٣١ { وعلم آدم الاسماء كلها } وبقوله { ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدى } ليعلموا ان استعداد ملك الخلافة واستحقاقها ليس بكثرة الطاعات ةلكنه مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فلما تفاخر الملائكة بطاعتهم على آدم من اللّه تعالى على آدم بعلم الاسماء ليعلموا انهم ولو كانوا اهل الطاعة والخدمة فانه اهل العقل والمنة واين اهل الخدمة من اهل المنة فبتفاخرهم على آدم صاروا ساجدين له ليعلموا ان الحق تعالى مستغن عن طاعتهم وبمنته على آدم صار مسجودا لهم ليعلموا ان الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء وفى قوله { انى اعلم ما لا تعلمون } اشارة اخرى الى انه كما يدل عى ان لآدم فضائل لا يعلمها الملائكة فكذلك له رذائل واوصاف مذمومة لا يعلمها الملائكة لانهم لا يعلمون منه اوصافا مذمومة هى من نتائج قالبه مشتركة مع الحيوانات مودعة فى ملكوته غير اوصاف مذومة تكون من نتائج النفس الامارة عند تتتابع نظر الروح الى النفس حالة عدم استعمال الشرع من العجب والرياء والسمعة والحسد واشتراء الحياة الدنيا بالآخرة والابتداع والزيغوغة واعتقاد السوء وغير ذلك مما لا يشاركه الحيوانات فيه انتهى ما فى التأويلات { وعلم آدم الاسماء كلها } وبقوله { ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدى } ليعلموا ان استعداد ملك الخلافة واستحقاقها ليس بكثرة الطاعات ولكنهمالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فلما تفاخر الملائكة بطاعتهم على آدم من اللّه تعالى على آدم بعلم الاسماء ليعلموا انهم ولو كانوا اهل الطاعة والخدمة فانه اهل العقل والمنة واين اهل الخدمة من اهل المنة فبتفاخرهم على آدم صاروا ساجدين له ليعلموا ان الحق تعالى مستغن عن طاعتهم وبمنته على آدم صار مسجودا لهم ليعلموا ان الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء وفى قوله { انى اعلم ما لا تعلمون } اشارة اخرى الى انه كما يدل على ان لآدم فضائل لا يعلمها الملائكة فكذلك له رذائيل واوصاف مذومة لا يعلمها الملائكة لانهم لا يعلمون منه اوصافا مذومة هى من نتائج قالبه مشتركة مع الحيوانات مودعة فى ملكوته غير اوصاف مذومة تكون من نتائج النفس الامارة عند تتابع نظر الروح الى النفس حالة عدم استعمال الشرع من العجب والرياء والسمعة والحسد واشتراء الحياة الدنيا بالآخرة والابتداع والزيغوغة واعتقاد السوء وغير ذلك ما لا يشاركه الحيوانات فيه انتهى ما فى التأويلات { وعلم آدم الاسماء كلها } قال وهب بن منبه لما اراد اللّه ان يخلق آدم اوحى الى الارض اى افهمها وألهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فادخله الجنة ومنهم من يعصينى فادخله النار فقالت الارض منى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وبعث اليها جبريل عليه السلام ليأتيه بقبضة من زواياها الاربع من اسودها وابيضها واحمرها واطيبها واخبثها وسهلها وصعبها وجبلها فلما اتاها جبريل ليقبض منها قالت الارض باللّه الذى ارسلك لا تأخذ منى شيأ فان منافع التقرب الى السلطان كثيرة ولكن فيه خطر عظيم كما قيل. بدريا در منافع بيشمارست ... اكرخواهى سلامت دركنارست فرجع جبريل عليه السلام الى مكانه ولم يأخذ منها شيأ فقال يا رب حلفتنى الارض باسمك العظيم فكرهت ان اقدم عليها فارسل اللّه ميكائيل عليه السلام فلما انتهى اليها قالت الارض له كما قالت لجريل فرجع ميكائيل فقال كما قال جبريل فارسل اللّه اسرافيل عليه السلام وجاء ولم يأخذ منها شيأ وقال مثل ما قال جبريل وميكائيل فارسل اللّه ملك الموت فلما انتهى قالت الارض اعوذ بعزة اللّه الذى ارسلك ان تقبض منى اليوم قبضة يكون للنار فيها نصيب غدا فقال ملك الموت وانا اعوذ بعزته ان اعصى له امرا فقبض قبضة من وجه الارض مقدار اربعين ذراعا من زواياها الاربع فلذلك يأتى بنوه اخيافا اى مختلفين على حسب اختلاف ألوان الارض واوصافها فمنهم الابيض والاسود