء دفقا صببته ودفق الماء بنفسه أى انصب ولم يقل من ماءين لا متزاجهما فى الرحم واتحادهما حين ابتدئ فى خلقه

٧

{يخرج من بين الصلب والترائب} من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهى عظام الصدر حيث تكون القلادة وقيل العظم والعصب من الرجل واللحم والدم من المرأة

٨

{أنه} ان الخالق لدلالة خلق عليه ومعناه ان الذى خلق الإنسان إبتداء من نظفة

{على رجعه} على إعادته خصوصا

{لقادر} لبين القدرة لا يعجز عنه كقوله اننى لفقير ونصب

٩

{يوم تبلى} أى تكشف برجعه أو بمضمر دل عليه قوله رجعه أى بعثه يوم تبلى

{السرائر} ما أسرفى القلوب من العقائد والنيات وما أخذمن الأعمال

١٠

{فما له} فما للانسان

{من قوة} فى نفسه على دفع ما حل به

{ولا ناصر} يعينه ويدفع عنه

١١

{والسماء ذات الرجع} أى المطر وسمىبه لعوده كل حين

١٢

{والأرض ذات الصدع} هو ما تتصدع عنه الأرض من النبات

١٣

{أنه} إن القرآن

{لقول فصل} فاصل بين الحق والباطل كما قيل فرقان

١٤

{وما هو بالهزل} باللعب والباطل يعنى أنه جد كله ومن حقه وقد وصفه اللّه بذلك أن يكون مهيبا فى الصدور معظما فى القلوب يرتفع به قارئه وسامعه ان يلم بهزل أو يتفكه بمزاح

١٥

{إنهم} يعنى مشركى مكة

{يكيدون كيدا} يعملون المكايد فى ابطال أمر اللّه واطفاء نور الحق

١٦

{وأكيد كيدا} وأجازتهم جزاء كيدهم باستدراجى لهم من حيث لا يعلمون فسمى جزاء الكيد كيدا كما سمى جزاء الاعتداء والسيئة اعتداء وسيئة وان لم يكن اعتداء وسيئة ولا يجوز اطلاق هذا الوصف على اللّه تعالى إلا على وجه الجزاء كقوله نسوا اللّه فنسيهم * يخادعون اللّه وهو خادعهم * اللّه يستهزئ بهم

١٧

{فمهل الكافرين} أى لا تدع بهلا كهم ولا تستعجل به

{أمهلهم} أنظرهم فكرر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين والتصبير

{رويدا} امهالا يسيرا ولا يتكلم بها الا مصغرة وهى من رادت الريح ترود رودا تحركت ضعيفة

﴿ ٠