تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م) _________________________________سورة الشرح سورة الشرح مكية وهى ثمان آيات بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ {ألم نشرح لك صدرك} استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الانكار فأفاد اثبات الشرح فكانه قيل شرحنا لك صدرك ولذا عطف عليه وضعنا اعتبار للمعنى أى فسحناه بما أودعناه من العلوم والحكم حتى وسع هموم النبوة ودعوة الثقلين وأزلنا عنه الضيق والحرج الذى يكون مع العمى والجهل وعن الحسن ملئ حكمة وعلما ٢{ووضعنا عنك وزرك} وخففنا عنك اعباء النبوة والقيام بأمرها وقيل هو زلة لا تعرف بعينها وهى ترك الأفضل مع اتيان الفاضل والانبياء يعاتبون بمثلها ووضعه عنه أن غفر له والوزر الحمل الثقيل ٣{الذي أنقض ظهرك} أثقله حتى سمع نقيضه وهو صوت الانتقاض ٤{ورفعنا لك ذكرك} ورفع ذكره ان قرن بذكر اللّه فى كلمة الشهادة والآذان والاقامة والخطب والتشهد وفى غير موضع من القرآن أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول * ومن يطع اللّه ورسوله * واللّه ورسوله أحق ان يرضوه وفى تسميته رسول اللّه ونبى اللّه ومنه ذكره فى كتب الأولين وفائدة ذلك ما عرف فى طريقة الابهام والايضاح لأنه يفهم بقوله ألم نشرح لك أن ثم مشروحا ثم أوضح بقوله صدرك ما علم مبهما وكذلك لك ذكرك وعنك وزرك ٥انظر تفسير الآية ٦ ٦ {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} أى أن مع الشدة التى انت فيها من مقاسات بلاء المشركين يسرا باظهارى اياك عليهم حتى تغلبهم وقيل كان المشركون يعيرون رسول اللّه والمؤمنين بالفقر حتى سبق الى وهمه انهم رغبوا عن الاسلام لافتقار أهله فذكره ما أنعم به عليه من جلائل النعم ثم قال ان مع العسر يسرا كانه قال خولناك ما خولناك فلا تيأس من فضل اللّه فان مع العسر الذى أنتم فيه يسرا وجئ بلفظ مع لغاية مقاربة اليسر العسر زيادة في التسلية ولتقوية القلوب وإنما قال عليه السلام عند نزولها: لن يغلب عسر يسرين لأن العسر أعيد معرفا فكان واحدا لأن المعرفة اذا أعيدت معرفة كانت الثانية عين الأولى واليسر أعيد نكرة والنكرة اذا أعيدت نكرة كانت الثانية غير الأولى فصار المعنى ان مع العسر يسرين قال أبو معاذ يقال ان مع الأمير غلاما ان مع الامير غلاما فالامير واحد ومعه غلامان واذا قال ان مع أمير غلاما وأن مع الأمير الغلام فالأمير واحد والغلام واحد وإذا قيل أن مع غلاما وأن مع أمير غلاما فهما أميران وغلامان كذا فى شرح التأويلات ٧{فإذا فرغت فانصب} أى فاذا فرغت من دعوة الخلق فاجتهد فى عبادة الرب وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما فإذا فرغت من صلاتك فاجتهد فى الدعاء واختلف أنه قبل السلام أو بعده ووجه الاتصال بما قبله أنه لما عدد عليه نعمه السالفة ومواعيده الآتية بعثه على الشكر والاجتهاد فى العبادرة والنصب فيها وأن يواصل بين بعضها وبعض ولا يخلى وقتا من أوقاته منها فإذا فرغ من عبادة ذبنها بخرى ٨{وإلى ربك فارغب} واجعل وغبتك إليه خصوصا ولا تسأل الا فضله متوكلا عليه وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون |
﴿ ٠ ﴾