٢١١ { سل } أمر للرسول عليه السلام بالسؤال او لكل أحد يصلح ان يخاطب { بنى اسرائيل } يعنى هؤلاء الموجودين فى عصرك من رؤساء بنى اسرائيل { كم آتيناهم } اى آتينا آبائهم واسلافهم { من آية بينة } اى معجزة ظاهرة على ايدى انبيائهم لا يخفى على المتفكر أنها من عند اللّه كالعصا واليد البيضاء وانزال المن والسلوى وغيرها او المراد آيات كتبهم الشاهدة على صحة دين الاسلام. قوله كم آتيناهم محل هذه الجملة النصب او الخفض على انها مفعول ثان للسؤال فانه يتعدى الى مفعولين الى الول بنفسه والى الثانى بحرف الجر اما عن واما الباء نحو سألته عن كذا وبكذا قال اللّه تعالى { فاسأل به خبيرا } وقد يحذف حرف الجر فمن ثمة جاز فى محل كم النصب والخفض بحسب التقديرين وتمييزكم من آية بينة والاحسن اذا فصل بين كم ومميزها ان يؤتى بمن وهذا السؤال سؤال تقريع وتبكيت كما يسأل الكفرة يوم القيامة وتقرير لمجيئ البينات فكم استفهامية خبرية وليس المراد حقيقة الاستفهام { ومن يبدل } التبديل تصيير الشىء على غير ما كان عليه اى يغير { نعمة اللّه } التى هى آياته الباهرة فانها سبب للّهدى الذى هو أجل النعم وتبديلهم اياه أن اللّه اظهرها لتكون اسباب هداهم فجعلوها اسباب ضلالتهم فكفروا بها وتركوا الشكر عليها { من بعد ما جاءته } اى من بعد ما وصلت اليه وتمكن من معرفتها والتصريح بذلك مع ان التبديل لا يتصور قبل المجيئ للاشعار بانهم قد بدلوها بعد ما وقفوا على تفاصيلها { فان اللّه شديد العقاب } تعليل للجواب كأنه قيل ومن يبدل نعمة اللّه عاقبه أشد عقوبة فانه شديد العقوبة لمن بدل النعمة فى الدنيا والآخرة وقد عاقبهم فى الدنيا بالقتل وذلك فى بنى قريظة وبالاجلاء وذلك فى بنى النضير ويوم القيامة يعذبون فى السعير قال ابن التمجيد وتبديل النعمة جرم بغير علم ومع العلم اشد جرما ولذلك كان وعيد العلماء المقصرين أشد من الجاهلين بالاحكام لان الجهل قد يعذر به وان كان الاعتذار به غير مقبول فى باب التكاليف |
﴿ ٢١١ ﴾