٦ { اهدنا الصراط المستقيم } بيان المعونة المطلوبة كانه قيل كيف اعينك فقالوا اهدنا الصراط المستقيم وايضا ان التعقيب بالدعاء بعد تمام العبادة قاعدة شرعية. قال فى التيسير { اياك نعبد } اظهار التوحيد { واياك نستعين } طلب العون عليه وقوله { اهدنا } لسؤال الثبات على دينه وهو تحقيق عبادته واستعانته وذلك لان الثبات على الهداية اهم الحاجات اذ هو الذى سأله الانبياء والاولياء كما قال يوسف عليه السلام توفنى مسلما وسحره فرعون توفنا مسلمين والصحابة وتوفنا مع الابرار وذلك لانه لا ينبغى ان يعتمد على ظاهر الحال فقد يتغير فى المآل كما لابليس وبرصيصا وبلعم بن باعورا : قالوا المولى جلال الدين قدس سره صد هزار ابليس وبلعم درجهان ... همجنين بودست بيدا ونهان اين دورا مشهور كردانداله ... تاكه باشند اين دوبرباقى كواه اين دور درزد آويخت بردا بلند ... ورنه اندر قهر بس درزدان بدند وفى تفسر القاضى اذا قاله العارف الواصل الى اللّه عنى به ارشدنا طريق السير فيك لتمحو عنا ظلمات احوالنا وتميط غواشى ابداننا لنستضيء بنور قدسك فنراك بنورك. قال المولى الفنارى ومبناه ان السير فى اللّه غير مثناه كما قال قطب المحققين ولا نهاية للمعلومات والمقدورات فما دام معلوم او مقدور فالشوق للعبد لا يسكن ولا يزول واصل الهداية ان يعدى باللام الاولى فعومل معاملة اختار فى قوله تعالى { واختار موسى قومه } والصراط المستقيم استعارة عن ملة الاسلام والدين الحق تشبيها لوسيلة المقصود بوسيلة المقصد او المقصد او لمحل التوجه الروحانى بمحل التوجه الجسمانى وانما سمى الدين صراطا لان اللّه سبحانه وان كان متعاليا عن الامكنة لكن العبد الطالب لا بد له من قطع المسافات ومس الآفات وتحمل المجافاة ليكرم لوصول والموافاة. ثم فى قوله { اهدنا الصراط المستقيم } مع انه مهتد وجوه الاول ان لا بد بعد معرفة اللّه تعالى والاهتداء بها من معرفة الخط المتوسط بين الافراط والتفريط فى الاعمال الشهوية والغضبية وانفاق المال والمطلوب ان يهديه الى الوسط والثانى انه وان عرف اللّه بدليل فهناك ادلة اخرى فمعنى اهدنا عرفنا ما فى كل شئ من كيفية دلالته على ذاتك وصفاتك وافعالك. والثالث ان معنا بموجب قوله تعالى { وان هذا صراطي مستقيما } طلب الاعراض عما سوى اللّه وان كان نفسه والاقبال بالكلية عليه حتى لو امر بذلبح ولده كابراهيم عليه السلام او بان يتلمذ مع بلوغه اعلى درجات الغايات كموسى فعل وهذا مقام هائل الا ان فى قوله { صراط الذين انعمت عليهم } دون ان يقول صراط الذين ضربوا وقتلوا تيسيرا ما وترغيبا الى مقام الانبياء والاولياء من حيث انعامهم ثم الاستقامة الاعتدالية ثم الثبات عليها امر صعب ولذا قال النبى صلى اللّه عليه وسلم ( شيبتنى هود وا اخواتها ) حيث ورد فيها فاستقم كما امرت فان الانسان من حيث نشأته وقواه الظاهرة والباطنة مشتمل على صفات واخلاق طبيعية وروحانية ولكل منها طرفا افراط وتفريط والواجب معرفة الوسط من كل ذلك والبقاء عليه وبذلك وردت الاوامر ونطقت الآيات كقوله تعالى { ولا تجعل يدك مغلولة } الآية حرضة على الوسط بين البخل والاسراف وكقوله صلى اللّه عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهيب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره اياه ( ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وافطر وقم ونم ) وهكذا فى الاحوال كلها نحو قوله تعالى { ولا تجهر بصلوتك ولا تخافت