١٠٣ { ولو انهم } اى اليهود { آمنوا } بالقرآن والنبى { واتقوا } السحر والشرك { لمثوبة } مفعلة من الثواب وثاب يثوب اى رجع وسمى الجزاء ثوابا لانه عوض عمل المحسن يرجع اليه وهو مبتدأ جواب لو والتنكير للتقليل اى شئ قليل من الثواب كائن { من عند اللّه خير } خبر المبتدأ واصله لأثيبوا مثوبة من عند اللّه خير مما شروا به انفسهم فحذف الفعل وغير السبك الى ما عليه النظم الكريم دلالة على اثبات المثوبة لهم والجزم بخيريتها وحذف المفضل عليه اجلالا للمفضل من ان ينسب اليه { لو كانوا يعلمون } ان ثواب اللّه خير ومجرد العلم باللسان لا ينفع بدون ان يصل التأثير الى القلب ويظهر ذلك التأثير بالمسارعة الى الاعمال الصالحة والاتباع للكتاب والسنة فمن امر السنة على نفسه اخذا وتركا حبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة قال الشيخ ابو الحسن كل علم يسبق لك فيه الخواطر وتتبعها الصور وتميل اليه النفوس وتلذ به الطبيعة فارم به وان كان حقا وخذ بعلم اللّه الذى انزله على رسوله واقتد به وبالخلفاء والصحابة والتابعين من بعده والائمة المبرئين من الهوى ومتابعته تسلم من الظنون والشكوك والاوهام والدعاوى الكاذبة المضلة عن الهدى وحقائقه وماذا عليك ان تكون عبد اللّه ولا علم ولا عمل بلا اقتداء وحسبك من العلم العلم بالوحدانية ومن العمل محبة اللّه ومحبة رسوله ومحبة الصحابة واعتقاد الحق للجماعة قال بعض العلماء زيادة العلم فى الرجل السوء كزيادة الماء فى اصول الحنظل كلما ازداد ريا ازداد مرارة ومثل من تعلم العلم لاكتساب الدنيا وتحصيل الرفعة فيها كمثل من رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما اشرف الوسيلة وما اخس المتوسل اليه والذى يحمل العبد على تعليم ما لا يليق به وذكر ما يجب صونه انما هو ايثار الدنيا على الآخرة لكن اللّه تعالى يقول { وما عند اللّه خير وابقى } فان اردت ان تعرف قدرك عند اللّه فانظر فيماذا يقيمك وذلك لان الاعمال علامات والاحوال كرامات والكرامات دليل والعلوم وسائل وقد جاء ( من سره ان يعرف منزلته عند اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه فى قلبه فان اللّه ينزل العبد عنده حيث انزله العبد من نفسه ) والانسان نسخة آلهية قابلة للواردات الآلهية فالنصف الاسفل منه بمنزلة الملك والنصف الاعلى بمنزلة الملكوت وبعبارة اخرى الطبيعة والنفس بمنزلة الملك والروح والسر بمنزلة الملكوت فاذا قطع العلائق بالعبادة الحقانية يتصرف فى عالم الملك والملكوت اللذين فى ملك وجوده وهو باب الملك والملكوت اللذين فى الخارج واعلم ان وصلة العلماء على قدر علمهم واستدلالهم ووصلة الكمل على قدر مشاهدتهم وعيانهم لكن لاعلى وجه مشاهدة سائر الاشياء فانه تعالى منزه عن الكيف والاين بل هى عبارة عن ظهور الوجود الحقيقى عند اضمحلال وجود الرائى وفنائه واول ما يتجلى للسالك الافعال ثم الصفات واما تجلى الذات فلا يتيسر الا للآحاد فهو لا يكون الا بمحو الوجود وافنائه لكن ذلك الفناء عين البقاء وعن ابى يزيد البسطامى قدس سره كنت اعلم الاخلاص لبعض الفقراء وهو يعلمنا الفناء : قال السعدى تراكى بود جون جراغ التهاب ... كه ازخود برى همجو قنديل ازآب |
﴿ ١٠٣ ﴾