تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م) _________________________________سورة الشمس سورة الشمس مكية وهى خمس وعشرة آية بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ {والشمس وضحاها} وضوئها إذا أشرقت وقام سلطانها ٢{والقمر إذا تلاها} تبعها فى الضياء والنور وذلك فى النصف الأول ومن الشهر يخلف القمر والشمس فى النور ٣{والنهار إذا جلاها} جل الشمس وأظهرها للرائين وذلك عند انتفاخ النهار وانبساطه لأن الشمس تنجلى فى ذلك الوقت تمام الانجلاء وقيل الضمير للظلمة أو للدنيا أو للارض وإن لم يجر لها ذكر كقوله ما ترك على ظهرها من دابة ٤{والليل إذا يغشاها} يستر الشمس فتظلم الآفاق والواو الأولى فى نحو هذا للقسم بالاتفاق وكذا الثانية عند البعض وعند الخليل الثانية للعطف لأن إدخال القسم على القسم قبل تمام الأول لا يجوز ألا ترى انك لو جعلت موضها كلمة الفاء أو ثم لكان المعنى على حالة وهما حرفا عطف فكذا الواو ومن قال انها للقسم احتج بأنها لو كانت للعطف لكان عطفا على عاملين لأن قوله والليل مثلا مجرور بواو القسم واذا يغشى منصوب بالفعل المقدر الذى هو أقسم فلو جعلت الواو فى النهار اذا تجلى للعطف لكان النهار معطوفا على الليل جر أو اذا تجلى معطوفا على اذا يغشى نصبا فكان كقولك ان فى الدار زيدا والحجرة عمر أو أجيب بأن واو القسم تنزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز ابراز الفعل معها فصارت كانها العاملة نصبا وجرا أو صارت كعامل واحد له عملان وكل عامل له عملان يجوز أن يعطف على معموليه بعاطف واحد بالاتفاق نحو ضرب زيد عمرا وبكر خالدا فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذى هو عاملها فكذا هنا وما مصدرية فى ٥انظر تفسير الآية ٧ ٦انظر تفسير الآية ٧ ٧{والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها} أى وبنائها وطحوها أى بسطها وتسوية خلقها فى أحسن صورة عند البعض وليس بالوجه لقوله فألهمها المافية من فساد النظم والوجه أن تكون موصولة وانما أو ثرت على من لارادة معنى الوصفية كانه قيل والسماء والقادر العظيم الذى بناها ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذى سواها وانما نكرت النفس لأنه أراد نفسا خاصة من بين النفوس وهى نفس آدم كانه قال وواحدةمن النفوس أو أردا كل نفس والتنكير للتكثير كما فى علمت نفس ٨{فألهمها فجورها وتقواها} فأعلمها طاعتها ومعصيتها أى أفهمها أن أحدهما حسن والآخر قبيح ٩{قد أفلح} جواب القسم والتقدير لقد أفلح قال الزجاج صار طول الكلام عوضا عن اللام وقيل الجواب محذوف وهو الاظهر تقديره ليدمدمن من اللّه عليهم أى على أهل مكة لتكذيبهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحا وأما قد أفلح فكلام تابع لقول فألهمها فجورها وتقواها على سبيل الاستطراد ليس من جواب القسم فى شئ {من زكاها} طهرها اللّه وأصلحها وجعلها زاكية ١٠{وقد خاب من دساها} أغواها اللّه قال عكرمة أفلحت نفس زكاها اللّه وخابت نفس أغواها اللّه ويجوز أن تكون التدسية والتطهير فعل العبدو التدسية والنقص والاخفاء بالفجور وأصل دسى دسس والياء بدل من السين المكررة ١١{كذبت ثمود بطغواها} بطغيانها اذا لحامل لهم على التكذيب طغيانهم ١٢{إذ انبعث} حين قام بعقر الناقة {أشقاها} أشقى ثمود قدار بن سالف وكان اشقر أزرق قصير أو إذا منصوب بكذبت أو بالطغوة ١٣{فقال لهم رسول اللّه} صالح عليه السلام {ناقة اللّه} نصب على التحذير أى احذروا عقرها {وسقياها} كقولك الاسد الاسد ١٤{فكذبوه} فيما حذرهم منه من نزول العذاب ان فعلوا {فعقروها} أى الناقة اسند الفعل اليهم وان كان العاقر واحدا لقوله فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر لرضاهم به {فدمدم عليهم ربهم} أهلكهم هلاك استئصال {بذنبهم} بسبب ذنبهم وهو تكذيبهم الرسول وعقرهم الناقة {فسواها} فسوى الدمدمة عليهم لم يفلت منها صغيرهم ولا كبيرهم ١٥{ولا يخاف عقباها} ولا يخاف اللّه عاقبة هذه الفعلة أى فعل ذلك غير خائف أن تلحقه تبعة من أحدكما يخاف من يعاقب من الملوك لأنه فعل فى ملكه وملكه لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فلا يخاف مدنى وشامģ |
﴿ ٠ ﴾