والاحمر واللبن والغليظ فصار كل ذرة من تلك القبضة اصل بدن للانسان فاذا مات يدفن فى الموضع الذى اخذت منه ثم صعد الى السماء فقال اللّه له أما رحمت الارض حين تضرعت اليك فقال رأيت امرك اوجب من قولها فقال انت تصلح لقبض ارواح ولذة. قال فى روضة العلماء فشكت الارض الى اللّه تعالى وقالت يا رب نقص منى قال اللّه على ان ارد اليك احسن واطيب مما كان فمن ثمه يحنط الميت بالمسك والغالية انتهى. فامر اللّه تعالى عزرائيل فوضع ما اخذ من الارض فى وادى نعمان بين مكة والطائف بعدما جعل نصف تلك القبضة فى النار ونصفها فى الجنة فتركها الى ما شاء اللّه ثم اخرجها ثم امطر عليها من سحاب الكرم فجعلها طينا لازبا وصور منه جسد آدم. واختلفوا فى خلقة آدم عليه السلام فقيل خلق فى سماء الدنيا وقيل فى جنة من جنات الارض بغر بيتها كالجنة التى يخرج منها النيل وغيره من الانهار واكثر المفسرين انه خلق فى جنة عدن ومنها اخرج كما فى كشف الكنوز وفى الحديث القدسى ( خمرت طينة آدم بيدى اربعين صباحا ) يعنى اربعين يوما كل يوم منه الف عام من اعوام الدنيا فتركه اربعين سنة حتى يبس وصار صلصالا وهو الطين المصوت من غاية يبسه كالفخار فامطرعليه مطر الحزن تسعا وثلاثين سنة ثم امطر عليه مطر السرور سنة واحدة فلذلك كثرت الهموم فى بنى آدم ولكن يصير عاقبتها الى الفرح كما قيل ان لكل بداية نهاءة وان مع العسر يسرا. ان مع العسر جو يسرش قفاست ... شاد برانم كه كلام خداست وكانت الملائكة يمرون عليه ويتعجبون من حسن صورته وطول قامته لان طوله كان خمسمائة ذراع اللّه اعلم بأى ذراع وكان رأسه يمس السماء ولم كونوا رأوا قبل ذلك صورة تشابهها فمر به ابليس فرآه ثم قال لامر ما خلقت ثم ضربه بيده فاذا هو اجوف فدخل فيه وخرج من دبره وقال لاصحابه الذي معه من الملائكة هذا خلق اجوف لا يثبت ولا يتماسك ثم قال لهم ارأيتم ان فضل هذا عليكم ما انتهم فاعلون قالوا نطيع ربنا فقال ابليس فى نفسه واللّه لا اطيعه ان فضل على ولئن فضلت عليه لأهلكنه. عاقبت كرك زاده كرك شنود ... وجمع بزاقه فى فمه وألقاه عليه فوقع بزاق الِلعين على موضع سرة آدم عليه السلام فامر اللّه جبريل فقور بزاق اللعين من بطن آدم فخفرة السرة من ثقوير جبريل وخلق اللّه من تلك القوارة كلبا ولكلب ثلاث خصال فانسه بآدم لكونه من طينه وطول سهره فى الليالى من أثر مس جبريل عليه السلام وعضه الانسان وغيره وأذاه من غير خيانة من اثر بزاق اللعين وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة وسمى بآدم لكونه من أديم الارض لانه مؤلف من أنواع ترابها ولما أراد اللّه ان ينفخ فيه الروح امره ان يدخل فيه فقال الروح موضع بعيد القعر مظلم المدخل فقال له ثانيا ادخل فقال كذلك فقال له ثالثا فقال كذلك فقال ادخلن كرها اى بلا رضى واخرج كرها ولذا لا يخرج الروح من البدن الا كرها فلما نفخه فيه مار فى رأس آدم وجبينه واذنيه ولسانه ثم مار فى جسده كله حتى بلغ قدميه فلم يجد منفذا فرجع منخريه فعطس فقال له ربه قل الحمد للّه رب العالمين فقالها آدم فقال يرحمك اللّه ولذا خلقتك يا آدم فلما انتهى الى ركبيته اراد الوثوب فلم يقدر فلما بلغ قدميه وثبت فقال تعالى وخلق الانسان عجولا فصار بشر لحما ودما وعظاما وعصبا واحشاء ثم كساه لباسا من ظفر يزداد جسده فى كل يوم وهو فى ذلك منتطق متوج وجعل فى جسده تسعة ابواب سبعة فى رأسه اذنين يسمع بهما وعينين يبصر بهما ومنخرين يجد بهما كل رائحة وفما فيه لسان يتكلم به وحنك يجد به طعم كل شئ وبابين فى جسده وهما قبله ودبره يخرج منهما ثقل طعامه وشرابه وجعل عقله فى دماغه وشرهه فى كليتيه وغضبه فى كبده وشجاعته فى قلبه ورغبته فى رئته وضحكه فى طحاله وفرحه وحزنه فى وجهه فسبحان من جعله يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ويعرف بدم فلما سواه ونفخ فيه من روحه علمه اسماء الاشياء كلها اى ألهمه فوقع فى قلبه فجرى على لسانه فما فى قلبه بتسمية الاشياء من عنده