بها } ولم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. { وما زاغ البصر وما طغى } ولما رأى صلى اللّه عليه وسلم عمر رضى اللّه عنه يقرأ رافعا صوته سأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام ( اخفض من صوتك قليلا ) واتى اباك بكر رضى اللّه عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد اسمعت من ناجيت فقال عليه السلام ( ارفع من صوتك قليلا ) وهكذا الامر فى باقى الاخلاق فان الشجاعة صفة متوسطة بين الهور والجبن والبلابغة بين الايجاز المجحف والطناب المفرط وشريعتنا قد تكلفت بيان ميزان الاعتدال فى كل ترغيب وترهيب وحال وحكم وصفة وخلق حتى عينت للمذمومة مصارف اذا استعملت فيها كانت محمودة كالمنع للّه والبغض للّه. والمستقيم على اقسام منها مستقيم بقوله وفعله وقلبه ومستقيم بقلبه وفعله دون قوله اى لم يعلم احدا ولهذين الفوز والاول اعلى ومستقيم بفعله وقوله دون قلبه وهذا يرجى له النفع بغيره ومنها مستقيم بقوله وقلبه دون فعله ومستقيم بقوله دون فعله وقلبه ومستقيم بقلبه دون قوله وفعله ومستقيم بفعله دون قوله وقلبه وهؤلاء الاربعة عليهم لا لهم وان كان بعضهم فوق بعض ولبس المراد بالاستقامة بالقول ترك الغيبة والنميمة وشبههما فان الفعل يشتمل ذلك. انما المراد بها ارشاد لغير الى الصراط المستقيم وقد يكون عريا مما يرشد اليه مثال اجتماعها رجل تفقه فى امر صلاته وحققها ثم علمها غيره فهذا مستقيم فى قوله ثم حضر قوتها فاداها على ما علمها محافظا على اركانها الظاهرة فهذا مستقيم فى فعله ثم علم ان مراد اللّه منه من تلك الصلاة حضور قلبه معه فاحضره فهذا مسقتيم بقلبه وقس على ذلك بقية الاقسام. وفى التأويلات النجمية ان اقسام الهداية ثلاثة. الاولى هداية العامة الحيوانات الى جلب منافعها وسل بمضارها واليه اشار بقوله تعالى { اعطى كل شئ خلقه ثم هدى } وقوله { وهديناه النجدين } والثانية هداية الخاصة اى للمؤمنين الى الجنة واليه الاشارة بقوله تعالى { يهديهم ربهم بايمانهم } الآية. والثالثة هداية الاخص وهى هداية الحقيقة الى اللّه باللّه واليله الاشارة بقوله تعالى { قل ان هذى اللّه هو الهدى } قووله { انى ذاهب الى ربى سيهدين } وقوله { اللّه يجتبى اليه من يشاء ويهدى اليه من ينيب } وقوله { ووجدك ضالا فهدى } اى كنت ضالا فى تيه وجودك فطلبتك بجودى ووجدتك بفضلى ولطفى وهديتك بجذبات عنايتى ونور هدايتى الى وجعلتك نورا فاهدى بك الى من اشاء من عبادى فمن اتبعك وطلب رضاك فنخرجهم من ظلمات الوجود البشرى الى نور الوجود الروحانى ونهديهم الى صراط مستقيم كما قال تعالى { قد جاءكم من اللّه نور وكتاب مبين يهدى به اللّه } والصراط المستقيم هو الدين القويم وهو ما يدل عليه القرآن العظيم وهو خلق سيد المرسلين صلى اللّه عليه وسلم فيما قال تعالى { وانك لعلى خلق عظيم } ثم هو اما الى الجنة وذلك لاصحاب اليمين كما قال تعالى { واللّه يدعوا الى دار السلام } الآية واما الى اللّه تعالى وهذا اللسابقين المتقربين كما قال تعالى { الى صراط مستقيم صراط اللّه } وكل ما يكون لاصحاب اليمين يحصل للسابقين وهم سابقون على اصحاب اليمين بمالهم من شهود الجمال وكشف الجلا وهذا خاصة لسيد المرسلين ومتابيعه كما قال تعالى { قل هذه سبيلى ادعوا الى اللّه على بصيرة انا ومن اتبعنى } قال الشيخ سعدى قدس سره اكر جز بحق مى رود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات |
﴿ ٦ ﴾