٩٣

{ واذ اخذنا ميثاقكم } اى العهد منكم

{ ورفعنا فوقكم الطور } اى الجبل قائلين لكم

{ خذوا ما اتيناكم بقوة } اى بجد واجتهاد

{ واسمعوا } ما فى التوراة سماع قبول وطاعة

{ قالوا } كأنه قيل فماذا قالوا فقيل قالوا

{ سمعنا } قولك ولكن لا سماع طاعة

{ وعصينا } امرك ولولا مخافة الجبل ما قبلنا فى الظاهر فاذا كان حال اسلافهم هكذا فكيف يتصور من اخلافهم الايمان : قال الفردوسى

زبد كوهران بدنباشد عجب ... سياهى نباشد بريدن زشب

زبداصل جشم بهى داشتن ... بود خاك درديده انباشتن

{ واشربوا } اى والحال انهم قد اشربوا

{ فى قلوبهم } بيان لمكان الاشراب كقوله انما يأكلون فى بطونهم نارا

{ العجل } اى حب العجل على حذف المضاف واشرب قلبه كذا اى حل محل الشراب او اختلط كما خلط الصبغ بالثوب وحقيقة اشربه كذا جعله شاربا لذلك فالمعنى جعلوا شاربين حب العجل نافذا فيهم نفوذ الماء فيما تغلغل فيه

قال الراغب من عاداتهم اذا ارادوا محاصرة حب او بغض فى القلب ان يستعيروا لها اسم الشراب اذ هو ابلغ مساغا فى البدن ولذلك قالت الاطباء الماء مطية الاغذية والادوية

{ بكفرهم } اى بسبب كفرهم السابق الموجب لذلك قيل كانوا مجسمة او حلولية ولم يروا جسما اعجب منه فتمكن فى قلوبهم ما سول لهم السامرى وجعل حلاوة عبادة العجل فى قلوبهم مجازاة لكفرهم

وفى القصص ان موسى عليه السلام لماخرج الى قومه امر ان يبرد العجل بالمبرد ثم يذرى فى النهر فلم يبق نهر يجرى يومئذ الا وقع فيه منه شىء ثم قال لهم اشربوا منه فمن بقى فى قلبه شىء من حب العجل ظهرت سحالة الذهب على شاربه

{ قل } توبيخا لحاضرى اليهود اثر ما بين احوال رؤسائهم الذين بهم يقتدون فى كل ما يأتون ويذرون

{ بئسما } بئس شيأ

{ يأمركم به } اى بذلك الشىء

{ ايمانكم } بما انزل عليكم من التوراة حسبما تدعون والمخصوص بالذم محذوف اى ما ذكر من قولهم سمعنا وعصينا وعبادتهم العجل وفى اسناد الامر الى الايمان تهكم بهم واضافة الايماء اليهم للايذان بانه ليس بايمان حقيقة كما ينبئ عنه قوله تعالى

{ ان كنتم مؤمنين } بالتوراة واذ لا يسوغ الايمان بها مثل تلك القباح فلستم بمؤمنين بها قطعا فقد علم ان من ادعى انه مؤمن ينبغى ان يكون فعله مصدقا لقوله والا لم يكن مؤمنا

قال الجنيد قدس سره التوحيد الذى تفرد به الصوفية هو افراد القدم عن الحدوث والخروج عن الاوطان وقطع المحارب وترك ما علم وما جهل وان يكون الحق سبحانه مكان الجميع

طالب توحيدرا بايد قدم برلازدن ... بعد ازان درعالم وحدت دم الا زدن

قال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم لما دخل على يعقوب النبى عليه السلام مبشر يوسف عليه السلام وبشره بحياته قال له يعقوب على اى دين تركته قال على دين الاسلام قال يعقوب عليه السلام الآن قد تمت النعمة على يعقوب

واعلم ان التوحيد اصل الاصول ومناط القبول ومكفر الخطايا ومستجلب العطايا حكى ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يحب اسلام دحية الكلبى لانه كان تحت يده سبعمائة من اهل بيته وكانوا يسلمون باسلامه وكان يقول ( اللّهم ارزق دحية الكلبى الاسلام ) فلما اراد دحية الاسلام اوحى اللّه الى النبى عليه السلام بعد صلاة الفجر ان يا محمد ان اللّه يقرؤك السلام ويقول ان دحية يدخل عليك الآن وكان فى قلوب الاصحاب شىء من دحية من وقت الجاهلية فلما سمعوا ذلك كرهوا ان يمكنوا دحية فيما بينهم فلما علم ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كره ان يقول لهم مكنوا دحية وكره ان يدخل دحية فيوحشوه فيبرد قلبه عن الاسلام فلما دخل دحية المسجد رفع النبى صلى اللّه عليه وسلم رداءه عن ظهره وبسطه على الارض بين يديه فقال دحية ههنا واشار الى ردائه فبكى دحية من كرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ورفع رداء وقبله ووضعه على رأسه وعينيه وقال ما شرائط الاسلام اعرضها على فقال ( ان تقول اولا لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) فقال دحية ذلك ثم وقع البكاء على دحية فقال عليه السلام ( ما هذا البكاء وقد رزقت الاسلام ) فقال انى ارتكبت خطيئة وفاحشة فقل لربك ما كفارته ان امرنى ان اقتل نفسى قتلتها وان امر ان اخرج من جميع مالى خرجت فقال عليه السلام ( وما ذلك يا دحية ) قال كنت رجلا من ملوك العرب واستنكفت ان تكون لى بنات لهن ازواج فقتلت سبعين من بناتى كلهن بيدى فتحير النبى عليه السلام فى ذلك حتى نزل جبريل فقال ( يا محمد ان اللّه يقرؤك السلام ويقول قل لدحية وعزتى وجلالى انك لما قلت لا اله الا اللّه غفرت لك كفر ستين سنة وسيآتك ستين سنة فكيف لا اغفر لك قتل البنات ) فبكى عليه السلام واصحابه فقال عليه السلام ( الهى غفرت لدحية قتل بناته بشهادة ان لا اله الا اللّه مرة واحدة فكيف لا تغفر للمؤمنين بشهادات كثيرة وبقول صادق وبفعل خالص ) وفى المثنوى

اذكروا اللّه كاره اوباش نيست ... ارجعى برباى هرقلاش نيست

قال السعدى :

كر بمحشر خطاب قهر كند ... انبيارا جه جاى معذرتست

برده ازروى لطف كوبردار ... كاشقيارا اميد مغفر تست

﴿ ٩٣