فعلمه جميع اسماء المسميات بكل اللغات بان اراد الاجناس التى خلقها وعلمه ان هذه اسمه فرص وهذا اسمه بعز وهذا اسمه كذا وعلمه احوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية وعلمه اسماء الملائكة واسماء ذريته كلهم واسماء الحيوانات والجمادات وصنعه كل شئ واماء المدن والقرى واسماء الطير والشجر وما يكون وكل نسمة يخلقها الى يوم القيامة واسماء المطعومات والمشروبات وكل نعيم فى الجنة واسماء كل شئ حتى القصعة والقصيعة وحتى الجنة والمحلب. قال فى كشف الكنوز انفق جم غفير من اهل العلم على ان الاسماء كلها توقيفية من اللّه تعالى بمعنى ان اللّه تعالى خلق لآدم علما ضروريا بمعرفة الالفاظ والمعانى وان هذه الاللاظ موضوعة لتلك المعنى. وفى الخبر لما خلق اللّه آدم بث فيه اسرار بالاحرف ولم يبث فى احد من الملائكة فخرجت الاحرف على لسان آدم بفنون اللغات فجعلها اللّه صورا له ومثلت له بانواع الاشكال. وفى الخبرعلمه سبعمائة الف لغة فلما وقع فى اكل الشجرة سلب اللغات الا العربية فلما اصطفاه بالنبوة رد اللّه عليه جميع اللغات فكان من معجزاته تكلمه بجميع اللغات المختلفة التى يتكلم بها اولاده الى يوم القيامة من العربية والفارسية والرومية والسريانية واليونانية والعبرانية والزنجية وغيرها. قال بعض المفسرين علم اللّه آدم آألف حرفة من المكاسب ثم قال قل لاولادك ان اردتم الدنيا فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين واحكام الشرائع وكان آدم حرائثا اى زرعا ونوح نجارا وادريس خياطا وصالح تاجرا وداود زرادا وسليمان كان يعمل الزنبيل فى سلطنته ويأكل من ثمنه ولا يأكل من بيت المال وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة وكان اكثر عمله صلى اللّه تعالى عليه وسلم فى البيت الخياطة. وفى الحديث ( عمل الابرار من الرجال الخياطة وعمل الابرار من النساء الغزل ) كذا فى روضة الاخيار. وقال العلماء الاسماء فى قوله تعالى { وعلم آدم الاسماء } تقتضى الاستغراق واقتران قوله كلها يوجب الشمول فكما علمه اسماء المخلوقات علمه اسماء الحق تعالى فاذا كان تخصيصه بمعرفة اسماء المخلوقات يقتضى ان يصح سجود الملائكة له فما الظن بتخصيصه بمعرفة اسماء الحق وما الذى يوجب له { ثم عرضهم على الملائكة } اى عرضها اى المسميات وانما ذكر الضمير لان فى المسميات العقلاء فغلبهم والعرض اظهار الشئ للغير ليعرف العارض منه حاله. وفى الحديث ( انه عرضهم امثال الذر ) ولعله عز وجل عرض عليهم من افراد كل نوع ما يصلح ان يكون انموذجا يتعرف منه احوال البقية واحكامها والحكمة فى التعليم والعرض تشريف آدم واصطفاؤه واظهاره الاسرار والعلوم المكنونة فى غيب علمه تعالى على لسان من يشاء من عباده وهو المعلم المكرم آدم الصفى كيلا يحتج الملك وغيره بعلمه ومعرفته وذلك رحمة اللّه التى وسعت كل شئ { فقال } اللّه عز وجل تبكيتا وتعجيزا للملائكة وخطاب التعجيز جائز وهو الامر باتيان الشئ ولم يكن اتيانه مرادا ليظهر عجز المخاطب وان كان ذيب محالا كالامر باحياء الصورة التى يفعلها المصورون يوم القيامة ليظهر عجزهم ويحصل لهم الندم ولا ينفعهم الندم { انبئونى } اى اخبرونى { باسماء هؤلاء } الموجودات { ان كنتم صادقين } فى زعمكم انكم احقاء بالخلافة ممن استخلفته كما ينبئ عنه مقالكم. ويقال هذه الآية دليل عى ان اولى الاشياء بعد علم التوحيد تعلم علم اللغة لانه تعالى أراهم فضل آدم بعلم اللغ. ودلت ايضا ان المدعى يطالب بالحجة فان الملائكة ادعوا الفضل فطولبوا بالبرهان وبحثوا عن الغيب فقرعوا بالعيان اى لا تعلمون اسماء ما تعاينون فكيف تتكلمون فى فساد من لا تعاينون فيا ارباب الدعاوى اين المعانى ويا ارباب المعرفة اين المحبة ويا ارباب المحبة اين الطاعة. قال ابو بكر الواسطى من المحال ان يعرفه العبد ثم لا يحبه ومن المحال ان يحبه ثم لا يذكره ومن المحال ان يذكره ثم لا يجد حلاوة ذكره ومن المحال ان يجد حلاوة ذكره ثم يشتغل بغيره. |
﴿ ٣١ ﴾