تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م) _________________________________سورة تبت سورة أبي لهب مكية وهي خمس آيات بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ {تبت يدا أبي لهب} التباب الهلاك ومنه قولهم أشابه أم تابة أي هالكة من الهرم والمعنى هلكت يداه لأنه فيما يروى أخذ حجرا ليرمي به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وتب} وهلك كله أو جعلت يداه هالكتين والمراد هلاك جملته كقوله بما قدمت يداك ومعنى وتب وكان ذلك وحصل كقوله جزاني جزاه اللّه شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل وقد دلت عليه قراءة أبن مسعود رضي اللّه عنه وقد تب روى أنه لما نزل وانذر عشيرتك الا قربين رقى الصفا وقال: يا صباحاه فاستجمع اليه الناس من كل أوب فقال عليه الصلاة والسلام: يا بني عبدالمطلب يا بني فهر ان أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي قالوا نعم قال: فإني نذير لكم بين يدي الساعة فقال أبو لهب تبالك ألهذا دعوتنا فنزلت وإنما كناه والتكنية تكرمة لاشتهاره بها دون الامم أو لكراهة اسمه فاسمه عبدالعزى أو لأن مآله إلى نار ذات لهب فوافقت حاله كنيته أبي لهب مكي ٢{ما أغنى عنه ماله} ماللنفي {وما كسب} مرفوع وما موصولة أو مصدرية أي ومكسوبة أو وكسبه أي لم ينفعه ماله الذي ورثه من ابيه والذي كسبه بنفسه أو ماله التالد والطارف وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما ماكسب ولده وروى أنه كان يقول أن كان ما يقول ابن أخي حقا فأنا افتدى منه نفسي بمالي وولدي ٣{سيصلى نارا} سيدخل سيصلى البرجمي عن أبي بكر والسين للوعيد أي هو كائن لامحالة وان تراخي وقته {ذات لهب} توقد ٤{وامرأته} هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان {حمالة الحطب} كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقيل كانت تمشي بالنميمة فتشعل نار العداوة بين الناس ونصب عاصم حمالة الحطب على الشتم وأنا أحب هذه القراءة ولقد توسل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بجميل من أحب شتم أم جميل وعلى هذا يسوغ الوقف على امراته لأنها حمالة الحطب على أنها خبر وامرأته أو هي حمالة ٥{في جيدها حبل من مسد} حال أو خبر آخر والمسد الذي قتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان أو جلدا وغيرهما والمعنى في جيدها حبل مما مسد من الحبال وانها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون تحقيرا لها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات لتجزع من ذلك ويجزع بعلها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب التروة والجدة واللّه اعلم |
﴿ ٠ ﴾