تفسير النسفى: مدارك التنزيل وحقائق التأويل

أبو البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفى الحنيفي (ت ٧١٠ هـ ١٣١٠م)

_________________________________

سورة الناس

سورة الناس مختلف فيها وهى ست آيات بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

{قل أعوذ برب الناس} اى مربيهم ومصلحهم

٢

{ملك الناس} مالكهم ومدبر أمورهم

٣

{إله الناس} معبودهم ولم يكتف باظهار المضاف اليه مرة واحدة لأن قوله ملك الناس إله الناس عطف بيان لرب الناس لأنه يقال لغيره رب الناس وملك الناس وأما إله الناس فخاص لا شركة فيه وعطف البيان للبيان فكأنه مظنة للاظهار دون الاضمار وإنما أضيف الرب الى الناس خاصة وان كان رب كل مخلوق تشريفا لهم ولأن الاستعاذه وقعت من شر الموسوس فى صدور الناس فكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس الى الناس بربهم الذى يملك عليهم أمورهم وهو إلههم ومعبودهم وقيل أراد بالاول الاطفال ومعنى الربوبية يدل عليه وبالثانى الشبان ولفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه وبالثالث الشيوخ ولفظ الاله المنبئ عن العبادة يدل عليه وبالرابع الصالحين اذ الشيطان مولع باغوائهم وبالخامس المفسدين لعطفه على المعوذ منه

٤

{من شر الوسواس} هو إسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال والمراد به الشيطان سمى بالمصدر كانه وسوسة في نفسه لأنها شغله الذي هو عاكف عليه أو أريد ذو الوسواس والوسوسة الصوت الخفى

{الخناس} الذى عادته أن يخنس منسوب الىالخنوس وهو التأخر كالعواج والنتات لما روى عن سعيد بن جبير اذا ذكر الانسان ربه خنس الشيطان وولى واذا غفل رجع ووسوس اليه

٥

{الذي يوسوس في صدور الناس} فى محل الجر على الصفة أو الرفع أو النصب على الشتم وعلى هذين الوجهين يحسن الوقف على الخناس

٦

{من الجنة والناس} بيان للذى يوسوس على أن الشيطان ضربان جنى وانسى كما قال: شياطين الانس والجن

وعن أبى ذر رضى اللّه عنه أنه قام لرجل هل تعوذت باللّه من شيطان الانس

روى أنه عليه السلام سحر فمرض فجاءه ملكان وهو نائم فقال أحدهما لصاحبه ما باله فقال طب قال ومن طبه قال لبيد بن أعصم اليهودى قال وبم طبه قال بمشط ومشاطة فى جف طلعة تحت راعوفة فى بئر ذى أروان فانتبه صلى اللّه عليه وسلم فبعث زبيرا وعليا وعمارا رضى اللّه عنهم فنزحوا ماء البئر واخرجوا الجف فاذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه وإذا فيه وتر معقد فيه احدى عشرة عقدة مغروزة بالابر فنزلت هاتان السورتان فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة حتى قال صلى اللّه عليه وسلم عندانحلال العقدة الأخيرة كانما نشط من عقال وجعل جبريل يقول بسم اللّه أرقيك واللّه يشفيك من كل داء يؤذيك ولهذا جوز الاسترقاء بما كان من كتاب اللّه وكلام رسول عليه السلام لا بما كان بالسريانية والعبرانية والهندية فانه لا يحل اعتقاده والاعتماد عليه ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا ومن سيآت أعمالنا وأقوالنا ومن شر ما عملنا وما لم نعمل ونشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى اللّه عليه وعلى آله مصابيح الانام وأصحابه مفاتيح دار السلام صلاة دائمة ما دامت الليالى والأيام

*****************

تم بعون اللّه تعالى طبع كتاب تفسير النسفى

﴿ ٠