١٧٤ { ان الذين } نزلت فى احبار اليهود فانهم كانوا يرجون ان يكون النبى المنعوت فى التوراة منهم فلما بعث اللّه نبينا محمدا عليه السلام من غيرهم غيروا نعته حتى اذا نظر اليه السفلة يجدونه مخالفا لصفة محمد عليه السلام فلا يتبعونه فلا تزول رياستهم { يكتمون ما انزل اللّه من الكتاب } حال من العائد المحذوف اى انزل اللّه حال كونه من الكتاب وهو التوراة المشتمل على نعت محمد عليه السلام { ويشترون به } اى بدل المنزل المكتوم { ثمنا قليلا } اى يأخذون عوضا حقيرا من الدنيا يعنى المآكل التى يصيبونها من سفلتهم { اولئك ما يأكلون فى بطونهم الا النار } اما فى الآخرة فظاهر لانهم لا يأكلون يوم القيامة الاعين النار عقوبة لهم على اكلهم الرشوة فى الدنيا واما فى الدنيا فبأكل سببها فان اكلهم ما اخذوه من اتباعهم سبب مؤد الى ان يعاقبوا بالنار فاطلاق النار عليه من قبيل اطلاق اسم المسبب على السبب ومعنى فى بطونهم ملئ بطونهم يقال اكل فى بطنه واكل فى بعض بطنه يعنى ان المقصود من ذكر بطونهم متعلقا بقوله يأكلون انما هو بيان محل الاكل ومقر المأكول فلما لم يقل يأكلون فى بعض بطونهم علم ان محل الاكل هو تمام بطونهم فلزم امتلاءها ففيه مبالغة كأنهم ما كانوا متكئين على البطون عند الاكل فملأوا بطونهم { ولا يكلمهم اللّه يوم القيمة } اى لا يكلمهم اللّه بطريق الرحمة غضبا عليهم فليس المراد به نفى الكلام حقيقة لئلا يتعارض بقوله تعالى { فوربك لنسألنهم اجمعين } ونحوه بل هو كناية عن الغضب لان نفى الكلام لازم للغضب عرفا وعادة الملوك عند الغضب انهم يعرضون عن المغضوب عليهم ولا يكلمونهم كما انهم عند الرضى يتوجهون اليهم بالملاطفة { ولا يزكيهم } لا يثنى عليهم ولا يطهرهم من دنس الذنوب يوم يطهر المؤمنين من ذنوبهم بالمغفرة { ولهم عذاب اليم } وجع دآئم مؤلم |
﴿ ١٧٤ ﴾